د.سعيد بن محمد الصقري- رئيس الجمعية الاقتصادية العمانية
منذ فجر النهضة التي قادها صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور، طيب الله ثراه وجعل الجنة مثواه، أدت التنمية الاقتصادية في السلطنة من خلال زيادة الناتج المحلي الإجمالي وزيادة متوسط دخل الفرد خلال الأعوام 1970 – 2018م إلى تنمية بشرية وصفت بأنها ذات ” التنمية البشرية العالية جدا ” في مؤشر تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية الصادر في العام 2019م[1]. فضلا عن ذلك، لقد كان لانتشار الأمن والأمان وحفظ حقوق الإنسان، والتحصين من الأمراض المعدية، والرعاية الصحية للأفراد من المهد إلى اللحد، وانتشار التعليم إلى ارتفاع وزيادة النمو الاقتصادي وتوسعه.
وتوضح بيانات النمو الاقتصادي خلال الأعوام 1970 – 2018م بأنه تحقق نمو اقتصادي مستمر على مدى العقود الماضية قدره 16% سنويا، وتضاعف حجم الاقتصاد 285 مرة، نعم 285 مرة، من 107 ملايين ريال عماني في 1970م إلى 30,482 مليون ريال عماني في 2018م، بالأسعار الجارية. ويجمع الخبراء بأن هذا القدر من النمو الاستثنائي نادر، حيث استطاعت 33 دولة، ومنها السلطنة، تحقيق ذلك خلال الخمسين سنة الماضية[2]. ولم يكن النمو الاقتصادي بمعزل عن رفاه الإنسان وبمعزل عنه، بل انعكس ذلك النمو الاقتصادي إلى تضاعف دخل الفرد 43 مرة، فزاد متوسط دخل الفرد من 148 ريالا عمانيا في عام 1970م، إلى 6,312 رياال عمانيا في عام 2018م، بالأسعار الجارية.
ريال عماني | ||
الناتج المحلي الإجمالي،
بالأسعار الجارية |
متوسط دخل الفرد | |
1970 | 106,800,000 | 148 |
1980 | 2,066,100,000 | 1,790 |
1990 | 4,492,900,000 | 2,479 |
2000 | 7,500,600,000 | 3,307 |
2010 | 22,548,000,000 | 7,414 |
2018 | 30,481,900,000 | 6,312 |
المصدر: قاعدة بيانات البنك الدولي |
بالأسعار الجارية
بالأسعار الجارية
بالأسعار الجارية
[1] انظر Human Development Report 2019 الصفحة 304
[2] على سبيل المثال انظر Learning from Double-digit Growth Experiences, March 2012 Eric Werker,
وتضاعفت قيمة كل القطاعات الإنتاجية وبدون استثناء، فارتفعت قيمة قطاع الزراعة والأسماك وتضاعف حجمه 39 مرة، وبلغت قيمة القطاع 667 مليون ريال عماني في العام 2018م، مقارنة بـقيمة 17 مليون ريال عماني في العام 1970م، بالأسعار الجارية. وبلغ النمو السنوي لقطاع الأنشطة الصناعية 17%، بالأسعار الجارية. وزادت قيمة القطاع وتضاعف حجمه 614 مرة، وبلغت قيمة القطاع 5,526 مليون ريال عماني في العام 2018م، مقارنة بـقيمة 9 مليون ريال عماني في العام 1970م. وارتفعت مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي من 0.1% في العام 1970م إلى 17% في العام 2018م. وارتفعت مساهمة الصناعات التحويلية بما في ذلك صناعة المنتجات النفطية المتكررة، وصناعة المواد والمنتجات الكيميائية، والصناعات التحويلية الأخرى في القطاع من 37% في العام 1989م إلى 53% في العام 2018م.
وشهد قطاع الأنشطة الخدمية نموا سنويا بلغت قيمته حوالي 20% خلال الفترة 1970 – 2018م، وارتفعت قيمة الأنشطة الخدمية وبلغت 14,456 مليون ريال عماني في العام 2018م، مقارنة بـقيمة 8 ملايين ريال عماني في العام 1970م، بالأسعار الجارية. وارتفعت المساهمة النسبية لقطاع الخدمات في الناتج المحلي الإجمالي من حوالي 7% في العام 1970م، إلى 46% في العام 2018م.
وأما قطاع الأنشطة النفطية، فحقق نموًا سنويا بلغت نسبته 17% خلال الفترة 1970 – 2018م، وارتفعت القيمة المضافة للأنشطة النفطية من 72 مليون ريال عماني في العام 1970م إلى 11,031 مليون ريال عماني في العام 2018م، بالأسعار الجارية. في المقابل، انخفضت المساهمة النسبية للأنشطة النفطية في الناتج المحلي الإجمالي من 70% في العام 1970 إلى 35% في العام 2018م. وهذا الانخفاض في مساهمة الأنشطة النفطية جاء نتيجة زيادة الأهمية النسبية لقطاع الخدمات في الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة مساهمة وأهمية الأنشطة الاقتصادية للقطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي.
تطور المساهمة النسبية للقطاعات الإنتاجية في الناتج المحلي الاقتصادي، بالأسعار الجارية | ||||
الأنشطة النفطية | الزراعة والأسماك | الانشطة الصناعية | الانشطة الخدمية | |
1970 | 69 | 16 | 8 | 7 |
1980 | 63 | 3 | 5 | 29 |
1990 | 49 | 3 | 7 | 41 |
2000 | 51 | 2 | 7 | 40 |
2010 | 45 | 1 | 17 | 36 |
2018 | 35 | 2 | 17 | 46 |
المصدر: المركز الوطني للإحصاء والمعلومات |
وسيختلف المهتمون بالتنمية حول تجربة التنمية في السلطنة، هل قادت التنمية الاقتصادية التنمية الإنسانية في السلطنة؟ أم أن التنمية الإنسانية قادت التنمية الاقتصادية في السلطنة؟ حيث يرى فريق بأن التنمية الاقتصادية أدت إلى تحسن مستوى معيشة الأفراد نتيجة زيادة فرص العمل التي من خلالها تم توزيع ثمرات النمو الاقتصادي وبالتالي تحققت التنمية الإنسانية. ومن ناحية أخرى، يرى الفريق الآخر بأن توسع عناصر التنمية الإنسانية مثل الأمن والسلم والاجتماعي، والتعليم، والرعاية الصحية أدى إلى تمكين الأفراد والمؤسسات من العمل والإنتاج والابتكار وبالتالي إلى تحقيق تنمية اقتصادية. ولكن مما لا شك فيه، ستدرس الأجيال القادمة في السلطنة وفي خارج السلطنة بأن تجربة التنمية التي قادها السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور، طيب الله ثراه وجعل الجنة مثواه، انعكست ثمارها على رفاه الإنسان العماني ووضعت الأسس اللازمة لاستدامة النمو الاقتصادي.