أثير – سيف المعولي
ضمن اصدارات مؤسسة جداول للنشر والترجمة والتوزيع (بيروت) المعروضة في معرض الشارقة للكتاب 2014 تأتي ترجمة الشاب العماني أحمد حسن المعيني لكتاب ” الفُرس: إيران في العصور القديمة والوسطى والحديثة” لمؤلفه هوما كاتوزيان لتكون احد مظاهر التقارب الفكري والثقافي بين عمان وايران خصوصا وانها تأتي في وقت تحتضن فيه السلطنة المفاوضات حول الملف النووي الايراني.
الكتاب الذي يقع في 623 صفحة جاء على غلافه:
” يقدّم هوما كاتوزيان في هذا الكتاب منظورا نقديًا للتاريخ الإيراني بكل مكوّناته، بدءًا من الامبراطورية الفارسية القديمة وحتى إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد رئيسا عام 2009م، بيد أنّ ما يتميّز به هذا المنظور عن غيره هو أنه إيراني، “من الداخل” لا من الغرب. ويأتي هذا الكتاب في وقتٍ تتصدّر فيه إيران المشهد، سواء بسبب حكومتها الدينية أو برنامجها النووي أو الدور المثير للجدل الذي تلعبه في شؤون الشرق الأوسط. ولعلّ من المفيد –إن لم يكن من الضروري- أن يُلحَق بهذه الصورة تأريخٌ رصين يتجاوزها ويحاول في الوقت نفسه أن يضعها في سياقٍ تاريخي واجتماعي يعمّق فهمها. وفي حين يسعى المؤلف إلى الإحاطة بأهمّ الأحداث والشخصيات في سرده التاريخي، إلا أنه يدمج هذا السرد بتحليل أكاديمي رصين يؤطر القصة التاريخية، فيكشف العلاقة الجدلية بين الدولة والمجتمع في إيران على مرّ العصور، تلك العلاقة التي يغلّفها شكّ وخوف متبادلان أفضيا إلى سلطةٍ مُطلقة و/أو استبدادية، ومجتمعٍ يتّسم في تفكيره وسيرورته بقصر الأجل. ويفيد الغوص في الميثولوجيا الإيرانية في التعرّف إلى مشروعية الحُكم في ذهنية الشعب الإيراني والدوافع التي تؤطر موقفه من الدولة؛ فلماذا مثلا يلجأ المجتمع إلى التقاليد حين تتبنى الدولة خطابا تحديثيا، ولماذا تستعر القومية الفارسية حين تحتمي الدولة خلف الأيديولوجيا الإسلامية”
وللحديث عن أهمية ترجمة الكتاب الى العربية التقت ” أثير” المترجم احمد المعيني الذي قال :” تتجلى أهمية الترجمة العربية لهذا الكتاب في أنها تسدّ ثغرة كبيرة في المكتبة العربية التي تخلو حتى الآن من تأريخ شامل لإيران، ونظرةٍ فاحصة في إرثها السياسي والاجتماعي الذي لا يمكن فصله عن الشأن السياسي لما بعد الثورة الإسلامية.”
مضيفا في حديثه عن الأهمية :” انه شامل؛ بمعنى أنه تأريخ لإيران على مرّ عصورها، بدءا من الامبراطورية الفارسية القديمة وحتى العصر الحديث.
كذلك هو لا يكتفي بسرد الأحداث التاريخية، وإنما يضعها في سياقها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، إلى جانب أنه يقدّم رؤية نقدية في هذا التاريخ عبر تسليط الضوء على مفهوم “شرعية الحكم” في الذهنية الإيرانية من جهة، والعلاقة الجدلية بين السلطة الاستبدادية والمجتمع ذي التفكير العشوائي قصير الأجل من جهةٍ أخرى، إذ إنّ سقوط الشرعية (لانتفاء العدل) في نظر المجتمع الإيراني كان دوما حافزا للتمرد على السلطة فكريا وثقافيا، ثم عن طريق العنف إن تهيأت الظروف، ويكون الهدف الأسمى للمجتمع هو التخلص من الحُكم الاستبدادي المطلق واستبداله بحكم آخر (قد يكون أسوأ) دون أن يملك بالضرورة خطة لما بعد ذلك، فيتكرر المنوال.
كما أنّ هذا التأريخ والنقد يأتي من شخص إيراني مطّلع على مختلف العوامل المؤثرة والمساهمة في الحدث التاريخي/السياسي، إضافة إلى قربه من الذهنية التي صنعت ذلك التاريخ، ولكنه في الوقت نفسه يستطيع ان يخرج نفسه من الدائرة الداخلية التي تضيّق عليه رؤية الأمور بموضوعية قدر الإمكان
واخيرا تفتقر المكتبة العربية إلى محاولات جادة لوضع تأريخ شامل لإيران، وهذا مهمّ كي نفهم هذه الدولة الجارة والذهنية التي تنطلق منها على المستويين الشعبي والرسمي.”