ينتظر الأطفال ليلة الخامس عشر من رمضان لكي يحتفلوا بعادتهم السنوية ” القرنقشوه” وذلك من خلال قيامهم بالتجمع في قريتهم والمرور على المنازل وسط أهازيج وأناشيد تخص هذه المناسبة التي تؤلف بين الصغار أنفسهم من جهة وجميع سكان الحي أو الحارة من جهة أخرى.
وقد دأب الأطفال في السلطنة على إقامة القرنقشوه كل عام حيث تنظم في بعض الأماكن احتفالية رسمية برعاية من جهة حكومية أو من مؤسسات مجتمعية ويقوم الأطفال فيها بالتزين بلباسهم العماني التقليدي ذكورا وإناثا معبرين عن فرحتهم بأسلوب بريء ينم عن طفولتهم المعهودة.
وتستعد الأمهات للمناسبة عبر شراء الحلويات والهدايا الخاصة بالأطفال مع اختلاف مسمياتها وطريقة الاحتفال بها حيث تسمى في بعض الولايات: طوق طوق ، اليعبوب ، والتمليس . “أثير” التقت مجموعة من النساء للحديث عن استعداداتهن للقرنقشوه. عهود الأشخرية تقول عن هذه المناسبة : هي (عادة) في المكان الذي أسكن فيه والأماكن القريبة، بشكل عام تخص الأطفال، ولأن الأطفال يفرحهم أي شيء بسيط فإنهم لم يتوقفوا عن حب هذه المناسبة. من جهة أخرى، الجدات أو النساء الكبيرات في السن عموما يخصصن هذا اليوم لتوزيع بعض الأشياء على الجيران (مثل العصائر والحلوى العمانية وغيرها) .إذن هو عيد للأطفال والجدّات. “
وعن الاستعدادات لهذه المناسبة توضح عهود : “نستعد لها في العادة قبل المناسبة بيوم، نشتري أكياسا ملونة ونضع فيها الحلويات التي يفضلها الأطفال، ونكون مستعدين لاستقبالهم في يوم قرنقشوه ولسماع أغنية “قرنقشوه يوه ناس، عطونا شوية حلوى.” وتضيف أروى بنت عبدالله القطيبية : ” نحب القرنقشوه ونحرص على الاحتفال بها لأنها عادة قديمة ومحببة، ينتظرها الصغار والكبار بشوق. وتضفي شيئا من البهجة والسرور على الأجواء الرمضانية، حيث نقوم مسبقا بتجهيز لبس تقليدي للأطفال وتجهيز الحلويات التي ستوزع ،ولاحقا يتم التجمع في بيت الجد والجدة للاحتفال بالمناسبة. ونلاحظ انه سابقا كانت التجهيزات بسيطة ويوزع للأطفال حلويات معدة في المنزل، أما الآن فيهتم الناس بمظاهر الاحتفال بشكل أكبر”.
وتشارك فاطمة الشحي برأيها قائلة:” حتى الشباب يخرجون معنا بالطبول ومن ورائهم الأطفال. إنها أشبه بالعيد ، ونقوم بالاستعداد لها عبر شراء المكسرات والحلويات ويتفاعل الاطفال معها بطريقة جميلة . ففي الطفولة كنت أذهب للقرنقشوه واليوم عندما أراهم استرجع ذكريات تلك الاجتماعات التي نعقدها مع الاطفال الآخرين استعداداً لهذه المناسبة” .
وتعبر شيخة الريامية بدورها عن التحول الكبير في مناسبات القرنقشوه اليوم فتقول:” فهنالك لباس خاص نخصصه كأمهات بهذه المناسبة وتوزيعات خاصة للهدايا وتتنافس النساء على أجملها . وأنا علمت اطفالي على مساعدتي على تنسيقها فمثلما تعطيهم باقي الامهات في الحارة هدايا طيبة ، أطفالي وأمهم يهدون بقية الأطفال هدايا طيبة ايضاً . باختصار انها مناسبة لتبادل الهدايا البسيطة والتي تحمل بالنسبة للطفل اثراً كبيراً في نفسه .
ووسط هذه الاستعدادات للقرنقشوه والجدل السنوي حولها عبر مواطنون عن تخوفهم من انتهاك لـ”براءة ” المناسبة مثلما حدث في العام الماضي حيث قام بعض الأطفال بالتعبير عن احتفالهم بهذه المناسبة بلبس أقنعة لوجوه غريبة أقرب إلى وجوه الوحوش والحيوانات وألبسة ممزقة ومتسخة مكتوب عليها عبارات لا تليق بالمستوى الطفولي البريء، مع قيام البعض باستخدام الحمير والاعتماد على بعض الأدوات غير المألوفة وكأن احتفال القرنقشوه تحول إلى حفلة تنكرية أو مسرحية هزلية. وطالب المواطنون الأسر بمراقبة أبنائها المحتفلين بالقرنقشوه وتوجيههم إلى التصرف السليم الذي يجسد فرحتهم وينمي لديهم روح الجماعة والتكاتف.
كل ما تنشره "أثير" يدخل ضمن حقوقها الملكية ولا يجوز الاقتباس منه أو نقله دون الإشارة إلى الموقع أو أخذ موافقة إدارة التحرير. --- Powered by: Al Sabla Digital Solutions LLC