أثير- المحامي صلاح بن خليفة المقبالي
أصبح موضوع ارتفاع قيمة فواتير الكهرباء من الموضوعات الرائجة للنقاش مؤخرًا، خصوصًا في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يرى المشتركون بأن هناك ارتفاعًا مفاجئًا دون وجود سبب واضح لذلك.
وشهد وسم #لن_ندفع_فاتورة_الكهرباء في منصة التواصل الاجتماعي (توتير) الأكثر تداولا خلال هذا الأسبوع تساؤلات كثيرة من المشتركين، منها ما يتعلق بالإجراءات القانونية لرفع شكوى ضد هذا الارتفاع، وهو ما سنسلّط عليه الضوء في زاويتنا القانونية هذه عبر صحيفة “أثير.
ونوضح في البداية بأن قانون تنظيم وتخصيص قطاع الكهرباء والمياه المرتبطة به صدر بالمرسوم السلطاني رقم (78/2004)، حيث نظم هذا القانون في الباب الخامس المنازعات والطعون المتعلقة به، فقد نصت المادة (١٢٤) منه: “لا يجوز لأي شخص اتخاذ إجراءات المطالبة القضائية ضد أي من المرخص لهم أو حاملي الإعفاءات بسبب مخالفة شروط الرخصة أو الإعفاء، أو الواجبات المقررة على أي منهما وفقا لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم مطالبته للهيئة لإلزام حامل الرخصة أو حامل الإعفاء بأداء أو عمل ما تراه الهيئة كافيا لجبر أو إزالة المخالفة”.
ونستخلص مما سبق أنه قبل تقديم أي مطالبة قضائية متعلقة بارتفاع قيمة الفواتير أمام المحكمة المختصة، فإنه يجب اللجوء إلى تقديم المطالبة إلى هيئة تنظيم الخدمات العامة المنشأة بموجب المرسوم السلطاني رقم (78/2020)، والتي حلت محل “هيئة تنظيم قطاع الكهرباء والمياه المرتبطة به”. والهيئة بدورها وضعت بعض الإجراءات والمواعيد التنظيمية قبل اللجوء إليها بالشكوى ضد أي من الشركات المزودة لخدمة الكهرباء، وهي على النحو الآتي:
أولا: الاتصال وفق الإجراءات المعتمدة لتقديم الشكاوى سواء هاتفيًا أو إلكترونيًا بشركة تزويد الكهرباء التي تزود صاحب المصلحة بخدمة الكهرباء وتقديم الشكوى فيما يتعلق بارتفاع قيمة فواتير الكهرباء، والتي بدورها تقوم بقيد وتسجيل وتأكيد استلام الشكوى فورا خلال المكالمة، ثم يتوجب عليها الرد في المجرى العادي للأمور خلال (10) أيام عمل، وفي حالات استثنائية يُسمح لها – من قبل الهيئة – بالرد خلال (30) يوم عمل، والتي يخرج من احتسابها الإجازات الأسبوعية أو إذا صادف خلال المدة أي إجازة رسمية.
ثانيا: إذا لم يرتض المشتكي الرد الذي قدمته شركة الكهرباء؛ فيتوجب عليه إعلام الشركة بذلك، وسترفع شكواه إلى مدير خدمات المشتركين، الذي بدوره سيقوم بالرد على الشكوى خلال (40) يوم عمل من تاريخ استلام الشكوى الأصلية.
ولبيان ذلك فإن المدة الممنوحة لمدير خدمات المشتركين ليست في حقيقتها (40) يوم عمل كاملة، فهي يخصم منها مدة تقديم الشكوى ابتداءً إلى الشركة، وبالمثال يتضح المقال: فمثلًا تقدم زيد بشكوى إلى شركة الكهرباء بتاريخ 25/7/2021م، وردت عليه الشركة بأن الفاتورة صحيحة بتاريخ 1/8/2021م، فأبلغهم بأنه لا يرتضي ما انتهت إليه الشركة من نتيجة، فأحيلت شكواه إلى مدير خدمات المشتركين بذات التاريخ، فإنه أيام العمل التي تدخل في الحساب في هذه الحالة تكون بعدد (6) أيام عمل بعد خصم يومي الإجازة الأسبوعية، وبالتالي يكون لمدير خدمات المشتركين عدد (34) يوم عمل للرد على شكوى زيد، إذ إن احتساب المدة يكون من تاريخ تقديم الشكوى الأصلية، ولا يكون هناك احتساب لمدة جديدة بالنسبة لمدير خدمات المشتركين بالشركة للرد، وهذا الأخير يتوجب عليه الرد خلال تلك الأيام فقط، إذ إن بانقضائها دون أن يتلقى زيد الرد على شكواه؛ تكون الشركة قد رفضت الشكوى.
ثالثًا: إذا لم يتم الرد على الشكوى أو كان الرد غير مجدٍ في حل مشكلة ارتفاع قيمة الفواتير، يتم تقديم الشكوى أمام هيئة تنظيم الخدمات العامة، والتي لم يحددها القانون بمدة زمنية معينة للرد على الشكوى.
رابعًا: بعد أن تفصل الهيئة في الشكوى وتصدر قرارًا فيها، فإذا لم يرتضه المشتكي يحق له الطعن في قرار الهيئة أمام المحكمة المختصة. وذلك عملا بنص المادة (١٢٥) التي نصت على أنه: “يحق للأشخاص التالية الطعن في القرارات أو الإجراءات الصادرة عن الهيئة أمام الجهات المختصة وفقا لأحكام هذا القانون والتشريعات المعمول بها في سلطنة عمان: أ- كل من يطلب أو يحمل رخصة أو إعفاء. ب- شركة مشروع صلالة. ج- كل من يؤثر القرار أو الإجراء في مصلحته.”
وعند تتبع القانون يتبادر إلى الذهن تساؤل حول المحكمة المختصة بنظر الطعن في قرار الهيئة؟ وما الإجراء الواجب اتباعه في حالة عدم بت الهيئة في الشكوى المقدمة لها؟
وجوابًا على ذلك، وبخلاف الأصل أن الدعاوى التي تقام ضد جهات إدارية تختص بنظرها محكمة القضاء الإداري، فإن المشرع حدد وفق المرسوم السلطاني رقم (78/2004) في المادة (1) من الباب الأول المتعلق بالتعريفات والأحكام العامة أن المقصود بالمحكمة المختصة هي الدائرة المشكلة من ثلاثة قضاة بالمحكمة الابتدائية بمسقط التي يعهد إليها وفقا لأحكام قانون السلطة القضائية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (٩٠ / ٩٩) وتعديلاته، بنظر المسائل التجارية، فقصر الاختصاص فقط بنظر المسائل المتعلقة بجميع المنازعات المتصلة بقطاع الكهرباء بالدائرة التجارية الثلاثية الموجودة في المحكمة الابتدائية بمسقط فقط، أي إن كل المنازعات في أي من محافظات السلطنة ترفع أمام هذه الدائرة فقط، وذلك وفق ما كان لدى المشرع من اعتبارات قدرها في هذا الشأن.
وخلاصة القول بأنه لا يصح تقديم الشكوى أمام المحكمة المختصة دون صدور قرار بت في الشكوى من قبل هيئة تنظيم الخدمات العامة؛ وإلا كان مآل الدعوى عدم القبول، لكن متى ما امتنعت الهيئة عن البت في الشكوى كون المشرع لم يحددها بموعد معيّن للبت فيها، فإنه يحق لصاحب المصلحة إقامة دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالطعن في قرار الهيئة السلبي بالامتناع عن البت في شكواه، أو لإلزامها بالبت في الشكوى متى ما جاوزت القدر المعقول للبت فيها، وهذا الأمر لا يتداخل مع اختصاص الدائرة التجارية الثلاثية كونه طعن في إجراء إداري كان يتوجب على الهيئة اتخاذه وفق القانون واللوائح وليس تعرض لأصل الشكوى المتعلق بمنازعة في مسألة متصلة بقطاع الكهرباء، فالمطلوب في الدعوى هو إلزام الهيئة باتخاذ إجراء إداري أناط المشرع بها صلاحية اتخاذه، وبالتالي تختص به محكمة القضاء الإداري.