ناصر أبو عون
إنَّ التحول إلى (رقمنة) التعاملات اليومية للإنسان المعاصر بالاعتماد على الأنظمة المحوسبة أصبح ضرورة ومكمِّلا للمشهد اليومي الذي يعيشه الإنسان المعاصر، لتحقيق (الاستخدام التكاملي الفعال لجميع تقنيات المعلومات والاتصالات، لتسهيل وتسريع التعاملات بدقة عالية داخل الجهات الحكومية (حكومة- حكومة [g-g]) وبينها وبين تلك التي تربطها بالأفراد (حكومة- فرد g”-“c)، وقطاعات الأعمال (حكومة-أعمال g”-“b). فبعد أن كانت الحواسيب لا تعالج سوى البيانات أصبحت اليوم تعالج الصوت والصورة والفيديو والوسائط الإعلامية بنفس القدر من السهولة، حتى إنه أمكن النظر إليها على أنها تكنولوجيا العصر التي تقف وراء العديد من التحولات التي تقع في ذلك العصر. ومع دخول العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين بدأ الاعتماد كليا على شبكة المعلومات الدولية كأحد مصادر المعرفة نظرا لتمتعها بسرعة نقل الوثائق والمعلومات مما أفقد وسائط الأرشفة والتخزين التقليدية التقليدية كثيرا من مساحة التأثير كمصدر للمعرفة. كما نجح تطبيق نظام الحكومة الإلكترونية في أن يكون (أرشيفًا) مفتوحا ومجانا على مدار الساعة للكثير من الوثائق والصور والمعلومات وما يوفره من خدمات النسخ والطباعة وهو ما كان يمثل مشكلة لدى الجمهور في إنجاز المعاملات اليومية بسبب جمودية نظام الأرشفة القديم والتعاملات الورقية التي كانت تستغرق وقتا أطول ويتسبب في ضياع وهلاك كثير من وثائق المواطنين والوثائق الحكومية والتاريخية النادرة نتيجة اعتماده على طرائق تخزين تقليدية صعبة المراس.
حلول لإشكاليات عديدة
ويبدو أن النسيج المعرفي الملتزم عضويا والمتكامل وظيفيا والجامع لكل من (الإنترنت والإدارة والاقتصاد الثقافة والمستقبل) في حياة الإنسان المعاصر.. يؤدي دورا مهما وأساسيا متزايدا مع مختلف نواحي هذه الحياة: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإدارية والإعلامية وغيرها، إذ أن الثورة الرقمية المعاصرة بوسائلها ومنجزاتها الاتصالية والمعرفية، والإنترنت منها على وجه الخصوص، قد غيرت وجه العالم على نحو آخر جديد من القيم الحضارية التي بدأت تصنع مستقبلا مختلفا من المبادئ والأنماط والسياقات والعلاقات في الحياة الإنسانية وأنشطتها المختلفة التي أصبحت تمر تدريجيا عبر الكمبيوتر والإنترنت وتنأى تدريجيا عن الطرق والأنماط والعلاقات التقليدية السائدة في هذه الأنشطة والمجالات.
ولم تكن مشكلة الوسائل التقليدية في المعاملات اليومية والحكومية مع جمهور المواطنين تكمن في المعلومات ونموها المذهل على الورق، إنما كانت المشكلة تكمن حقيقة في العجز عن إدارة المعلومات والعجز عن تخزينها بما يتيح الوصول إليها بطريقة فعالة، ومن ثم فقد برز الحل في التخزين الإليكتروني للمعلومات وإدارتها واستدعائها بشكل أفضل وسريع.
وفي ضوء الثورة الناتجة عن تقنية الاتصال وتطورها لم يعد هناك ما يحول دون استخراج وتخزين ونشر المادة الورقية المطبوعة إلكترونيا، وقد غدا من السهل تماما نقل الكلمات والصور باستخدام الكمبيوتر الشخصي أو شبكات التلفاز التفاعلي ، وأضحى (طريق المعلومات فائق السرعة) هو قناة تغذية المعلومات لمنازلنا ومكاتبنا، وأصبح من الحقائق المسلّم بها أن تحل البنية الأساسية للتكنولوجيا محل الورق.
لقد وفر الفضاء الإلكتروني الذي شاع وصفه بالإنترنت بيئة عمل جديدة للنص المطبوع التقليدي أيا كان ليكون وعاءً إلكترونيا يتميز بعدد من الصفحات التي تعجز المطبعة التقليدية عن توفيرها ، ومثال ذلك دمج المعلومة الخبرية بالصور والملفات الصوتية والمرئية ، إضافة إلى ربط هذه المعلومة من خلال الوصلات التلقائية (Links)، هذا بالإضافة إلى الفورية في النشر وكذلك إمكانية تحرير الخبر أو تحديثه في أي وقت، إلى جانب العديد من المزايا الأخرى.
مزايا وإمكانات تقنية
ومع استقرار قواعد مجتمع المعلومات وزيادة عدد مستخدمي الإنترنت، وانخفاض رسومها، وتحسن البنية الأساسية للاتصالات، وزيادة عدد الحواسيب الشخصية مقارنة بعدد السكان، توسعت دائرة الإقبال على الإنترنت من حيث كونها قناة متميزة لتدفق المعلومات.
وكل التطورات التي يشهدها قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات تمهد الطريق أمام أعداد كبيرة من الناس ليتحولوا إلى البيئة الإلكترونية، للحصول على المعلومات التي قد تكون متوفرة في أوعية أخرى تقليدية، ورقية كانت أم إلكترونية؛ حيث تتمتع أنظمة الحكومة الإلكترونية بالعديد من المزايا والإمكانات فخلافا لتوفير الوقت والجهد المبذور فإن أرشيفها يتمتع بسعة عالية للتخزين وإتاحة الملفات على مدار الساعة وهو ما تفتقد إليه الوسائل التقليدية في التعامل مع الجمهور. هذا بالإضافة إلى الاستفادة من تكنولوجيا الاتصالMultimedia وتطبيق للبرامج التي توفر قراءة الوثائق على أجهزة الاندرويد بالإضافة إلى استخدامها لتقنية جديدة لا تتمتع بها الأرشيفات التقليدية وهي ما اصطلح على تسميته بـ(النص الفائق) الذي يجمع بين ( الصوت والحركة والكتابة). بل تفوقت هذه الأنظمة على الطرائق التقليدية في سرعة نقل المعلومات والمصداقية وقابليتها للتفاعل والتحديث على مدار الساعة.
وإن من الآثار المترتبة والمهمة التي أحدثتها نُظم الحكومة الإلكترونية خلافا لتحرر الإنسان من قيود الروتين اليومي والنظم الورقية التقليدية يمكن ذكر ما يلي:
1- تسهيل الحصول على المعلومات الحية وقت حدوثها ومن مصادرها مباشرة.
2- تسهيل إيصال الوثائق إلى الجمهور بصورتها الواقعية.
3- إمكانية إيصال المعلومات بنصها وصورها إلى أي مكان حول العالم.
نحو حكومة إلكترونية متكاملة
تعتمد منظومة الحكومة الإلكترونية التي تنتشر في بيئة الإنترنت على طبيعة البنية التحتية للمعلومات والاتصالات في ترسيخ انتشارها داخل حدود المجتمع المعلوماتي. وقد ظهرت في الآونة الأخيرة معايير متعددة لتحديد مستوى البنية التحتية للمعلومات والاتصالات التي تتوفر على مستوى البلدان، او المجتمعات، وأضحت هذه المعايير مقياسا يعتمد عليه في تحديد قدرة الحكومات الوطنية على ممارسة الأنشطة الرقمية والتكيف مع طبيعة النظام السائد في شبكة الإنترنت بعد أن يكون قد اجتاز عقبة ترسيخ أسس مجتمع معلومات يتم خلاله تداول مختلف مستويات الخدمات، والمنتجات العلمية والاقتصادي الرقمي. وبصورة عامة فإن تأثير تقنيات المعلومات والاتصالات ينصب على منظومات المجتمع الرقمي المعاصر في وقتنا الراهن على ثلاثة محاور رئيسة: هي الاقتصاد والمجتمع والمعرفة ويسعى العاملون في هذه الميادين إلى صياغة معايير لوصف طبيعة العلاقة القائمة بين متغيرات هذه العوامل بأساليب كمية. حيث أحدث إدماج التكنولوجيا الاتصالية الحديثة في المؤسسات الحكومية، تغييرات عميقة في البنيان التنظيمي لهذه المؤسسات. ففي مرحلة أولى، بدأت مع مطلع الثمانينيات من القرن العشرين، تم الأخذ بالكثير من الرؤى التحديثية، تمثلت أساسا في استثمار المعلوماتية عموما والتطبيقات البرمجية الإخراجية ورقمنة الصور تحديدا في المؤسسات الحكومية. وفي مرحلة لاحقة، بدأت منذ منتصف التسعينيات، لم تعط الإنترنت دفعا في تسريع التحديث التكنولوجي فقط ، بل تجاوزته إلى إحداث تغييرات في التعاملات الجماهيرية اليومية.