باريس – الطيب ولد العروسي
عرض مساء الأحد الماضي 24 نوفمبر بسينما “ماجستيك” بمدينة “بوبيني” ضواحي باريس فيلم للمخرج الجزائري سعيد ولد خليفة، حول أحد أبطال الثورة الجزائرية، وهو أول جزائري ينفذ فيه حكم الإعدام بالمقصلة، وذلك بقرار من السلطات الاستعمارية الفرنسية. يتناول الفيلم الذي يدوم 90 دقيقة، تلك الشخصية الاستثنائية والتاريخية التي ألهمت الكثير من الثوار في العالم، كما ألهمت شاعر الثورة الجزائرية مفدي زكريا ليقول فيه قصيدة بعنوان “الذبيح الصاعد” مطلعها:
قام يختال كالمسيح وئيدا يتهادى نشوانَ، يتلو النشيدا
باسمَ الثغر، كالملائك، أو كالطفل، يستقبل الصباح الجديدا
شامخاً أنفه، جلالاً وتيهاً رافعاً رأسَه، يناجي الخلودا
غدت هذه الأبيات نشيدا يحفظه كل السجناء ويرددونه حينما تقرر السلطات إعدام أحد المجاهدين، ومن ضمنهم “زبانة” الذي كان حلمه الوحيد وهو شاب، أن يصبح لاعب قرة قدم، لكنه حلم لم يتحقق، لأنه اختار (مكان حلمه) الواجب الوطني، ملبيا بذلك نداء ثورة التحرير الجزائرية التي اندلعت يوم 1 نوفمبر- تشرين الثاني عام 1954 ، حيث استشهد من أجل حرية وطنه.
اعتبر المخرج سعيد بن خليفة أن القصد من هذا العرض لفيلم “زبانة” هو يعد بمثابة “انطلاقة” لجولة تحمله عبر الكثير من المدن الفرنسية، لعرض الفيلم ومناقشته مع الرأي العام الفرنسي والجالية الجزائرية والمغاربية والعربية وغيرهم، المقيمة بفرنسا بمعاناة الجزائريين في كفاحهم ضد الاستعمار. كما تمنى أن يعرض في القناة التلفزيونية الجزائرية على شكل مسلسل ـ كون أن هذا الفيلم تم إنجازه بأموال عمومية جزائرية، “ومن حق الشعب الجزائري أن يشاهده على التلفزيون”.
تم عرض هذا الفيلم ” في إطار المهرجان الدولي الثالث عشر لسينما “ريزونونس” المنظم بمدينة “بوبنيي”، شمال شرق باريس”.
تجدر الإشارة إلى أن الزعيم أحمد زبانة (اسمه الحقيقي: أحمد زهانة)، مناضل وشهيد ولد بمدينة “زهانة” بالغرب الجزائري سنة 1926 ، تم سجنه والحكم عليه بالإعدام في 21 أفريل/ نيسان، سنة 1955 من طرف المحكمة العسكرية بوهران، حيث تم تنفيذ الحكم عليه يوم 19 يونيو 1957 على الساعة الرابعة صباحا بواسطة آلة المقصلة الرهيبة، وكان أول مناضل ومجاهد جزائري ينفذ فيه هذا النوع من الإعدام. كان لهذه العملية انعكاسات وصدى واسع على المستوى الوطني والعالمي، حيث خصص الإعلام بمختلف وسائله في ذلك الوقت حيزا كبيرا لها، مما أعطى للثورة سمعة دولية، وترك الكثير من المفكرين والكتاب والمناضلين يلتحقون بها أو يتوجهون الى تشكيل جمعيات مساندة لفضح الممارسات الاستعمارية البشعة ضد الجزائريين، فالتف حولها المتطلعون الى الحرية وحقوق الإنسان.