يقيم “قصر النور” Palais de la lumière بمدينة إيفيان الفرنسية (تقع ضمن إقليم سافوا العليا أحد أقاليم رون الألب، وتطل على بحيرة ليمان أحدى أكبر البحيرات الأوروبية) معرضا استثنائيا حول الرسام الكبير مارك شاغال، يدوم إلى غاية الثاني نوفمبر 2014 ، حيث يقدم أكثر من 300 لوحة معظمها تعرض لأول مرة، وتخص في أغلبها تلك التي رسمها بالأبيض والأسود مرورا ببعض اللوحات الملونة، وتتناول بعض الجوانب الأقل شهرة.
ولد الفنان الفرنسي في صيف 1887 في بيلاروسيا، ويعتبره النقاد واحدا من أبرز الفنانين الذين استقروا بباريس، وعملوا فيها خلال القرن الماضي، إلى جانب الفنانين الكبيرين بيكاسو ودالي. وهو مثلهما، لم يكتف بالرسم، بل مارس النحت والتلوين على الزجاج وحتى كتابة الشعر، وتوفي في فرنسا سنة 1985.
اشتهر بعمله المكثف والفريد، لأنه رسم خارج قواعد الفن الحديث، والذي اجتاز القرن العشرين بأكمله. كان شاغال مثل تلك “الكيمياء والفنان الحرة’ كما يؤكد على ذلك الكثير ممن اهتموا بأعماله، لأن أعماله تتسم بعوالم سحرية، فالمعرض يقدم لوحات الرسام التي نتابع من خلالها التطور الذي طبع أعماله، واضعا إياها في السياق العام لعمل هذا الفنان الكبير واقترابه من اللوحة. خاصة وأنه اهتم بمسألة الطباعة، حيث قضى 30 عامًا في اكتشاف أداة الجرافيك التي تصلح بشكل كبير للاستخدام في التمثيل اللوني. هذا بالإضافة إلى أن تشارلز سورلييه أصبح واحدًا من أقرب أصدقاء شاغال ومساعده ومستشاره الخاص حتى يوم وفاته.
كما تم العثور على بعض التراكيب التي كان يستعملها في عمله، وهي عبارة عن فنان مزج سيرته الذاتية بتلك الشخصيات البهلوانية التي اهتم بها وطبعت القرن العشرين. وكان معروفا عليه اهتمامه بتصوير المشاهد الدينية، إذ أبدع في العشرات من الأعمال الفنية التي تستند في مضامينها إلى قصص من الإنجيل والعهد القديم.
كما يعتبره النقاد أنه من أبرع من رسم الخيال الفانتازيّ، بحكم أنه كان يحيك بالطيوف الخياليّة خطوط ألوانيّة باللوحات، كما اعتمد على نسج الذكريات ورسمها بلوحاته بكلّ احساس مرهف وشفافيّة روح تحنّ لأيامها. كان يرى الأشياء بعين خياليّة تولج الحاضر بالماضي. هذا ويتميز برسم “كائنات خرافية وحيوانات طائرة ومخلوقات هجينة نصفها إنسان ونصفها الآخر وحش. ويُفترض أن الرسّام رأى هذه المخلوقات أو تَمثّلها في صور الشياطين المرسومة في الأيقونات والتماثيل العائدة للعصور الوسطى ” كان شاغال مفتونا بهذه النوعية من الصور الخليطة أو المهجّنة التي تمزج صورة الإنسان والحيوان معا.
يقدم هذا المعرض مجموعة من الأعمال الحجرية التي جمعها تشارلز Sorlier، المساعد الأمين لشاغال، هذا فضلا عن مجموعة من أعمال جيرار كريمر أحد الساهرين على مؤسسة شاغال.
من أهم السمات التي تميز لوحات مارك شاغال تلك المسحة من السريالية والفانتازيا التي تخاطب اللاوعي، وميل الفنان إلى تضمين أعماله بعض اللمسات الشاعرية التي لا تخلو من غرابة أحياناً.
كل ما تنشره "أثير" يدخل ضمن حقوقها الملكية ولا يجوز الاقتباس منه أو نقله دون الإشارة إلى الموقع أو أخذ موافقة إدارة التحرير. --- Powered by: Al Sabla Digital Solutions LLC