أثير – ريمـا الشـيخ
أثير – ريمـا الشـيخ
عُرف منذُ القدم عن المرأة العمانية باختياراتها المتميزة بالألوان الزاهية الجذابة، فكانت وما تزال تنسق بينها، فهي تعطي للناظر سر الجمال في لبسها، والنقوش الجميلة التي تحيطها، ففي كل خيط صفة خاصة مختلفة عن الآخر في اللون والموضع، فامتازت المرأة العمانية بخلط وجمع الخيوط الذهبية والفضية لتزين بها أكمام ثوبها وأطرافه، فهناك لبسٌ، وهنا لبسٌ بحشمة ووقار، فقد مزج بين الألوان وزين باللؤلؤ والمرجان الذي يزيد من أناقة شخصية المرأة العمانية وجمالها. كما أدخلت المرأة بعض الأعشاب المختارة والزهور في عالم أناقتها لتزيد بها نضارتها وحسن مظهرها.
الزي العماني التقليدي للمرأة العمانية كنزٌ من كنوز سلطنة عمان، وهذا ما لمسناه في كتاب “كنوز المرأة العمانية.. بين الأصالة والمعاصرة ” الذي صدر عام 2016م للسيدة زكية بنت حمد بن سعود البوسعيدية ليبرز ذلك التنوع والجمال والثراء في أزياء المرأة العمانية وحليها التقليدية، حيث يعد أول كتاب يتحدث وبشكل تفصيلي عن اللبس العماني التقليدي والحلي والأدوات المتستخدمة للزينة.
فالمرأة العمانية كغيرها من النساء تميل بفطرتها لحب الزينة؛ لذا اعتنت بملابسها فاختارت الأقمشة ذات الألوان المتناسقة والجذابة والزاهية المزينة بنقوش دقيقة ومتنوعة من الخيوط الذهبية والفضية والحريرية، وقد تعددت الأقمشة حسب حاجة المرأة اليومية، ولم يقتصر الأمر على الأقمشة وإنما امتد ليشمل الحلي الذهبية والفضية التي تزيد لباسها أناقة وفخامة، فمنها حلي الرأس واليدين والقدمين والأذنين والأنف والرقبة والذراع والكاحل، تتزين بها في الأفراح والأعياد والمناسبات المختلفة وكذلك عند استقبال الضيوف.
وقد تناولت المؤلفة في هذا الكتاب أزياء كل محافظة بالتفصيل، بالإضافة إلى أزياء الأطفال، والحلي الفضية، والأدوات المستخدمة للزينة، وقد عرضت المعلومات – التي جمعت معظمها بلقائها المباشر بالنساء العمانيات ذوات الخبرة في محافظات السلطنة وولاياتها – موثقة بالصور التوضيحية لكيفية التفصيل والخياطة واللبس.
ولقد قامت المؤلفة بذلك سعيا منها إلى إبراز هذا الموروث الحضاري الذي يمثل تاريخ المرأة العمانية الزاهي؛ لتبقى ملامحه حاضرة على مر الزمان، وحفاظا عليه حتى لا يضيع أمام تيار التطور الذي قد يخفي معالمه الجميلة والأنيقة التي لا تتنافى مع الشريعة الإسلامية.
وبعد مقدمة الكتاب، ستلاحظ عزيزنا القارئ كلمات جلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد – حفظه الله ورعاه- كتبها بقلمه حينما كان وزيرًا للتراث والثقافة، جاء فيها:” كنوز المرأة العمانية بين الأصالة والمعاصرة، تطواف غني ممتلئ بإرث تقليدي بهي معطر بثراء جوهري وسمات وصفحات هذا الكتاب، يقف طيف الألوان زاهيا يعتريه الخجل الفطري لأزياء المرأة العمانية بمختلف أطيافها .، هي علاقة تجانست مع مرور الأيام بين لوحات الألوان الزاهية مع واحات المكان في زي توافقي قادم من الزمن الجميل . يختزل هذا الإصدار بين جنباته ذلك التنوع الثقافي الزاهي بين أنماط الزي النسائي للمرأة العمانية والنمط الجميل للحلي العمانية بمختلف تشكيلاتها البهية .هذا الكتاب بلا شك يشكل إضافة ثرية لصالون الأزياء العمانية في هذا العهد الزاهر. شكرا لهذه الجهود ،،،”










ويقع الكتاب في مجلدين ويحوي ما يقرب من 1370 صورة ملونة، فنجد في المجلد الأول الذي تبلغ عدد صفحاته 363 صفحة، 6 أبواب تتحدث بالتفاصيل عن الزي العماني التقليدي للمرأة في جميع ولايات السلطنة، فالباب الأول يتحدث عن أزياء المرأة العمانية في محافظة مسقط، والباب الثاني عن الأزياء العمانية في محافظتي شمال وجنوب الباطنة، والباب الثالث عن أزياء محافظتي البريمي ومسندم، والباب الرابع عن أزياء محافظة الظاهرة، والباب الخامس عن أزياء المرأة العمانية في محافظة الداخلية، أما الباب السادس والأخير في المجلد الأول فتحدث عن أزياء محافظتي شمال وجنوب الشرقية.وضم المجلد الثاني الذي تحدث عن أزياء المرأة العمانية في محافظة الوسطى وذلك تحديدا في الباب السابع، وأزياء محافظة ظفار في الباب الثامن، أما الباب التاسع فتحدث عن الأزياء والحلي الخاصة بالأطفال.
وتحدث الباب العاشر عن الحلي الفضية القديمة بينما تحدث الباب الحادي عشر عن أدوات ومواد الزينة، وتضمن الباب الثاني عشر معلومات حول الأقمشة التي تحرص المرأة العمانية على اختيارها.
وضم الكتاب كذلك جداول مصطلحات ومفاهيم لغوية شملت المصطلح المحلي ومقابله في اللغة ومعناه اللغوي.
وفي ختام الكتاب، ذكرت المؤلفة بأن المتتبع لرحلة هذا الكتاب سيلاحظ أن الحشمة المقرونة بالأناقة والفخامة سمة تميزت بها الأزياء العمانية فكلها تتكون من القطع المعروفة الدشداشة والسروال والوقاية، فقد تختلف الأسماء وطريقة اللبس لكن تبقى السمة العامة حاضرة في الأزياء كلها ، تلك الأزياء التي لا تكتمل إلا بحليها المشتملة على حلي الرأس والصدر واليدين والقدمين .
وأشارت إلى أن للحلي رحلة تطوير؛ فقد بدأت صناعتها باستخدام جلود الحيوانات المزينة بقطع من النحاس ثم بقطع فضية، وتطورت حتى استطاعت المرأة العمانية أن تجعل من هذه الحلي البسيطة قطعا فنية لها قيمتها وهويتها ، وتنافس الصاغة في إبداع هذه الصناعة وإبرازها بصورة ترضي رغبة المرأة في اقتناء أجمل ما أبدعته مواهبهم وقدراتهم ، والظهور بما تحب من الحلي وأدوات الزينة.
كما أرادت المؤلفة في هذا الكتاب بأن تظهر بصمة المرأة العمانية في جميع محافظات السلطنة وإبراز الجوانب الجمالية والإبداعية لديها ، وحرصها الشديد على تنوع تصميم ملابسها والحفاظ على الموروث الذي ميزها في المنطقة عن غيرها ، ذلك التميز الذي لم يمنعها من التأثر بالحضارات الأخرى مؤكدة علاقات السلطنة بدول الجوار ، وتأثرها الثقافي بالغير ، تأثرا يحفظ لهذا البلد العريق تاريخه الضارب في القدم ، الذي ظهر جزء منه من خلال العديد من المسميات – التي أطلقتها المرأة العمانية على لباسها وحليها وأدواتها – ذات الجذور العربية الفصحى.













