نودع واحدا من الذين تركوا بصماتهم في الحوار الثقافي والسياسي والفكري، وهو قامة كبيرة، إنه الدكتور والدبلوماسي والمؤرخ المغربي عبد الهادي التازي الذي انتقل إلى رحمة الله يوم الخميس 2 أبريل، بعد صراع مع المرضّ، عن عمر ناهر ال 94 سنة ، ولد المرحوم بمدينة فاس سنة 1921، أظهر تفوقا في الدراسة منذ نعومة أظافره، نال شهادة العالِمية من جامعة القرويين (بفاس) سنة 1947 ، ثم عين أستاذا بها سنة 1948، وبعدها تحصل سنة 1953 على “بروفيه” معهد الدراسات المغربية. ثم على دبلوم الدراسات العليا من كلية الآداب بالرباط سنة 1963، وبعدها على شهادة في اللغة الإنجليزية من معهد اللغات بمدينة بغداد سنة 1966 ، وفي سنة 1971 تحصل على شهادة دكتوراه الدولة من جامعة الإسكندرية بموضوع حول : “جامعة القرويين”.
كان عظوا في العديد من المجاميع اللغوية مثل المجمع اللغوي العراقي، مجمع اللغة العربية بالقاهرة، مجمع اللغة العربية بالأردن، وعدة هيئات ومؤسسات مثل المعهد العربي الأرجنتيني والأكاديمية الهاشمية بالأردن.
ترك الراحل الكثير من الكتب الهامة التي تطرق فيها إلى موضوعات مختلفة: مثل تفسيره لسورة النور، وكتابه جولة في تاريخ المغرب الدبلوماسي، وتاريخ العلاقات المغربية الأمريكية، أوقاف المغاربة في القدس، التاريخ الدبلوماسي للمغرب، كما حقق مجموعة من الكتب وعلى رأسها “رحلة بن بطوطة” التي بشهادة الجميع تعتبر من أهم وأحسن التحقيقات. وهو يقول فيها: “لفت ابن بطوطة انتباهي لأن عالم الاستشراق أخذ يؤمن بأن رحلة ابن بطوطة هي الرحلة الأولى في تاريخ البشرية جمعاء، مصداقية ومعلومات وحوار حضارات. فالرجل عاش في العصور الوسطى، وهو يتحدث عن معاملة النصراني مع اليهودي مع المسلم، وهذه ثروة لا يملكها أحد.” . كما ترجم العديد من الكتب مثل “حقائق عن الشمال الإفريقي: للجنرال دولاتور،” و “ساعات من القرن الرابع عشر في فاس: لديريك. دي صولا برايس،” أو لو “أبصرت ثلاثة أيام، للكاتبة الأمريكية “كيلير هيلين أدامس” و “الحماية الفرنسية، بدؤها، نهايته: وهي لمجموعة من الدبلوماسيين والساسة.
بالإضافة إلى التدريس والكتابة والتحقيق، عمل سفيرا للمملكة المغربية في كثير من الدول منها ، ليبيا، العراق، إيران، والإمارات العربية، العراق، واشتغل أيضا مديرا للمعهد الجامعي للبحث العلمي بالرباط، وساهم في تأسيس اتحاد كتاب المغرب وأكاديمية المملكة المغربية. تجدر الإشارة إلى أن المرحوم قد انخرط في الحركة الوطنية وسجنته سلطات الحماية الفرنسية وهو ابن الرابعة عشر من عمره عندما تم القاء القبض رفقة بعض أصدقائه، ثم تم اعتقاله مرة أخرى سنة 1938، بتهمة “حيازته كتب شكيب أرسلان، نظرا للفكر التحرري الذي كان يدعو إليه الكاتب. أما الاعتقال الثالث فقد حدث عام 1944 أثناء تقديم وثيقة المطالبة باستقلال المغرب”، وخلال هذه الاعتقالات تعلم اللغة الفرنسية وواصل الكتابة التي يقول فيها “”كنت أكتب على أكياس الإسمنت، بدواء أزرق. خصصت القسم الأول من هذه الكراريس لتمارين الفرنسية، والقسم الثاني لمذكراتي”. رحمه الله
كل ما تنشره "أثير" يدخل ضمن حقوقها الملكية ولا يجوز الاقتباس منه أو نقله دون الإشارة إلى الموقع أو أخذ موافقة إدارة التحرير. --- Powered by: Al Sabla Digital Solutions LLC