باريس/ الطيب ولد العروسي
صدر في باريس، عن منشورات لا رماتان مؤلف بعنوان: كتاب “أثير” الشعري: مختارات من الشعر العماني الحديث، ( باللغتين الفرنسية والعربية)، من جمع وإعداد عبد الرزاق الربيعي، وتقديم الشاعرة الفرنسية نيكول باريار، والأستاذ موسى الفرعي، ترجمة الأستاذة حمشي والروائي الجزائري المعروف واسيني الأعرج.
تحيلنا مختلف القصائد المنشورة في هذا الديوان إلى معانقة القضايا الكبرى التي تشغل أجيالا عربية كثيرة، حيث يؤكد الأستاذ موسى الفرعي أن ترجمة هذه القصائد إلى اللغة الفرنسية تنطلق “من الدور الحضاري الذي أسس له العمانيون القدماء وتواصلهم مع شعوب العالم، وتأسيسا على الرسالة العالمية التي نذر العمانيون أنفسهم لها منذ قديم الزمان، فجابت سفنهم أعالي البحار، وعبرت المضايق وخاضت المحيطات حاملة (التجارة والثقافة) في (سلة واحدة )، تأتي (قافلة أثير الثقافية) لتحمل الشعلة، وتنطلق بها جنبات البسيطة وتحط الرحالة سنويا بين ظهراني شعب من شعوب الأرض في إطار (فلسفة التقارب الثقافي بين الشعوب) التي أرسى دعائمها السلطان قابوس المفدّى منذ سبعينيات القرن الماضي”.
يحتوي هذا الديوان على نماذج من إبداعات لكل من الشعراء، سيف الرحبي، ومحمد قرطاس، عبد الله العريمي، عبد الرزاق الربيعي، إبراهيم السالمي وهشام بن ناصر الصقري، حيث تلخص الشاعرة نيكول باريار انشغالات الشعراء قائلة: ” تضم هذه المجموعة من القصائد كتابات لستة شعراء من بلاد ألف ليلة وليلة الخيالي، ما يسترعي الانتباه عند قراءة هذه القصائد، هو التساؤل الفردي عن المواضيع المعالجة التي هي الطبيعة والزمان والمنفى والحرب والإيمان والشعر والموت.“
تجدر الإشارة إلى أن القصائد المثبتة في الديوان تم إلقاؤها من قبل أصحابها، إما في معهد العالم العربي بالنسبة للشاعر سيف الرحبي، أو فضاء لا رماتان بباريس أو في فضاءات باريسية أخرى، حيث يقول الأستاذ عبد الرزاق الربيعي ” مهما طوّقنا في الآفاق تظل باريس حلما يداعب الشعراء، فكل ما فيها من شوارع، وساحات، ومتاحف، وقاعات عرض، وحدائق، ينطق بالشعر، والجمال. “، ولما لا حظ الأستاذ الربيعي تفاعل الجمهور مع القصائد التي تمت قراءتها من قبل الشعراء في فضاء لا رماتان قال ” تفاعل الجمهور مع ضارب العود الذي صاحب الشعراء أثناء قراءتهم، وختم الأمسية بأغنية لفيروز، ووصلات غنائية وموسيقية أخرى ذات طابع عماني بامتياز” ثم يواصل ” ورأينا من الجميل أن تجمع نصوص الشاعر الكبير سيف الرحبي، ونصوص تلك الأمسية التي ترجمت للغة الفرنسية في كتاب يقدم للقراء الفرنسيين باقة زهور من حديقة عامرة بالإبداع العماني الذي يعزف في فضاء إنساني فيسح.“
أما الشاعر سيف الرحبي ففي نصه المثبت بعنوان “من أزمنة القوافل إلى القطارات والطائرات”، يأتي على ذكر رحلته مع الشعر، ومع المدن العربية والغربية والأصدقاء الذي تعرف عليهم، لكن شعره يحمل آهات بلاده ” شكلت طبيعة بلادي الغرائبية الآسرة محرق هواجسي لحظة الكتابة، رغم رحيلي المبكر عنها والإقامة- على الأغلب- في بلاد عربية أخرى، في طليعتها القاهرة والشام.. الجبال، تلك المجرات المهولة الجرداء غالبا، التي تجعل من الطبيعة العمانية بصحرائها وبحارها كوكبا مفعما بغرابة البرّية الأولى، متآخية على نحو روحي وجغرافي مع أجزاء من شبه الجزيرة، ما يشبه مسودة من مسودات الخليقة في بدايات التكوين.“
لقد تم وضع صورة كل شاعر مصحوبة بنبذة مختصرة على حياته، فكما يقول الأستاذ موسى الفرعي “أخيرا نقدم هذا الكتاب إلى قراء الفرنسية، ونأمل أن يكون فاتحة شهية للإقبال على الثقافة العربية والعمانية بوجه خاص لتكون لهم زاد ينهلون منه قيم (الإخلاص والوفاء والولاء) التي يتمتع بها كل إنسان يعيش على أرض عمان”.