أثير- موسى الفرعي
“سوف نرتسم خطى السلطان الراحل” لم تكن مجرد كلمة تُقال، بل كانت مبدأ ثابتا وقيمة أعلاها جلالة السلطان هيثم بن طارق أبقاه الله، لتكون طريقا سياسيا نيرا تسير عليه الدبلوماسية العمانية مؤكدا وحدة الصف العماني وقرارها السيادي الذي ينطلق من الإيمان بالحق والصواب والمبني على التعايش والسلام بين الأمم والشعوب وحسن الجوار واحترام سيادة الدول، دون أي نفاق لأحد أو خشية منه.
وقد كان بيان الخارجية العمانية فيما يخص توتر العلاقة بين جمهورية لبنان والمملكة العربية السعودية وبعض الدول الأخرى شاهد تأكيد وثبوت لوعد جلالته أبقاه الله بالسير على خطى السلطان الراحل واليقين الكلي من لدن جلالته برسالة السلام، فإن زجاجة الدواء خير من رصاصة البندقية ، وصوت العقل خير من النزق والتخبط، والبناء خير من الدمار والفوضى، وخير الإنسان في أن يطبب جرحا لا أن ينكأ جرحا ويفتح صدرا، تلك هي مهمة الإنسان ووظيفته على هذه الأرض.
وإني مؤمن بحق التعبير للجميع وحديث جورج قرداحي لم يتجاوز رأيه الشخصي ولم يكن حراكا سياسيا وحملة إعلامية مدفوعة للمساس بالمملكة العربية السعودية العالية بوجودها والثابتة على ما تريد دون أن يتدخل أحد في قراراتها وحقها، المملكة التي نحبها قيادة وشعبا، غير أن حق القول مشروع للجميع والإنسان الحق هو القادر على ضبط النفس، والقادر على الاعتذار حين يدرك أنه على خطأ، وما يضير المملكة العربية السعودية أو غيرها من تصريح لإعلامي أو ناشط أو وزير إن لم يتجاوز الحدَّ الشخصي.
وقد كنت أقف على عتبة حساب الخارجية العمانية منتظرا بيانها الخاص بهذا الأمر، لا سيما بعد أن أصدرت الكثير من الدول بياناتها، كنت واقفا مؤمنا بما سيكون لأنني كنت على يقين بأن جلالة السلطان هيثم بن طارق حفظه الله رجل يعرف ما يقول وكيف يقول، ولأنني منذ الخطاب الأول لجلالته لم يساورني الشك في قدرته على الثبات المطمئن والسلام القوي، وقد جاء بيان الخارجية العمانية بمقاس ما نؤمن به وعرفناه عن عمان وحكمتها وتعقلها، عمان التي لم تقدر الحضارة أن تسلبها هويتها، ولم يقدر النفط أن يجمد أطرافها أو يدفعها إلى الدمار والركض وراء المصالح والأهواء، فما كان منها في سبعينيات القرن المنصرم إبان مقاطعة الدول العربية لجمهورية مصر هو ذاته ما تتحلى به قرارات عمان وحضورها، وقديم ثوابتها هو حديثها سواء في ليبيا أو العراق أوسوريا أو اليمن.
إنها عمان الرافضة للأقنعة وتباين المواقف، وهذا هو السلطان هيثم بن طارق الواقف وقوف الواثق القوي على ما يؤمن به، والمنتصر لكل ما يدعو إلى السلام والتعقل .