أثير – ريما الشيخ
بكاء الطفل والصراخ الهستيري إضافةً إلى خلق الأفعال الواهية الذي قد يفتعلها بمجرد غياب الأم عن البيت أو عند ذهابه للحضانة أو المدرسة تُعدّ من أبرز المشاكل التي تواجهها الأم حيال حالة طفلها، وما تشعر به من قلق وخوف من جراء هذه الحالة وكيفية التصرف حيالها.
قد تقلق الأم من هذه الحالة، لكنها حالة طبيعية تحدث للطفل أثناء نموه وتطوره، وتُعرَف علميًا بما يُسمى “اضطراب قلق الانفصال”، وهذا ما سنتحدث عنه في سطورنا القادمة مع الدكتور أحمد سعيد عبداللطيف بيت عامر، استشاري طب سلوكي، ورئيس وحدة الصحة النفسية للأطفال والمراهقين بمستشفى جامعة السلطان قابوس.
في بداية حديثه لـ”أثير” قال الدكتور أحمد: قلق الانفصال هو اضطراب نفسي يتميّز بمظاهر قلق لا تمت للحقيقة بصلة عن خطر داهم، يصيب الطفل في السنوات الأولى من عمره، وقد لا يكون السبب أو الخطر مهمًا بالنسبة للأهل، ويبدو أنه بسيط، لكنه بالنسبة للطفل قد يعني الكثير.
وأضاف: أعراض هذا الاضطراب قد تختلف بحسب عمر الطفل، وغالبًا ما تظهر العلامة السريرية الأولى في الصف الثالث أو الرابع الابتدائي، وذلك عقب العطلة الصيفية أو أي عطلة طويلة أو إثر غياب عن المدرسة بسبب المرض، وقد يميل الأهل إلى تشجيع تلك المشكلة بطريقة لا واعية عن طريق تدليل الطفل أو مراعاته الزائدة.
وأكمل حديثه: من أهم هذه الأعراض التي قد تصيب الطفل هي الخوف أو النفور من الذهاب للمدرسة، وعدم قبول النوم دون مرافقة الوالدين، وتجنب الطفل بقاءه لوحده، وحصول كوابيس ذات صلة بالفصل عن الأهل، وأعراض وشكاوى جسدية مثل آلام البطن أو الرأس خاصة فترة الصباح عند وقت الذهاب للمدرسة .
وذكر الدكتور أن شعور الطفل بعدم الأمان نتيجة للحماية الزائدة والاعتماد على الكبار، هو أحد أسباب هذا الاضطراب، وأيضًا غياب الأم المتكررعن الطفل في السنوات الأولى من عمره، وكذلك المشاكل والصراعات الأسرية التي تثير خوف الطفل من فقدان أحد الأبوين، مؤكدًا أن هذه الأسباب قد تؤدي إلى مضاعفات وتتطور إلى أنواع أخرى من القلق، كالقلق الاجتماعي وغيره، واحتمالية حدوث الاكتئاب وضعف الشخصية مستقبلًا.
أما عن سبل الوقاية من قلق الانفصال، فأوضحها الدكتور قائلًا: إذا كانت الأم متخوفة من أن قلق طفلها أسوأ بكثير من مجرد مرحلة طبيعية يمر بها أثناء نموه، فيمكنها تطمين الطفل ومرافقته إلى المدرسة في الأيام الأولى والبقاء معه فترة قصيرة، والأفضل تهيئة الطفل للبيئة المدرسية، وذلك من خلال تعريفه بمكان المدرسة وأجوائها، وعلى الأم أن تفهم الحالة وتحرص على الوجود بقرب طفلها واحتوائه بحبها وحنانها وعدم تركه فجأة في السنوات الأولى من عمره، وكذلك الحفاظ على التماسك الأسري وحل الخلافات بعيدًا عنه.
وفي ختام حديثه لـ”أثير”، نصح الدكتور أحمد سعيد عبداللطيف الأهالي بضرورة زيارة أخصائي نفسي واستشارته عند ظهور أعراض اضطراب قلق الانفصال، وأكد بأن العناية بالطفل وتربيته تبدأ منذُ البدايات الأولى في حياته، مع ضرورة بناء بيئة أسرية قائمة على التعاون والمحبة والأمان لإيجاد المكان الآمن له.