أخبار

عميد الصحفيين الجزائريين الطاهر بن عيشة في ذمة الله

Atheer - أثير
Atheer - أثير Atheer - أثير

باريس- الطيب ولد العروسي

 

ولد الطاهر بن عيشة رحمه الله ببلدية “غمار” بالجنوب الجزائري سنة 1925 وتوفي يوم السبت 2 يناير 2016/، حفظ القرآن وهو في سن العاشرة، وانتقل إلى تونس لمواصلة دراسته، وهناك بدأ يهتم بعالم الصحافة والفكر.

 

حكى لي ذات يوم من أيام أكتوبر/ تشرين الأول سنة 1989، عندما سألته عن أول مقال نشره، قال لي: بأنه وهو طالب في الزيتونة بتونس، طلب منه أحد التجار أن يكتب له عريضة يطالب بها حقوقه وينشرها في الجريدة لكي يسترد حقوقه، وبالفعل تم نشر العريضة واسترد التاجر حقوقه مستفيدا من هذه العريضة.

 

كما قال لي بأن الألمان اتصلوا به صحبة مجموعة من الطلبة الجزائريين الذين كانوا في تونس وطلبوا منهم التكلم في الإذاعة ويبعثوا بتحياتهم إلى أسرهم، وغير ملتزمين بالخط التحريري للإذاعة، لكنهم أكدوا لهم بأن مساهمتهم تعد بمثابة التنديد “بفرنسا العدو المشترك لألمانيا والجزائر” بومها.

 

هذان الحادثتان حببا لابن عيشة مهنة الصحافة التي عاش بها ككاتب صحفي وإذاعي وتلفزيوني، وقد أنجز مجموعة من الأفلام الوثائقية حول الإسلام في أدغال إفريقيا، وفي الدول الإسلامية الآسيوية والسوفياتية، ثم أرغم على أخذ تقاعده وهو لم يصل الستين من عمره، لأنه عرف بجرأته في قول ما يفكر فيه دون لف أو دوران مما يحرج ذوي البصيرة العمياء !

 

تجدر الإشارة إلى أنه توقف عن الدراسة بعد أحداث سطيف الأليمة، التي كانت منطلقا لأخذ التقرير الحاسم بإعلان ثورة التحرير بفضل الأحزاب التي تكونت، ثم التمت في جبهة التحرير الوطني، فكان عمي الطاهر أحد مجاهديها بقناعة بالغة.

 

اكتشف المرحوم الطاهر بن عيشة الماركسية مبكرا، فتشبث بها، وعرف عنه سماحته وتشعبه بالفكر الإسلامي، حتى أصبح يعد من الموسوعيين لاتساع معلوماته واطلاعه ولم يحد في مساره اليساري عن المبادئ الوطنية والأصالة القومية.

 

في نفس اللقاء المذكور آنفا، طلبت منه أن يعطيني حادثا أثر فيه وتركه يعمق إيمانه بالله، فقال لي إنه كان وصديقا له متربصين بالعدو في قمة جبل أثناء ثورة التحرير الجزائرية، وكان الجو لا يطاق من البرد، فكانت عنزة على مقربة منهم، وفي الصباح وجدوها ميتة، مما زاد في تشبثه بالإيمان العقلاني والإنساني .

 

كما أتذكر أنني زرته في منفاه بفندق في سيدي فرج بالجزائر أثناء العشرية السوداء، ووجدته منهمكا على قراءة مجموعة كبيرة من الكتب باللغتين الفرنسية والعربية، ولما بدأت أتصفح بعضها، قال لي بأن هناك بعض المسائل في التصوف خصص لها وقته حتى يتعمق فيها أكثر، ثم سألني عني الراحل العفيف الأخضر ( الذي كان يكون الثلاثي هو والطاهر بن عيشة، والمرحوم الطاهر وطار)، ثم واصل حديثه قائلا: “لقد كتبت للعفيف رسالة طويلة أنتقد فيها مواقفه المخزية، “وخرجاته” الجديدة التي أزعجتني كثيرا، فكيف به تغير هكذا، لم أعد أعرفه ؟”.

 

هكذا كان سي الطاهر جريئا ثابتا في مواقفه لا يتزحزح، وقد كلفته الكثير من الآلام والإقصاء، لكنه كان واعيا بكل هذه اللعب. وكما أكد الصديق الشاعر سليمان جوادي فان المرحوم “لم يكن صاحب نكتة بل كان نادر الابتسامة ومواقفه الجادة هي التي كانت تصنع النكتة في أغلب المواقف “رحمه الله وأسكنه جنة جنانه.

 

Your Page Title