صدر للشاعر الفرنسي إيف لوتورنار Yves Letourneur ، صاحب المواقف المؤيدة للقضايا العربية، حيث دفع سنوات شبابه منفيا فيما يسمى “ببلدان ما وراء البحار” من أجل رفضه للخدمة العسكرية أيام ثورة التحرير الجزائرية، وأن لا يشارك في الفعل الاستعماري الإجرامي، ولا زال يضم صوته لكل المهضومة حقوقهم، حيث عنون كتابه “الزيتونة التي نخلعها وهي تبكي أرضها”، ورمز الزيتونة له دلالة كبيرة في الذاكرة الفلسطينية، ولذا فإن اختياره لهذا العنوان هو اختيار واعي ومتابع لما يعيشه الإنسان الفلسطيني من تهجير وعزل وإبعاد.
تجدر الإشارة إلى أن الشاعر قد أهدى ديوانه إلى كل من المناضل مروان البرغوثي الفلسطيني القابع في سجون الاحتلال والذي يعتبر مثالا ملموسا للصمود، وإلى محمود درويش الذي كرس حياته لقضية شعبه وكان خير سفير لها في المؤسسات الثقافية في العالم.
لقد تابع الشاعر إيف لوتورنار الوقائع الأليمة للأحداث المأساوية “على أرض فلسطين ” الصيف القاتل عام 2014 غزة”، حيث كان يتابعها بشكل يومي عبر التلفزيون وكل وسائل الإعلام يكتب يوميا قصيدة تعبر عن إرهاصاته وآلامه، وهي تعتبر بمثابة شهادة فريدة من نوعها في هذا المجال، لأن الشاعر يقول بأنه “يرغب في أن يعطي لنا شهادته من خلال الشعر والكتابة التي كانت تأتي على شكل قصيدة تتبلور من تلقاء نفسها وتسمح له أن يقدم الحقائق وتنوير الرأي العام الفرنسي والفرنكفوني بطريقة جديدة”. لأن هذه الكتابة تعكس مشاعر إنسان رفض الظلم وهذا الإنسان هو الشاعر، الذي كتب إحساساته الوهاجة المليئة بالغضب ضد الصمت والتواطؤ الغربي، وضد التلفيق الذي تسوقه وسائل الإعلام، التي أرجعت من الضحية جلادا، ومن الجلاد ضحية. وهنا نرى اقتران الشاعر بالفيلسوف، لأن الشاعر إيف لوتورنار فيلسوفا معروفا درّس هذه المادة مدة عقود من الزمن، وهو يعرف كما قال عنه مقدم الكتاب ” “أنا أحب هذا الاقتران بين الملتزمين الشاعر والفيلسوف الذي لا ينسى أبدا حقوق الناس، ودغدغة عنفوان الضمير الذي يصرخ من مؤازرة أولئك الذين وقفوا بقوة الرصاص على مأساة الشعب (…) الشعب الفلسطيني، كيف يمكن إلغاء شعب بهذه البشاعة وهذا التحايل؟ “.
إن القضية الفلسطينية هي قضية عادلة تحرك ضمير كل إنسان تتوفر فيه الجرأة ورفض الظلم، وبالتالي فالمطلوب من الكتاب الغربيين أن يثوروا ضد هذه المعاملات الوحشية التي تفكرنا كما يقول: ” في ممارسات نازية غير إنسانية راحت تقتل الأبرياء بأشكال بشعة يصعب وصفها”، والشاعر يرى بأن ما يعانيه الشعب الفلسطيني هو تكرار لتلك المأساة بطريقة استعمل فيها السلاح الفتاك الذي لا يفرق بين الجنين والشيخ والأم والمريض، لأن شعب غزة يريد أن يعرف العالم وحشية هذا الاستيطان المدمر الذي انتهجت فيه طرقا غير إنسانية لدكه بأنواع من الأسلحة الفتاكة، يتطرق الشاعر في ديوانه وبجرأة كبيرة لقول السكوت عنه في الغرب دون لف ولا دوران.
كل ما تنشره "أثير" يدخل ضمن حقوقها الملكية ولا يجوز الاقتباس منه أو نقله دون الإشارة إلى الموقع أو أخذ موافقة إدارة التحرير. --- Powered by: Al Sabla Digital Solutions LLC