نظم مركز جورج بومبيدو بباريس بين 29 و 30 الماضي المهرجان الثالث للموقع الوثائقي، وذلك في إطار فعاليات ” المهرجانات الجديدة لمركز بومبيدو”، تحت عنوان “الفرد/الجمع” الذي يهتم بالرهانات المعاصرة التي تسير المواقع الوثائقية، والحث على التوعية بها وبكثافة المعلومات المتوفرة على الأنترنيت التي بدأت تشجع الكتاب والباحثين على الاهتمام بهذا الجانب الحيوي الذي غدا يشكل جزء مهما من حياتنا، ومن اهتماماتنا لكونه يتوفر على شبكة معلومات يجب التطرق إليها بحذر شديد، ولكن نحن مضطرون للعودة إليها، لأنها تعبر عن الواقع التصوري الذي يعدنا بتقديم إمكانيات جمالية ومتعة جديدة في قالب معلوماتي مميز، بالاعتماد على ما وصلت إليه الأبحاث في هذا المجال الذي يغزونا بآلاف المعلومات يوميا، لأن العالم أصبح “قرية صغيرة”، وبالتالي فإنه غدا مفتوحا ويتيح معلومات في مختلف المجالات الـأدبية والسياسية والاقتصادية وحتى العلمية بمختلف أوجهها، فكيف يكون مستقبل الإنسان في ظل تطور هذا العالم التصوري؟ وما هي أشكال التعبير والتواصل الجديدة التي سيوفرها للمستخدمين؟ وكيف يكون تصرف الإنسان مع هذه التطورات الحاضرة أو المستقبلية؟ .
هذه الأسئلة وأخرى تطرحها الكثير من المؤسسات الإعلامية والثقافية من أجل تسيير وتخزين وثائقها ومستنداتها، وهذا ما حاولت القيام به مؤسسة “فرانس تلفزيون” التي عملت بالشراكة مع مؤسسة “أنارشي” لكي تعمل على اللحاق بالجديد، لأن للجانب الوثائقي أهمية كبرى في عمل الإعلاميين والوثائقيين وكل المؤسسات التي تسهر على الاحتفاظ بذاكرتها وذاكرة أجيالها، وهذا هو الغرض من هذا المهرجان الذي أصبح موعدا ثقافيا يتجدد مرة كل سنة، يوفر للجمهور والمختصين اللقاء لمدة يومين لحثهم على التغيرات الجديدة أو المرتقبة والتي أصبحت لها علاقة وطيدة بالتقنيات الحديثة، كما يقدم المهرجان بانوراما لبعض الوثائق المحققة خلال السنة قدمها وشرحها كل من نيكولا بولي Nicols bole و سيدريك مال Cédric mal وآخرون لتوضيح ما آلت إليه بعض مشاريع بعض المؤسسات الفرنسية والعالمية، وتقديم الآليات والنظم الحديثة التي تسّير مشاريع بعض المؤسسات، كما قدمت محاضرات ولقاءات وندوات في مجال التوثيق بكل جوانبه الكلاسيكية والمعاصرة متطرقة إلى مسيرة الوثيقة التي كانت تخزن في ملفات أو علب أو أدراج وتتطلب توفير فضاءات مختلفة، ها هي اليوم تقدم في أشكال معلوماتية جديدة وبطرق سريعة يصل إليها المستخدم بسرعة فائقة، لكن هل هذا التطور يحفظ لنا ذاكرتنا الفردية والاجتماعية بطريقة فعلية وحقيقية أم هل نحتفظ بالورقي والتصوري حتى في حالة ما إذا وقع مشكل للتصوري نجد الورقي محفوظا أم هل نعتمد على الجانب التصوري فقط ونحن نعرف أن إمكانيات التطور لا زالت مفتوحة على إبداعات جديدة؟ هذا ما يطرحه أغلب المهتمين بالحفاظ على الوثائق سواء منها السمعية أو البصرية، لكننا مدعوون أو مضطرون لمسايرة العصر شرط أن نكون جد واعين بحدود وآفاق هذه التقنيات.
كل ما تنشره "أثير" يدخل ضمن حقوقها الملكية ولا يجوز الاقتباس منه أو نقله دون الإشارة إلى الموقع أو أخذ موافقة إدارة التحرير. --- Powered by: Al Sabla Digital Solutions LLC