تكريم شخصيات بارزة: صلاح ستيتية في مواجهة ذاكرته

باريس- الطيب ولد العروسي

في إطار “خميس المعهد” وتحت عنوان: “شخصيات بارزة” استضاف قسم الأنشطة الثقافية بمعهد العالم العربي يوم الخميس 23 أبريل/ نيسان الشاعر ، الكاتب والدبلوماسي اللبناني صلاح ستيتية ، وهو رجل متعدد الاهتمامات، فرض نفسه على الساحة الأدبية عربيا ودوليا.

ولد في بيروت 25 ديسمبر سنة 1929 ،وهو صاحب الأعمال الأدبية والشعرية والفنية، التي أبدعها باللغة الفرنسية وترجمت إلى معظم اللغات الأوروبية، فضلا عن العربية. فاز بالعديد من الجوائز الدولية الرئيسية (بما في ذلك الجائزة الفرنكوفونية الكبرى للأكاديمية الفرنسية ووجائزة جاكوب، والجائزة الكبرى الدولية لبينالي الشعر لمدينة لياج، كما حصل على جوائز عربية أخرى).

لقد ربط الأستاذ ستيتية علاقات مهنية وفكرية وثيقة مع العديد من كتاب القرن العشرين الأساسيين، من بينهم رينيه شارRené Char، إيف بونفواYves Bonnefoy، أندريه دو بوشيه André du Bouchetوميش دوغايDeguyMiche وكذلك مع فنانين كبار مثل راؤول يوباكRaoul Ubac، أنتوني تابيسAntoni Tàpies وبيارألشينسكي Pierre Alechinsky، الذين تعاون معهم في أنجاز مجموعة من الكتب. ومن بين كتبه الأخيرة نذكر:” في مرآة من الأشجار” Dans le miroir des arbres(الصادر عام، 2011)، وثلاثة مدن مصحوبة بصور للفنان الكسندر أورلوف d’Alexandre Orloff(الصادر عن المطبعة الفرنسية الوطنية سنة. 2011).

صدر له في باريس كتاب ضخم بعنوان: “مذكراتي” أو “حفنة جنون”- (كما يؤكد على ذلك المؤلف)- في باريس عن منشورات “روبير لافون “Robert-Laffont) سنة 2014. تطرق فيها إلى نصف قرن من الإبداع ومن العمل في مجال السياسة، حيث استعاد مختلف اللقاءات التي أثَّرت في مسيرته. إنها حكاية بلدان وأشخاص أغنوا حياته ورافقوها . “ليست مذكرات صلاح ستيتية مجرَّد جمع لذكريات وحكايات من الماضي، إنها رحلة في عمق روحه وهويته”. يرى ستيتية أن لكل منا سرا دفينا، وهذه الصفحات هي محاولة للكشف عن خبايا ذاته وفرادتها وربما بعض من المسكوت عنها.

تطرق فيها أيضا إلى الفترات المظلمة من الحرب الأهلية اللبنانية، وعن علاقته باللاعبين السياسيين العالميين بما في ذلك لقاءاته الهامة مع الجنرال ديغول، والرئيس جمال عبد الناصر والبابا يوحنا بولس الثاني. هذا علاوة على دوره الدبلوماسي في الكثير من المؤسسات مثل اليونسكو التي عمل فيها كممثل بلاده، وانتقاله في عواصم عربية وغربية مختلفة.

التقت نخبة من الكتاب للإدلاء بوجهات نظرها فيما يخص صلاح ستيتية. مثل : جان لوك بري، Jean-Luc Barré كاتب ومؤرخ وناشر . ميشال ديغي Michel Deguy، شاعر وكاتب. جيوفاني دوتاليGiovanni Dotoli, ، كاتب ومدرس للغة والأدب الفرنسي في جامعة باري بإيطاليا. عيسى مخلوف، كاتب، وشاعر، وهو مدير الأخبار في إذاعة الشرق بباريس . آلان ريAlain Rey، لساني ولغوي ومعجمي، ومدير تحرير بمعجم روبير. رافق هذه الأمسية الموسيقي وعازف الإيقاع عادل شمس الدين وعازف العود طارق عبد الله.

يعتبر المبدع والمفكر صلاح ستيتية سفيرا حقيقيا للألم العربي، ونقطة وصل بين الغرب والشرق، فهو شاعر الضفّتين، لأن كتاباته كما يؤكد على ذلك الشاعر اللبناني عيسى مخلوف: “تحمل في ذاتها وهج الشرق ولا تفتأ، في الوقت نفسه، تنظر نحو الغرب، وهي تتأرجح بين الحداثة والموروث التي تعيد إنتاجه باستمرار. إنها مسكونة بأصوات بعض كبار ممثلي الأدب الفرنسي من بودلير إلى السورياليين، كما تنهل من الثقافة الإسلامية وشعرائها ومتصوّفيها”.