باريس – الطيب ولد العروسي
خصصت مجلة التاريخ الفرنسية الذائعة الصيت عددها 512 عن مدينة بغداد، تحت عنوان ” بغداد منذ ألف سنة وسنة إلى غاية مدينة في الحرب”، تناولت مجموعة من المواضيع التاريخية والمعمارية والفكرية والسياسية، أسست هذه المدينة في 762 من قبل الخليفة العباسي المنصور وكانت “عاصمة لإمبراطورية شاسعة. بل ومركزا للسلطة، وبوتقة للعلم والفلسفة العربية” كما كانت بغداد أيضا أكبر مدينة في العالم. وهي العاصمة الأسطورية لألف ليلة وليلة.
انخفض وهجها وعرفت انتكاسة بداية من سنة 1258 مع الغزو المغولي، ثم “سبحت في غياهب النسيان لتصبح عاصمة صغيرة ومحافظة تركية. ;مع حلول بداية القرن السادس عشر، تبادل الصفويون والعثمانيون السيطرة على المدينة، حتى انتزعها العثمانيون في عام 1535، فظلت تحت حكمهم قرابة 4 قرون. وفي عام 1917، فسيطر الإنجليز على المدينة، وقد خضعت كمعظم مناطق العراق الأخرى للانتداب البريطاني، ثم أصبحت عاصمة للمملكة العراقية عام 1921، والجمهورية العراقية عام 1958.
عاشت مشاكل أخرى نتيجة الظروف السياسية والاجتماعية التي عرفتها المنطقة، خاصة منذ سنة 1991، والتطورات التي حصلت ، حيث أمريكا وحلفاؤها إلى غزو العراق عام 2003 ، بدأت عمليات سلب ونهب واسعة النطاق في بغداد وبعض المدن الأخرى ومن الأماكن التي تعرضت إلى النهب والسلب وتركت صداها في ذاكرة العراقيين وفي ذاكرة شعوب العالم نهب وسرقه المتحف الوطني العراقي حيث سرق من المتحف 170،000 قطعة ، كما تم تدمير الكثير من مبانيها التي تزخر بماض إنساني مشترك مهم، وتتواصل المحن لتلتهم الكثير من عمرانها وذاكرتها الغنية.
احتوى الملف المتكون من أكثر من 40 صفحة، على مجموعة من المحاور، حيث خصص موضوعا إلى دور المأمون، وهارون الرشيد، ، وموضوع بعنوان: “بغداد حلم لألف ليلة وليلة”، وآخر لولادة الدولة الحديثة في العراق، إضافة إلى موضوع بعنوان “الحرب الحضرية” عالج فيها الكاتب ما عرفته وتعرفه بغداد من جراء الغزو الأمريكي لها ولأهم مدن العراق الأخرى.
ساهم في كتابة هذا العدد مجموعة من الباحثين الفرنسيين في اختصاصات متفرقة، جاء التفكير في بغداد بعد تنظيم معهد العالم العربي لقاء حول المدينة في العالم العربي، وكانت بغداد حاضرة في النقاشات والتدخلات مما أدى بفريق مجلة “التاريخ” لإنجاز ملف حول هذه المدينة العريقة التي كانت مهدا كبيرا لحضارات عريقة، ومنبعا مهما للفكر والكثير من الإنجازات العلمية، إذ لا نستطيع التحدث عن الأدب أو الفلسفة أو العلم دون أن نعود إلى المخترعين الذين عرفتهم بغداد، وإلى بيت الحكمة الذي كان بمثابة مخبر فكري قدم للعالم أهم ما وصل إليه العلم والفكر الإنساني عبر الترجمات والمؤلفات المرجعية المهمة في جميع مجالات العلوم.