أخبار

قصتان جديدتان: أحدهم ينتحل صفة جهة أمنية وآخر يرسم “أحلامًا وردية” لفتاة

قصتان جديدتان: أحدهم ينتحل صفة جهة أمنية وآخر يرسم “أحلامًا وردية” لفتاة
قصتان جديدتان: أحدهم ينتحل صفة جهة أمنية وآخر يرسم “أحلامًا وردية” لفتاة قصتان جديدتان: أحدهم ينتحل صفة جهة أمنية وآخر يرسم “أحلامًا وردية” لفتاة

خاص-أثير

إعداد: سيف المعولي والمختار الهنائي

قصةٌ وراء قصة، بسيناريوهات مختلفة، تفاصيلها “مؤلمة”، ليس على أبطالها فقط، وإنما على مجتمعٍ عُرِف بأنه “مُحافظ” على دينه وعاداته الأصيلة وتقاليده.

مشاهدٌ تتوالى؛ من أروقةِ المحاكم، من منصات التواصل الاجتماعي، من بوحِ “الخائفين”، من البرامج التوعوية. ومن المؤكد أن “المخفي أعظم”.

جهودٌ تُبذَل، وتوعويات تستمِر، وأحكام قضائية تُصدَر، وأخبارٌ تُنشَر، إلا أن “قافلة الابتزاز” تسير إلى طريقٍ “غير مسدود”، وكأن قلوب “المُبتّزين” أصبحت “مشرّعة” لشياطين الجن والإنس.

خلال هذا الأسبوع وصلتنا قصتان، اختلفت تفاصيلهما، وتشابه هدفهما، واتفق مَن جاء بهما إلى “أثير” أن “السلطة الرابعة” قادرة على إيصال “رسالتهما” إلى الجهات المختصة والمجتمع، ليتحرك كلٌ منهما بدوره المعهود. فإلى التفاصيل.

“المبتز المُنتحل”

قالوا بأن شكله “المهذّب”، وكلامه “المعسول”، ووعوده التي يضع فيها الورد جعلهم كـ “دمية” في يده، وما إن كشف عن “مخالبه” حتى تحوّل في نظرهم إلى “شيطان” لم يأخذ من إبليس سوى “الغباء”؛ لأن حبل الكذب الذي كان يتمناه “طويلا” التف عليه، وأصبح “مكشوفًا”.

رجعوا بنا إلى البدايات، حيث “الفيسبوك” فيه مُعرّف “معروف”، يمنح الفتيات “الأمان” عبر زعمه بأنه يعمل في إحدى الجهات الأمنية تلميحًا وتصريحًا، تارةً وظيفته متابعة الحسابات المسيئة، وتارة أخرى يقول بأن هذه الجهات طلبت منه التواصل مع المغردين والحديث معهم والتعاون من أجل الصالح العام، بل وشكرهم والثناء عليهم.

ساقوا لنا القصص، وأظهروا لنا قصاصات من  المحادثات، يدعو فيها الفتيات لـ”جلسة شاي”، وأخرى لمقابلة عمل بدعوى توظيفهن، وأخرى لزيارته في “شقته”، بل أسمعونا مقاطع صوتية يزعم فيها هذا “المنتحل” أنه يتبع هذه الجهات، وأكدوا بأنه لا يستطيع الادعاء بأنها مُلفقة أو محرّفة.

أحدهم  اختار ألا يذكر اسمه إلا أمام الجهات المختصة، مؤكدًا بأن هذا “المبتز المنتحل” تواصل معه أكثر من مرة، وطلب منه التعاون للحصول على معلومات عن حسابات في “تويتر”، وهي عبارة عن “خلايا” -حسب تعبيره- لأن الجهات التي يدعي أنه يعمل معها لا ترغب باتخاذ إجراء مباشر، وأن الأمور تجري في مسار قانوني، لينهي حديثه بشكر تلك الجهات له على جهوده ويطمئنه بالحماية إن لزم الأمر.

إحدى الفتيات، قالت لنا بأنه بدأ معها بوسيلة خبيثة؛ وهي أنه يقوم بعمل دراسة حول بحث اجتماعي، واستطاع إقناعها بأنه مهتم بالجوانب الاجتماعية، لتقع من خلالها فتاة أخرى تحت قائمة الابتزاز بعد أن أوهمها بأنه مختص قانوني، ويعمل في إحدى الجهات المعنية بذلك، ولديه من الأدوات ما يجعله قادرًا على حل قضيتها.

لم تستطع الفتاة أن تبوح لـ”أثير” بتفاصيل ما حدث، واكتفت بالقول بأنها رفعت قضيتها لـ “محكمة الآخرة”؛ خوفًا مما قد يحصل لها لو تجرأت على تقديم شكوى للجهات المختصة، وبالرغم من محاولتنا لإقناعها بأن الجهات الرسمية تتعامل مع الموضوع بسرية تامة، إلا أن جوابها كان بتساؤل: “كيف لفتاة لم تنهِ المدرسة بعد امتلاك القوة لفعل ذلك؟” .

فارس الأحلام المُنتظر

يرسم لها الأحلامَ بأنه سيكون “فارسها المنتظَر”، ويوهمها بقدرته على إثبات “كلمته الرجولية” بشرط أن تُعطيه رقمها الهاتفي؛ ليُخبرَ  “شخصًا عزيزًا عليه” كي يتحدث معها بشكل رسمي!

يُصبح ويُمسي عليها بكلمات الحب والغزل في أحد حسابات وسائل التواصل الاجتماعي، ويسرد لها خطوات السعادة المستقبلية “الوهمية”، وينسج لها العبارات مع الصور و”الأيقونات” ليجد طريقًا إلى “قلبها”، قبل عقلها أولًا، ثم “يُباغتها” بالحقيقة؛ فتكون أمام أمرين أحلاهما “مُر”: إمّا لوعة الفراق، أو الاستمرار بدون نهاية واضحة.

 لكن، لم يعرف بأنه سيصطدم بـ “بنت أبوها”- مصطلح يدل على فطنة الأنثى ونباهتها- التي لم تُعطِه لا رقمها ولا مفتاح قلبها حتى لا تقع “في الفخ”، وإنما طلبت منه اسمه الكامل أولًا، وما إن حصلت عليه حتى بدأت السؤال عنه، حتى تكشّفت لها الحقيقة؛ إنه متزوج ولديه أولاد، فيا لـ “الدنيا الصغيرة”.

واجهته فأنكر، ثم أصرّت فاعترف، وكان رده “الاسطوانة المعروفة”: خفت أُخبرك فأخسرك، فكان “البلوك” طريقها لإنهاء هذه الصفحة من حياتها، ولكن يبقى السؤال: ماذا لو لم ينكشف!!

القانون الواضح

نقلنا القصتين لنعرف الرأي القانوني حولهما من خلال المحامي بسام بن علي الكلباني الذي قال بأن قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 12/2011 في مواده الخمس والثلاثين نظّم كيفية تعامل سلطة الاتهام متمثلة في الادعاء العام  مع مثل هذه القضايا، إذ تنظم المادة 15 من ذات القانون ما يتعلّق باستخدام الشبكة المعلوماتية بهدف تحريض أو إغواء ذكر أو أنثى لارتكاب الفجور أو الدعارة وتصل عقوبتها إلى مدة لا تقل عن خمس سنوات ولا تزيد عن عشر سنوات وغرامة مالية لا تقل عن خمسة آلاف ريال عماني، ولا تزيد عن عشرة آلاف ريال عماني في حال كان المجني عليه حدثًا لم يكمل الثامنة عشرة.

وأضاف: كما تنظم المادة 18 من ذات القانون فيما يتعلق بتهديد شخص أو ابتزازه لحمله على القيام بفعل أو امتناع ولو كان هذا الفعل أو الامتناع مشروعًا وتنص العقوبة على الحبس لثلاث سنوات على أقل تقدير، أما إذا كان التهديد بارتكاب جناية وبإسناد أمور مخلة بالشرف أو الاعتبار فيمكن للقضاء أن يطبق عليه ذات المادة بالعقوبة الأشد التي تصل إلى عشر سنوات مع غرامة عشرة آلاف ريال عماني.

وحول الانتحال الذي قد يُمارس من قبل الشخص المبتز ذكر الكلباني أن المادة 189 من قانون الجزاء العماني الصادر بالمرسوم السلطاني 7/2018 تدين من قام بانتحال صفة موظف عام، حيث يُعاقب المنتحل بالسجن لمدة سنة على أقل تقدير وثلاث سنوات كأقصى عقوبة مع غرامة مالية تتراوح بين خمسمائة ريال إلى ألف ريال عماني.

الكلباني في ختام حديثه لنا بعث بنصيحة لكل من قرأ السطور الماضية قائلًا: أنصح من يتعرّض للابتزاز بأن يقوم بالتبليغ فورًا للجهة المختصة، وهي وحدها ستقوم بالتواصل مع المجني عليه وتقدّم له كافة الضمانات لسرية المعلومات. أما ما يتعلق بانتحال صفة الموظّف، فدعنا نؤكد أن مأموري الضبط القضائي بأنفسهم ملزمون بأن يقدّموا هويّاتهم قبل التصرف بأي فعل أمام أي مواطن وهو حقّ أصيل لكل إنسان بأن يتأكد من صحة الهوية وسلامتها. وأوجّه نصيحتي لكل من تتقدم على طلب وظيفة بأن تتأكّد من بيانات المؤسسة التي ترغب في الالتحاق بها، وأن يتم التواصل معها عن طريق قنوات واضحة، مثل البريد الإلكتروني للمؤسسة، وهاتفها، ومقرها، وليس في أماكن عامة كالمقاهي أو خاصة كالمنازل أو الفنادق، وعلى الفتاة أن تصطحب معها ذويها في حالة ذهابها للمقابلة أو الاختبار. أما تلك التي يتم ابتزازها وتكتفي بالصمت؛ فهي شريكة في الجرم الذي يقع على أقرانها، فقد كان بإمكانها أن تُنهي مسلسل الابتزاز والتحرش هذا، لكنّها فضّلت أن تضيف اسمًا آخر في قائمة المجنى عليهن؛ فـ “التستّر” على جريمة تمسُّ مجتمعًا بأسره هي جريمة بحدِّ ذاتها.

ماذا بعد..

وفي الأخير، من المؤكد أن هناك قصصًا “مؤلمة” أخرى، بعضها وصل للجهات المعنية التي يثق الجميع في جهودها الكبيرة، وبعضها الآخر لا يزال “التردد” يتمكّن منها،  فيا أيها “الخائف” يُخاطبك مارتن لوثر كينج ويقول لك: ” أنت لست محاسبًا على ما تقول، أنت أيضًا محاسب على ما لم تقل حين كان لابدَّ أن تقوله”.

 

  • صورة الموضوع من شبكة الإنترنت

صورة الموضوع من شبكة الإنترنت

Your Page Title