رصد – أثير
إعداد: نبيل المزروعي
يُعد التأمين الزراعي أحد أهم الوثائق المهمة، التي يستطيع من خلالها المزارعون التأمين ضد الأخطار المتوقعة، والتي من الممكن أن تواجهها محاصيلهم مثل الأنواء المناخية في السلطنة وغيرها الكثير.
وبُذلت في مشروع التأمين الزراعي جهود كبيرة من قبل وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه والهيئة العامة لسوق المال وووزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، بالإضافة إلى قطاع التأمين الخاص في السلطنة.
وحسب ما رصدته “أثير” من برنامج “حياتنا والتأمين” الذي يقدمه الإعلامي موسى الفرعي في إذاعة مسقط، فقد أوضح الأستاذ علي بن محمد اللواتي النائب الأول لرئيس الشؤون الفنية في شركة الرؤية للتأمين، بأن المقصود بالتأمين الزراعي هو التأمين على المنتجات الزراعية، وخصوصًا منتجات الخضروات التي تشملها وثيقة التأمين، مُضيفًا بأن البداية جاءت مع الخضروات بمختلف أنواعها فقط ولم تشمل الأشجار المعمرة.
وعن مبدأ التأمين الزراعي، قال اللواتي بأن التأمين يُصنف على أنه تأمين زراعي له عدة اتجاهات، منها تأمين الخضروات وتأمين الفواكه وتأمين الأشجار المعمرة، إلى جانب تأمين الدواجن كجزء منه، مُشيرًا إلى أن البداية كانت مع طرح التأمين على منتج الخضروات.
وأضاف الأستاذ رومل حسين طباجة الرئيس التنفيذي للشركة العمانية لإعادة التأمين بأن الدراسة التي خلُصت مع المعنيين حول التأمين الزراعي تم تقسيمها إلى أجزاء، حيث كانت البداية مع منتج الخضروات أولًا ثم المرحلة الثانية مع الدواجن والماشية، ثم المرحلة الثالثة مع منتج الأشجار المعمرة، وتم الوقوف مع الخضروات لتقييم المرحلة بشكل أكبر وموسع، مُضيفًا أن التأمين الزراعي يغطي الأخطار التي تصيب المحاصيل الزراعية بعد نقل الشتلات من المشاتل وحتى الأرض المستدامة، لينتهي التأمين بعد الحصاد الزراعي مباشرة، ومن الأخطار التي يغطيها التأمين هي الأنواء المُناخية بمختلف أشكالها من الأمطار والحرائق الطبيعية والفيضانات والأودية، وتم إضافة الآفات العامة المنتشرة التي تصيب قطاعا كبيرا من الزراعة، إلى جانب التأمين على البيوت المحمية مع الخضروات.
وإذا ما كانت هناك أرقام وإحصاءات معيّنة كانت سببًا في إيجاد وثيقة التأمين الزراعي، أجاب الأستاذ علي اللواتي النائب الأول لرئيس الشؤون الفنية في شركة الرؤية للتأمين بأن المزارعين هم من طلبوا توفير هذا النوع من التأمين، وخصوصًا مع الأنواء المُناخية التي تتعرض لها السلطنة من فترة إلى أخرى، مُشيرًا إلى أنه توجد أرقام مليونية تعكس الخسائر التي أصابت المزارعين من جراء الأنواء المُناخية، الأمر الذي كان لزامًا من الجهات المختصة أن تصل لموضوع التأمين والحاجة منه، مُضيفًا “بعد الطلب الكبير من المزارعين قامت وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه بالمبادرة وعرضها على الهيئة العامة لسوق المال لدراستها، والموافقة عليها بعد بدراستها بشكل مستفيض”.
من جانبه، قال رومل طباجة بأن التأمين الزراعي يُعد إحدى مفردات الأمن الغذائي، الذي جاء من أجل تشجيع المزارعين على المحافظة على محاصيلهم ومنتجاتهم، مؤكدًا بأنه توجد أرقام ممتازة لدى وزارة الثروة الزراعية عن المحاصيل والأراضي المزروعة، كما أنه تم الأخذ ببعض التجارب الخارجية مثل التجربة المغربية والتركية والهندية، إلى جانب دراسة تجربة الولايات المتحدة الأمريكية على الموضوع نفسه ، حيث تم الأخذ بالتجربة الهندية التي تُعد الأقرب من حيث تناسب المناخ والطبيعة مع السلطنة، ويعد التأمين بالهند ثاني أكبر منتج بالبلد، كما أنها تُعد الثالث أو الرابع من حيث التأمين الراعي بالعالم.
وذكر النائب الأول لرئيس الشؤون الفنية في شركة الرؤية للتأمين، بأنه تم العمل على وثيقة التأمين الزراعي من فترة طويلة، وقد تم تدشين الوثيقة من قبل وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه سابقًا مع نهاية العام 2017، إلا أنه توجد مجموعة من التحديات، أهمها تحدي “الطلب على التأمين”، رغم أنه تم تقديم سعر تأميني مناسب للمنتج وهو 5% دون أي دعم آخر، وذلك كتجربة على التأمين وأهميته، مُشيرًا إلى أنه شخصيًا لم يكن يتوقع أن يتم الوصول إلى النسبة من قبل الجهة المختصة (عمان ري)، إلا أن تذليل كل العقبات كان من أجل المستفيدين.
وأوضح رومل طباجة أن هناك مبادرات كثيرة للتواصل مع المزارعين وتشجيعهم حول التأمين، منها الاتصال مع البنوك المحلية المقدمة لقروض التمويل، وأنه يجب توعية المزارعين المستفيدين بالتقديم وأخذ التأمين الزراعي، خصوصًا وأنه يغطي الأضرار والمخاطر ويساعد على استمرارية العمل والمشروع.
وعن أسباب عدم القبول الكبير للتأمين الزراعي، قال طباجة: عدم الوصول لأكبر عدد من المزارعين المستفيدين هو أحد أهم أسباب عدم الإقبال على وثيقة التأمين، مُشيرًا إلى أن شركات التأمين يجب ألا تكون المسؤول الوحيد عن الموضوع، ويجب أن تتكامل القطاعات في العملية، حيث المطلوب هو التعاون الكبير من جميع القطاعات، كما يجب أن تتبنى حكومة السلطنة جانب التأمين الزراعي.
وفي محور الحديث عن القطاع الزراعي، أوضح الأستاذ علي اللواتي بأن القطاع الزراعي على مستوى الخضار كبير جدًا بالأرقام، ويوجد عدد من الفدانات الزراعية الشاسعة والمأهولة، وأنه توجد كمية من الإنتاج الزراعي يتم تصديرها للخارج بأشكال كبيرة، ومنها ما يتم تصديره إلى دولة لبنان وكذلك اليابان التي يُعرف تشددها في جودة الغذاء، مُشيرًا إلى أن القطاع في محاصيل الخضروات ليس صغيرًا، حيث توجد مزرعتان بالسلطنة ، وكل واحدة تقوم بزراعة ما مساحته (2500) فدان، بمعنى أن القطاع كبير ومنتج ويشغل أعدادا كبيرة من العمالة، مشيرًا اللواتي إلى أن الدراسة التي أجريت على القطاع كانت تتوقع أقساطًا من التأمين تكمل المليون ريال عماني.
وعن جدوى التأمين الزراعي، أكد الأستاذ رومل بأنه إذا ما تم التأمين في حدود 30% من الأراضي الزراعية بالسلطنة، فإن الجدوى الاقتصادية ستكون كبيرة جدًا لشركات التأمين، كما أنه سيساعد على استقطاب الشباب العماني للزراعة والتسهيل في عملية الاستثمار.
وحول كيفية احتساب قيمة التأمين، قال علي اللواتي بأن وثيقة التأمين تغطي (15) نوعًا من الخضروات، وأن هناك طريقتين للتأمين، الأولى التأمين على تكلفة الإنتاج، وهي وعلى سبيل المثال: “عند زراعة عشرة أفدنة من الطماطم والتكلفة هي ألف ريال عماني، فهذا المبلغ هو تكلفة إنتاجك، وإذا ما رغبت بالتأمين فسوف يأخذ التأمين 5%، وإذا ما تعرضت لخسارة لا قدر الله، فإن 8% من الخسارة سوف تتحملها وثيقة التأمين، أما النوع وهو التأمين على سعر السوق، وعلى سبيل المثال،عند زرع عشرة أفدنة من الطماطم، ما هو الناتج المتوقع للمزارع في موسم الحصاد؟ نأخذ المبلغ الذي سيعود للمزارع من البائع ونؤمن عليه، فإذا أصيب المزارع يعوض بناءً عليه مع شمولية تكلفة الإنتاج، بالإضافة إلى هامش ربح وهو سعر البيع للمستهلك.
وأضاف: هناك اختلاف بين مواسم زراعة الخضروات، فقد يرزع المزارع عدة أنواع من الخضروات، وقد لا تكون الزراعة في الوقت نفسه لجميع الأنواع، لهذا وجب عليه ذكر تواريخ الزراعة وتوقع موعد الحصاد والمساحة الزراعية في طلب التأمين لكي يتم تأمين كل صنف حتى نهاية الحصاد.
أما عن شمول التأمين للبيوت المحمية أو المشاتل، فقال اللواتي: نعم التأمين يشمل هذا الجانب أيضًا، وهناك نوعان من التأمين هنا، الأول تأمين الزراعة في البيوت المحمية، والثاني تأمين هيكل البيوت المحمية، لكن لا يمكن تأمين الهيكل إلا إذا تم تأمين المزروعات فيه.
وعن معدل الدعم الحكومي لأقساط التأمين حول العالم، أجاب اللواتي: في أوروبا يكون الدعم بنسبة 37% من أقساط التأمين الزراعي، وفي الولايات المتحدة الأمريكية وكندا 73% دعمًا حكوميًا، وفي آسيا 50%، وفي أفريقيا 40%، وأمريكا اللاتينية 36%، هذه كلها أرقام لدعم حكومي لهذه الأقساط.
واختتم النائب الأول لرئيس الشؤون الفنية في شركة الرؤية للتأمين قائلا: لو كانت هناك قابلية لجعل موضوع التأمين الزراعي إلزاميا على المزارعين، لأصبح هناك طلب وإقبال كبير، وأيضًا سنحقق أهدافًا كثيرة منها جذب الاستثمارات وجذب الشباب لمنتجاتنا، ومن الممكن أن يأتي الإلزام مع وجود الدعم إذا توفر من قبل الحكومة للقطاع.