أثير- د. سعيد الصقري
رئيس الجمعية الاقتصادية العمانية
معرفة أفضل طريقة لرفع مستوى التعليم ومخرجاته تبدأ بتحديد أكبر تحد يواجه التعليم. وأكبر تحد يواجه التعليم حاليا، في رأيّ، هو ضعف مخرجات التعليم العام. خريج الصف الثاني عشر يحتاج الى فترة تمتد من ثلاثة أشهر الى سنة كاملة لتحسين مستواه ليتمكن من الالتحاق بالتعليم العالي سواء كان ذلك في داخل الجامعات والكليات والمؤسسات التعليمية في داخل السلطنة أو في الخارج. وتحسين مستوى الخريج المعرفي لا يقتصر على اللغة الانجليزية بل يشمل الرياضيات وتقنية المعلومات والقراءة والكتابة.
علاوة على ذلك، الخريج غير مؤهل للالتحاق بسوق العمل. صحيح ان كل ملتحق بأي جهة عمل يحتاج الى فترة تعريف وتدريب على رأس العمل ولكن ما ينقص الخريج هي بعض المهارات العلمية الأساسية مثل القدرة على الكتابة الجيدة وحسن التعبير، والمهارات الأساسية في الرياضيات وتقنية المعلومات، وأخلاقيات العمل.
اذا كيف يمكن تحسين مخرجات التعليم واكساب خريج الصف الثاني عشر المهارات الأساسية للتعليم العالي ولسوق العمل؟
إن تحسين مخرجات التعليم يحتاج الى وضع وتحديد هدف لكل مرحلة دراسية ولكل مادة تعليمية. وتحديد الأهداف يجب أن لا يقتصر على دليل المعلم أو على شكل عناوين أساسية في بداية كل وحدة كتاب مدرسي، بل يجب أن يوسع ليشمل أهداف لكل درس بما في ذلك المعرفة والمهارات الحياتية التي يمكن أن يكتسبها الطالب في نهاية الدرس، وأن يشرك الطالب وولي الأمرفي معرفة الاهداف بشكل مفصل.
وزارة التربية والتعليم تقيَم مستوى الطالب حاليا بنوعين من الشهادات، شهادة وصفية وشهادة أخرى للدرجات. والشهادات الوصفية اضافة مهمة في تقييم مستوى الطالب ولكنها غير كافية. فالاكتفاء بكتابة بعض عبارات الثناء مثل “متميز في المشاركة وحل الانشطة والواجبات” لا يعطي فكرة حقيقية للدرجة المعرفية التي حققها الطالب في المادة. وفي الحالات المقابلة “قليل المشاركة في الصف ولا يحل واجباته بشكل مستمر” لا تقدم صورة حقيقية لضعف أداء الطالب وقلة تحصيله في المادة.
الشهادات الوصفية التي تعمل بها بعض الدول التي حققت مستوى عال من التنمية البشرية، والتي اطلعت عليها، تذهب الى أكثر من عبارات الثناء في الوصف. على سبيل المثال، في مادة الرياضيات في الصف الخامس تذهب الشهادات الوصفية في تلك الدول وبعد عبارات الثناء “يستطيع الطالب القيام بعمليات القسمة المطولة وجمع وطرح الكسور. كما يستطيع الطالب القيام بعماليات الضرب من الجدول واحد حتى الجدول الثاني عشر”. وفي الحالات التي يكون فيها مستوى الطالب ضعيفا يحدد في الشهادة الوصفية مستوى الطالب بدقة أيضا فيكتب “لم يتمكن الطالب حتى الآن من القيام بعمليات طرح وجمع الكسور. كما يحتاج الطالب الى مزيد من الجهد ليتمكن من القيام بعمليات الضرب من الجدول السادس الى الجدول الثاني عشر” وهكذا لكل مادة.
ونجاح الطالب وانتقاله من مرحلة دراسية الى أخرى قائم على المعرفة التي من المفترض أن يكتسبها الطالب في كل مرحلة مدرسية. ومعرفة المستوى المعرفي الذي يجب أن يكون عليه الطالب يساعد المعلم على القيام بواجبه بشكل افضل ومؤشر أداء له وللطالب وولي الأمر ولكل جهة معنية. فضلا عن ذلك، من خلال معرفة مستوى القدرات المعرفية للطالب يمكن الموائمة بين متطلبات التعليم العالي ومخرجات الصف الثاني عشر وبالتالي تجاوز مرحلة التأسيس التي يخضع لها الطالب قبل التعليم الجامعي، كما انه يعطي ارباب العمل صورة دقيقة للقدرات التي يمتع به الخريج قي حالة التحاقه بسوق العمل.
المعرفة الانسانية تتقدم ومتطلبات سوق العمل تتغير والثابت الذي لا يتغير هي المعرفة الاساسية التي يجب أن يتسلح بها أي طامح لمواصلة تعليمه العالي أو راغب في العمل، وكل عام وعمان بألف خير.