قراءة في “الحائكاتُ بروق الحرف”

قراءة في “الحائكاتُ بروق الحرف”
قراءة في “الحائكاتُ بروق الحرف” قراءة في “الحائكاتُ بروق الحرف”

أثير-مكتب أثير بتونس
قراءة: محمد الهادي الجزيري


رأيت أن أفتتح مقالتي عن مهرجان للشعر ..بالشعر نفسه ، وكما يقول أبو نواس :

” دَعْ عَـــنْــكَ لَــوْمِــي فَــإِنَّ اللَّــوْمَ إِغْــرَاءُ

وَدَاوِنِــي بِــالَّــتِــي كَــانَــتْ هِــيَ الــدَّاءُ ”

وأحسن قولا لأفضل شاعرة عربية قديمة هي الخنساء التي سمّيَ باسمها وتاريخها الطافح بالمواقف والأخوّة الصادقة ..هذا المهرجان الشعري :

” ألا يا نفس لا تنسيه حتّى
أفارق عيشتي وأزور رمسي
ولولا كثرة الباكين حولي
على أمواتهم لقتلتُ نفسي ”



في كلمة أولى ..أرادها الأستاذ الشاعر عبد الرزّاق الربيعي ..تعريفية بالمهرجان وأهدافه ومحطاته ..وخاصة ارتباطه بالشاعرة الشهيرة ” الخنساء ” التي ملأ ذكرها الدنيا وشغل الناس ..، ومن ضمن ما حبّر الأستاذ في مقدّمته التوضيحية :

” حين أرادت إدارة النادي الثقافي العماني عام 2000 م أن تقيم مهرجانا للشاعرات العربيات لم تجد أنسب من اسم “الخنساء” ليحمل المهرجان الذي قرّرت إدارته إقامته كلّ سنتين، لمكانة الخنساء في تاريخ الشعر العربي، ….وبعد دورتين كانت آخرها عام 2002 م، توقّف المهرجان، لتغيّر الإدارة، والتوجّهات، وبعد انقطاع دام (19) عاما، عادت الخنساوات يصدحن في النادي الثقافي في افتتاح موسمه للعام وذلك 2021 بمهرجان الخنساء للشاعرات العربيات للدورة الثالثة (دورة د.سعيدة بنت خاطر)، وذلك الثلاثاء 5 يناير2021، وبسبب التقييد الحركي، والإلتزام بالإجراءات المتّبعة للحدّ من تفشّي فايروس” كورونا” أقيم المهرجان عبر الفضاء الافتراضي ، في صفحات النادي في مواقع التواصل الاجتماعي ، بمشاركة نخبة من الشاعرات العمانيات والعربيات …، ليواصل مهرجان الخنساء مسيرته التي انطلقت في عام 2000 ، عندما أقيمت دورته الأولى بمشاركة عدد من الشاعرات العمانيات والعربيات ، ومن أبرز المشاركات : فدوى طوقان ولميعة عباس عمارة وملك عبدالعزيز، ود. لويزة باربوس فوزية السندي، وروضة الحاج، وأقيمت الدورة الثانية للمهرجان في 2002 بمشاركة : سهام شعشاع ونبيلة الزبير وسعاد الكواري، وحمدة خميس وريم فهد ونضيرة محمدي، وغنيمة زيد الحرب، وأخريات ، ساعين إلى استمرار في السنوات المقبلة بعونه تعالى ”

ويقول في الختام أنّ هذا الكتاب التوثيقي لوقائع المهرجان ..شاكرا الدكتور محمود السليمي رئيس مجلس إدارة النادي وكلّ من ساهموا في إنجاح وإشعاع المهرجان ..خاصة من نقلوا وقائعه إلى الجمهور العريض عبر منصّات النادي…

قراءة في “الحائكاتُ بروق الحرف”
قراءة في “الحائكاتُ بروق الحرف” قراءة في “الحائكاتُ بروق الحرف”

شاعرات مجيدات شاركن في فعاليات المهرجان ، أجد نفسي في حرج شديد في انتقاء مقاطع من قراءتهنّ ..، ولكني مضطر للاختيار ..، فأولى المبدعات عُمانية الشاعرة الدكتورة سعيدة خاطر الفارسية ..، وأدعوكم لتذوّق هذه الثمار الشعرية من قصيدتها

” امرأة واحدة لا تكفي ”

” النساءُ في شرقنا..

للنسل ِ للحرثِ للبهجةِ للبهاءْ

امرأة ٌ واحدةٌ لا تكفي لاستحلاب الشفاءْ

الرجالُ في شرقنا ..

للحرب ِ للهمِ للسجن ِ لنزف ِ الكبرياءْ

امرأةٌ واحدةٌ لا تكفي .. لترميم هذا الشقاءْ

 

النساءُ في شرقنا

للثكل ِ.. للترمل ِ .. للقهر ِ .. للتكحل ِ

بقصائدَ الخنساء .. ومحبرة ِالرِثاء

الرجالُ في شرقنا ..

للخضوع ِ للتصفيق ِ للسقوطِ

في خندق ِ التغابي ..

والخدمةِ في جيوش ِ الزينةِ ..

” يومَ الزينة ِ” والاحتفاءْ

امرأة ٌ واحدة ٌ لا تكفي لنصبِ ألويةَ العَزاءْ ”

في الحقيقة وفرة من الأسماء العربية ..نجدها في أوّل الكتاب : د.سعيدة بنت خاطر ، د.شفيقة وعل ، د.حصة البادي ، ورود الموسوي ، عائشة السيفي ، ابتهال تريتر ،

أسماء الشرقي ، بدرية البدري ، تهاني الصبيح ، د.دعاء وصفي البياتنة ، د.عالية شعيب ، سميا صالح ، سميرة الخروصي ، نجود القاضي ، نورة البادي ، غالية عيسى ، أسيل سقلاوي ، فوز ريا ، كما كانت للدكتورة فاطمة بولحوش ورقة نقدية : قراءة سيمائية صوتية في شعر د. سعيدة بنت خاطر..، وسأختار أن ننصت للمبدعة السورية سميا صالح في مقطع من قصيدتها ” حكايتي مع بائع الورد ”

” قدمايَ ساقتني قبيلَ الصافرهْ
والبحرُ ممتدٌّ وعيني ناظرهْ


كانَ الصباحُ يشدُّني بجمالهِ
ورؤايَ تقرأ بالوجوهِ
العابرهْ


بيّاعُ وردٍ كانَ يعبرُ بينهمْ
كملاكِ نورٍ عمرهُ في
العاشرهْ


هل تشترينَ الوردَ يسألُ خاشعاً
اللهُ يا حزنَ العيونِ
الحائرهْ


-من أينَ أنتَ سألْتُهُ فأجابني
أنا من بلادِ اللهِ كانتْ
عامرهْ ”


وفي خاتمة هذه الإطلالة الخاطفة والسريعة على مجهودات تهدف إلى الانتصار للثقافة ورفعة الفنّ ..، نرى أن تكون مسك الختام فقرة من كلمة الدكتور محمود السليمي رئيس مجلس إدارة النادي الثقافي الذي افتتح بها المهرجان بعد معاناة الوباء العالمي ” كورونا ” وتجاوزه بسلام ..:

” يأتي هذا المهرجان بعد مباركة من المشرف العام على النادي صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم بن طارق آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب ، وينطلق من إرادة صلبة ومن طموح نحو مزيد من العطاء والانفتاح الثقافي ، إنّ مهرجان الخنساء للشاعرات العربيات يذكرنا بشاعرة عظيمة في تاريخنا وهي تلك المرأة المناضلة المربية الشاعرة التي استطاعت أن يكون شعرها شعورًا صادقًا ، الشعر كما لا يخفى هو صنو الفن، فالشعر كما أطلق عليه الناقد الفرنسي دي سي لويس عندما قال: “الشعر رسم قوامه الكلمات”
وقد أطلقنا على هذه الدورة من المهرجان دورة الشاعرة الكبيرة والباحثة الناقدة د.سعيدة بنت خاطر، فحين نكرّمها ، ونعدّها رائدة في هذا المجال، فإننا نكرّم كلّ شاعرة عمانية في شخصها الكريم ، فأهلا وسهلا بها مشاركة معنا ، وحاضرة ، فلها منّا كلّ التقدير ، والإجلال ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته “


Your Page Title