أثير – موسى الفرعي
أثير – موسى الفرعي
دائما ما تذهب ريح المصائب بالوجوه المتغيرة وتزيل عنها أقنعتها الزائفة، وأما الحق فهو ثابت غير متغير، والمحبة الحقيقية تصيّر تلك الرياح جسر عبور ووسيلة وصول وطرق تعبير عن مكنونات الحب والوفاء، وكم قدمت الكويت من أدلة الحب سواء من الجانب السياسي أو على مستوى الأفراد، لذلك هي محترفة المحبة مكتملة الوفاء وهذا ما تترجمه الأفعال قبل الكلمات والتزويق الإعلامي، كل شيء يدل على تاريخ عاطفي مشترك بين عُمان والكويت والتقاء رؤى وأفكار سياسية هدفها السلام والأمن والاستقرار للأرض والإنسان.. هذه عمان والكويت التي نعرفها.
قد سبقت محبةُ الكويت لعمان الكلامَ عنها، والبساطة والوضوح في التعبير عن ذلك نموذجا إنسانيا وسياسيا فريدا ومثاليا، ودولة بحجم الكويت ثقافة ووعيا وعلو إنسان لا تضخ هذا المستوى من المحبة والوفاء إلا لمصدر يقوم بمثله، وقد عَلِمَ الجميع ما كان يكنه السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه من محبة لهذه الدولة العظيمة ولقائدها بشكل خاص الشيخ صباح الأحمد الصباح أبقاه الله، وها هي اليوم في ظل ما تعيشه عمان من حزن على رحيل فقيد الدنيا وحكيمها السلطان قابوس بن سعيد رحمه الله وغفر له تعبر عن حزنها وألمها لهذا الفراق العظيم، بدءًا بساستها ومرورًا بإعلامها وكتّابها وأفراد شعبها أطفالا ورجالا ونساء يلفهم النبل والكرم.
كل ذلك في كفة ومجيء الشيخ صباح الأحمد أبقاه الله وعافاه متحاملا على نفسه ليؤدي واجب العزاء في أخيه وصديقه ورفيق دربه، كما وصفه، في كفة أخرى، فقد كان دخول الشيخ صباح الأحمد بعربة نقل إلى داخل مجلس العزاء بقصر العلم العامر مشهدا أعلى من مستوى التعبير عنه بالكلمات أو تقبله عاطفيا بشكل عادي، كان حضور فارس نبيل لم يثنه التقدم في العمر أو المرض عن تأدية الواجب الذي هو أهل له، ورغم صوته المتعب إلا أن الصدق الذي كان يسيل مع كلماته جعله أكثر وضوحا وصدقا، ليس من السهل الحديث عن ذلك والأصعب من ذلك أن نقول للكويت قيادة وشعبا كلمة شكر تعبر عما نشعر به تجاههم وتكون لائقة بمحبتهم وكرمهم ونبلهم، كل ما أنا متيقن منه أنهم يدركون جيدا أن ما تخزنه القلوب أعلى من قدرة التعبير والوصف.
لكنها الكويت هذا هو السر في ذلك وهذه عمان التي لا تدخل في شيء أو تلتقي به إلا وكانت أهم معادلات بناء الألفة والمحبة والسلام، هذه عمان والكويت كما نعرفهما.