د.علي بن حمد الريامي
توشَّحت عُمان في هذا اليوم الخالد في قلوبِ كُلِّ العُمانِيين حُللَ نوفمبر المجيد، هذا اليوم الَّذي أشرقَ على عُمانَ بميلادِ فجرٍ جديدٍ سطَّرهُ السُّلطان الرَّاحل قابُوس بن سعِيد – طيَّب اللهُ ثراه – مَعَ شعبه الوفي الَّذي أخذَ على عاتِقِهِ المُساهمة في بناء دولة عصريَّةٍ تُضَاهِي الأممَ بِمُنجزاتِها الخالدةِ المَاثِلةِ للعيان، وقَد تَحققَّ للعُمانيين التَّقدم والازدهار في شتَّى المجالات.
حلَّ علينا هذا اليومُ ممزوجًا بمشاعر الحُزن والفَرح. فالحزنُ يجتاحُنا ونحنُ نتذكرُ باني هذه النَّهضةِ المِعْطَاءةِ السُّلطان الرَّاحل. والفرحُ ينتشلُنا غِبطَةً وسُرُورًا بِتولِي زمام الأمور جلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظَّم – حفظه الله ورعاه – ليُكمل بإذن الله المسيرة المُظفَّرة، وقد ارتسمَ خُطًى ثابتة وقَّادة تقودُ البلاد إلى برِّ الأمان.
خمسُون عامًا مِنَ البناء والعطاء والتَّشييد، خمسُون عامًا والإنسان العُماني يسمُو نحو المعالي، خمسُون عامًا ونحنُ نحتفلُ بهذا اليوم الماجد، وفيه يطلُّ علينا السُّلطان كالبدر في الليلة الظَّلماء، وما زلنَا نحتفلُ ـ ولله الحمد ـ بما تحقَّقَ مِن مُنجزات ينعمُ بها المواطنُ والمقيمُ على أرضِ عُمان الطَّيبة.
وقد استبشرنا فرحًا بالإطلالةِ السَّاميةِ الكريمةِ الَّتي ـ لا شكَّ ـ يترقَّبُها كلُّ عُمانيّ ـ رغم الظُّروف الاستثنائيَّة الَّتي تجتاحُ العالم ـ مُوجِّهًا جلالته خطابه السَّامي إلى أبنائه، وهذا أبرز ما جاء فيه:
ـ أشارَ جلالته إلى تمكُّنِ عُمان مِن تجاوزِ التَّحديات الَّتي شهدتها الخمسُون عامًا الماضيةِ فِي ظلِّ القيادة الحكيمة للسُّلطان الرَّاحل ـ بفضل الله تعالى ـ وتضحيات أبناء عُمان الكرام، حتَّى غَدَت عُمان دولة عصريَّة جعلت مِنَ الإنسانِ العماني محورًا أساسيًّا في البناء والعطاء، فعمَّت المُنجزات الحديثة، وشَمِلت كلَّ مناحي الحياة في هذه الأرض الطَّيبة.
ـ أكدَّ جلالته مُواصلة مسيرةِ البناء، مُستلهِمًا الخُطى الثَّابتة الَّتي خطَّها في رُؤيته السَّامية الكريمة ـ رُؤية عُمان 2040 ـ لتأخذ عُمان مكانتها المرمُوقة بين الدُّول بِما يرفعُ مِن مكانة وشأن الإنسان العُماني. داعيًا جلالته إلى المساهمة في تحقيق هذه الرُؤية بالإمكانات المتاحة، فقد عَمَدَ إلى تطوير الجهاز الإداري للدَّولة، وأوكلَ إليه مسؤولية تنفيذ الخطط التَّنمويَّة المرسومة، للارتقاء بالأداء الحكومي في مختلف القطاعات.
ـ أكَّدَ جلالته أهمية إرساء بنية إداريَّة لا مركزية في تقديم الخدمات التَّنموية في المحافظات، والتي ستحظى بالمتابعة والدَّعم المُستمِرَّينِ مِن لدن جلالته ـ حفظه الله ورعاه ـ ليكون الإنسان العُماني قادرًا على أداء مهامه بالشَّكل الَّذي يضمنُ له التَّقدم والرُّقي.
ـ أشارَ جلالته إلى التَّأثيرات الَّتي أحدثتها جائحة كُورُونا وألقت بِظلالها على الاقتصاد العُماني. مُبدِيًا جلالته الجُهود الَّتي تبذلها الحكومة للتَّخفيف مِن آثار هذه الأزمة على جميع قطاعات الدَّولة، وأهمها: القطاعات الصِّحيَّة والاجتماعيَّة والاقتصاديَّة. مُثمِنًا جلالته الجُهود الَّتي بُذِلَت وتُبذَلُ لتجاوز هذه الأزمة.
ـ أشار جلالته إلى أهميَّة استغلال الطَّاقات الوطنيَّة في تقديم الحلول والآراء الَّتي تُخفِّفُ مِن وطأة التَّحديات والأزمات. داعيًا جلالته إلى التَّحول التِّقني الَّذي يُواكِبُ التَّقدم الرَّاهن في مجال تقديم الخدمات في مختلف القطاعات الحُكوميَّة والخاصَّة. وقد أبدى جلالته ارتياحه للتَّجاوب الَّذي أبداهُ العُمانيُون تجاه الإجراءات الحُكوميَّة الَّتي تهدفُ إلى ترشيد الإنفاق وتقليل العجز والدَّين العام. مُؤكِدًا جلالته أنَّ هذه الإجراءات جاءت لتحقيق الاستدامة الماليَّة للدَّولة الَّتي تَضمنُ تنفيذ الخطط التَّنمويَّة المرسومة، بما يرفعُ مِن مستوى الخدمات المُقدَّمة للمواطنين والمقيمين على حدٍّ سواء.
ـ أكَدَّ جلالته إرساء نظام الحماية الاجتماعيَّة الَّذي يضمنُ قيام الحُكومة بتقديم خدماتها على الوجه الأكمل، ويوفرُ الحياة الكريمة للمواطنين كافة، ويجنبهم التَّأثيرات المباشرة للتَّدابير الَّتي تتَّخذها الحُكومة للتَّغلُّب على الأزمة الماليَّة الَّتي سَببَّتها الجائحة، وكذلك الانخفاض في سعر النِّفط.
وفي الختام وجَّهَ جلالته الشُّكر والثَّناء إلى أبناء عُمان كافَّة والمقيمين على أرضها في كلِّ الميادين والقطاعات المختلفة، على ما يقدمونه مِن عطاء أسهم ويُسهمُ في بناء وتقدم عُمان.
وكلُّ عامٍ والسُّلطان وعُمان وشعبها بألف خير