يثير الإسلام في الغرب اليوم الكثير من التساؤلات والنقاشات في شتى المجالات، سياسيا، أكاديميا، إعلاميا، واجتماعيا، كونه أصبح واقعا ملموسا في حياة المجتمع الاوروبي، ولكون أن الكثير من الأوروبيين اقتنعوا به ديناً يَدينون به دون وجل. وهم في أغلب الأحيان من عليه القوم، مما دفع به لكي يصبح محل نقاشات وتجاذبات واسعة تصل في بعض الاحيان الى حد الصدام الثقافي والاعلامي في العديد من الحلقات الفكرية هنا وهناك.
في هذا السياق صدرت الطبعة الثانية من كتاب المفكر طارق رمضان، تحت عنوان: “أن تكون غربيا ومسلما اليوم”، في باريس، عن منشورات ” بريس دي شاتليه Presses du Châtelet”، يحتوي الكتاب على مقدمة و عشرة فصول وخاتمة ويقع في 428 صفحة..
… يرى المؤلف بأنه وانطلاقا من النقاشات التي أثارتها “الرموز الدينية”، والتي تعبر عن البحث في ” الهوية ” والاندماج في “القيم الغربية”، وذلك منذ أكثر من خمسة عشر سنة، نرى صعود الخوف من الإسلام الذي تثيره وتصعده وسائل الإعلام الغربية، وتدفع ببعض المسلمين إلى الانطواء على أنفسهم وعلى العودة إلى ممارسات منغلقة لا علاقة لها بالقيم الإسلامية، هذا علاوة على توظيف “ذلك سياسيا من قبل الأحزاب الشعبوية”
وعليه، فإن طارق رمضان يرى في أن المسلمين في الغرب، أي في أوروبا والولايات المتحدة قد أصبحوا يمثلون واقعا يجب التعامل معهم، بعد أن كان حضورهم بشكل مؤقت، ” لذا فإن الوقت حان للأجيال الغربية القادمة بكل فئاتها أن تعمل على التفكير في مصادر دينية تأخذ بعين الاعتبار الواقع الغربي، وأن تعمل على إنشاء مؤسسات دينية وأخلاقية في المجتمعات العلمانية”.، لأن المسلمين في الغرب لم يعودوا يعتبرون أنفسهم في أرض أجنبية، وهم مسيرون بخوف، وهمهم الوحيد، ” حماية بيئة معادية “، وهم أيضا ” لا يعتبرون أنفسهم مواطنين وعليهم أن يتصرفوا في حياتهم مثل الآخرين “، إذن على الغرب أن لا يراهم من خلال رؤى تحركها تصورات ذهنية رافضة، فعليه أن يتجاوزها ويتجاوز الرؤية من “دار الشهادة” و “دار الحرب” ، أي العنف والخوف، إلى “دار السلام” (بيت السلام). وعلى المسلم أن يعتبر نفسه شاهدا على الإنسانية، وأن يطور نفسه هو الآخر حتى يبقى وفيا ومخلصا لقيمه، وفي تناغم مع البيئة التي يعيش فيها والمحيطة به، وبعبارة أخرى، لا يمكن أن يكون أقل إسلاما حتى تكون غربيا أو أوروبيا، فمن الممكن، يقول طارق رمضان، أن يكون الإنسان مسلما مقتنعا، ومخلصا، ويمارس مواطنته الغربية.
تجدر الإشارة إلى أن الباحث طارق رمضان، هو أستاذ للدراسات الإسلامية المعاصرة في جامعة أكسفورد، وهو مدير مركز الأبحاث حول القوانين والأخلاق الإسلامية، ولد في عام 1962، وهو مؤلف العديد من الأبحاث الصادرة عن منشورات دو شاتليه، بما فيهم كتابه “حياة محمد” الصادر سنة 2006، و “قناعتي الشخصية” ، (2009)، وكتابه “من الإسلام والمسلمين (2014)، و “مقدمة إلى الأخلاق الإسلامية (2015).
كل ما تنشره "أثير" يدخل ضمن حقوقها الملكية ولا يجوز الاقتباس منه أو نقله دون الإشارة إلى الموقع أو أخذ موافقة إدارة التحرير. --- Powered by: Al Sabla Digital Solutions LLC