لقاء مسقط والدوحة وتعظيم فرص الاستفادة من المكاسب الخليجية المشتركة

لقاء مسقط والدوحة وتعظيم فرص الاستفادة من المكاسب الخليجية المشتركة
لقاء مسقط والدوحة وتعظيم فرص الاستفادة من المكاسب الخليجية المشتركة لقاء مسقط والدوحة وتعظيم فرص الاستفادة من المكاسب الخليجية المشتركة

د. رجب بن علي العويسي – خبير الدراسات الاجتماعية والتعليمية في مجلس الدولة

تأتي الزيارة التأريخية الكريمة السامية لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله ورعاه إلى دولة قطر الشقيقة بدعوة كريمة من صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر الشقيقة، في زيادة دولة، تتويجا للعلاقات الثنائية الراسخة بين البلدين، وتعزيزا لمسيرة التعاون المتواصلة والعمل المشترك التي انتهجها البلدين الشقيقين في تبادل الآراء ووجهات النظر في العديد من الجوانب ذات الاهتمام المشترك، والتي من شأنها أن ترتقي بالبلدين إلى المستويات التي تلبي تطلعات شعبيهما، وتحقق الأهداف المرسومة والغايات المنشودة منها في كافة المجالات.

وبالتالي يمثل هذا اللقاء التاريخي محطة تحول في تعزيز العلاقات المشتركة بين البلدين، فهي من جهة تأتي في إطار اللقاءات المشتركة التي رسمتها قيادتا البلدين الشقيقين، في ظل جهود السلطنة ودولة قطر لتعزيز الوفاق الخليجي المشترك، وتعميق وشائج التواصل وروابط الأخوة ، وتقوية مسارات التعاون بين البلدين بما يخدم أولوياتهما ويحقق طموحات شعبيهما وشعوب المنطقة ، ومن جهة أخرى تمثل نقطة البدء التي تمهد للمزيد من التواصل والشراكات في العديد من المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية، وهي زيارة تأتي في ظل مكاسب خليجية تحققت لدول مجلس التعاون الخليجي بعد انفراج الأزمة الخليجية والحصار المفروض على دولة قطر، وتجسيدا لموقف السلطنة الإيجابي والحيادي الذي أسهم مع الأشقاء والأصدقاء في رأب الصدع وإزالة غمامة الحصار، وتأتي هذه الزيارة الرسمية والمحطة الخارجية الثانية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – زيارة دولة – بعد زيارته للمملكة العربية السعودية في الحادي عشر من يوليو من عام 2021، ولقائه بأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية.

وبالتالي يمثل هذا اللقاء التأريخي محطة مهمة في رسم مسار التقارب والحوار بين مكونات البيت الخليجي المشترك، الأمر الذي سينعكس إيجابا على نتائج القمة الخليجية القادمة، وفي الوقت نفسه بما يعزز دور البلدين الشقيقين في إيجاد روح داعمة للسلام والتنمية والاستقرار ، وتعزيز فرص الشراكة، وبناء جسور التواصل والتكامل، وترقية الإتفاقيات الاقتصادية وتطويرها وتبادل الخبرات والأفكار التي تعزز من برامج التنمية والتوجهات المشتركة لتنفيذ رؤية عمان 2040 ورؤية دولة قطر 2030 ، بالإضافة إلى تبني آليات عمل مشتركة في تقوية الشراكات الاقتصادية بما يمنح فرصا أكبر لتشغيل الكوادر الوطنية العمانية في دولة قطر، وحرية انتقال القوى العاملة الوطنية ورؤوس الأموال بين البلدين.

إن كون قطر المحطة الخارجية الثانية لجلالة السلطان المعظم بعد المملكة العربية السعودية ، لها دلالاتها الكبيرة على المنظومة الخليجية برمتها، ومزيد من التناغم في اللغة الحوارية بين الأشقاء الخليجيين، والتكامل في إطار مشترك يحفظ المنطقة من المخاطر والمهددات الخارجية، ومزيد من فرص اللقاءات المشتركة التي ستقدم دافعا ايجابيا نحو المزيد من الحلول المبتكرة المشتركة واللقاءات الحميمية التي ستقدم شواهد إثبات على الأرض في قادم الوقت، وتبقى هذه اللقاءات فرص نجاح، وموجهات إيجابية لإيجاد بيئة عمل خليجية قادرة على تجاوز الصعوبات، وإيجاد المزيد من الشراكات، وتعزيز المنظومات الاقتصادية والاستفادة من كل الممارسات الايجابية لدولة قطر، وما تقدمه من فرص نجاحات قادمة على مسار التبادل الاقتصادي والتجاري والاستثمارات والتوقعات بما تحمله هذه الزيارة في طياتها من العديد من المشروعات والشراكات الاقتصادية والمشاريع التي ستسهم بلا شك في توسيع لغة التواصل، واستراتيجيات العمل المشترك واستشراف مستقبل العلاقات بين البلدين.

على أن ما تمثله دولة قطر من ثقل اقتصادي، وما تمتلكه من سيولة اقتصادية وملاءة مالية واستثمارات خارجية ضخمة، والتطور الحاصل في الكثير من الجوانب الاقتصادية والعمرانية والثقافية والإعلامية والرياضية، يمثل ثنائيا مشتركا يمكن أن يؤسس لشركات استراتيجية عملاقة في ظل ما تتميز به السلطنة من فرصة جيوسياسية ما يؤهلها لتشكل كتلة اقتصادية فاعلة، والاستفادة من جهود دولة قطر في استقطاب الاستثمارات الأجنبية لإيجاد مشاريع اقتصادية وسياحية عملاقة خاصة مع استضافة دولة قطر لكأس العالم 2022، وتوفير العمالة القادرة على خلق التحول في المشاريع التطويرية والنهوض بقطاعات الغاز والنفط والصناعات البتروكيماوية وغيرها ، سوف يكون له انعكاساته الكبيرة على جهود البلدين في قادم الوقت، وإيجاد مزيد من الفرص الاستراتيجية التي تعزز من فرص التعاون والتكامل والعمل المشترك في سبيل إنجاح هذه الفرص والاستفادة منها وتعزيز حضور هذه المكاسب في لقاءات مشتركة ينتج عنها هذا اللقاء التاريخي.

على أن مرحلة الهدوء التي تعيشها المنظومة الخليجية بعد انفراج الأزمة الخليجية، والظروف الاقتصادية الأخرى التي واجهتها المنطقة مع جائحة كورونا ( كوفيد19) وانخفاض أسعار النفط حتى الربع الأول من عام 2021، تمثل اليوم مرحلة جديدة لالتقاط الانفاس وإعادة هيكلة آليات العمل، وبناء مسارات وأطر مشتركة تتعايش مع طبيعة المرحلة القادمة، تراعي خصوصية كل دولة وطبيعتها والفرص المراد تحقيقها، و بما تحمله من طموحات، وتعايشه من تحولات قادمة، تضع متطلبات المرحلة أمام أجندة عمل قيادتي البلدين، مرحلة عكست مساحة أوسع من الحوار والسعي إلى الاستفادة من هذه المكاسب التي تحققت، في خلق شراكات اقتصادية كبيرة ، وتفعيل اطر العلاقات القائمة، او لجان العمل المشتركة بين السلطنة ودولة قطر، وخلق فرص أكبر لتعزيز الاستثمارات القطرية في موانئ السلطنة ومطاراتها ومناطقها الاقتصادية خاصة في ظل مما تطرحه منطقة الدقم الاقتصادية من تسهيلات وحوافز للمستثمرين القطريين.

أخيرا وعلى الرغم من التحديات والمطبات التي عانت منها المنطقة، إلا أن العلاقات بين سلطنة عمان ودولة قطر شهدت تطورا كبيرا حافظت على مكانتها وعمق ترابطها، وتكامل أجندتها، وتفوق أدواتها، وتكامل محاورها، بما تعكسه من حرص الإرادة السياسية لقيادتي البلدين الشقيقين في سعيهما المشترك نحو الاستفادة من هذه الفرص والنجاحات وتوظيفها في تعزيز الشراكات الاقتصادية والثقافية والإعلامية واللوجستية والتجارية والسياسية والأمنية بين البلدين الشقيقين، في إطار من الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير، وحل النزاع بالطرق السلمية، وحرص قيادة البلدين الشقيقين على تحقيق ذلك ، بما يرسمه نحو مستقبل تطوير العلاقات بين البلدين، وما يقدمه من شواهد اثبات تلامس طموحات أبناء المنطقة وتلبي احتياجات شعوبها في ظل استشعار مشترك بالمسؤولية الأخلاقية والأمانة التاريخية التي تقع على عاتق كل منهما في وحدة الصف الخليجي المشترك وصون الأمن والسلم في المنطقة.

Your Page Title