مسقط – أثير
منذُ أن فقدت زوجها وهي تعيش حالةً من التوهان والضياع، إذ فقدت سندها الداخلي، وتولت زمام المسؤولية كاملاً، وهي لا تزال في سنٍ يافع، ولا سابق خبرةٍ لها في إدارة الشؤون المالية للمنزل، ذلك أنها لم تك تعملُ في يومٍ من الأيام، فالزوج الراحل كان يلبي كل الإحتياجات ويعبر بهم إلى بر الأمان رغم شظف العيش وصعوبة مجاراة الحياة المرتفعة في كل شيء.
اليوم، تجد أم أنسٍ نفسها غارقةً في اللجة، لا تستطيع مجابهة المعيشة بمتطلباتها المتوالية، فهي مسؤولةٌ عن ابنها “المعاق” حركياً، ولم يخلّف لها زوجها منزلاً يؤويها، وأوضاع أهلها المتعسرة ليست بأفضل حالٍ منها، ما جعلها تبحث طويلاً عن منزلٍ لاستئجاره، ولكونها لا تملك مصدراً للدخل، لم تجد بداً من القبول بأي ملاذ تلوذ به هي وابنها، وإن كانت خرابةً متهالكةً لعمها.
مصدر دخل
تقول، وهي تعيش معاناتها اليومية: ترملتُ في وقتٍ مبكر، في فترةٍ تعوزني فيها التجربة لحداثة سني، وجدت نفسي أتيهُ في الحياة من دون هدىً، خصوصاً وأني لا أملك مؤهلاً دراسياً عالياً، ولم أنخرط يوماً في عملٍ ما، إضافة إلى ابني الذي يحتاج إلى رعايةٍ خاصة ذلك أنه من ذوي الإحتياجات الخاصة، قلَّبتُ النظر في أمري كثيراً، ولم أجد بداً من إيجاد مصدر دخلٍ ثابتٍ لنا، ما جعلني أفكر في تعلم قيادة السيارة ثم تعليمها، مما حدا بي إلى الإستدانة كثيراً من أجل تحقيق هذه الغاية.
تواصل أم أنسٍ حديثها بالقول: بعد أن تدينت الكثير، تعلمت القيادة، واقتنيتُ سيارة تعليمٍ قديمة، ولكني اكتشفت عكس ما كان يخيل لي، ظننت أني سأستطيع من خلالها دفع التزاماتي الشهرية وعلاج ابني ومصاريفنا ومبالغ الإيجار والفواتير وتسديد الديون وغيره، لكن شيئاً من هذا لم يحدث، إذ أن السيارة كثيراً ما تتعطل، والمنافسة حامية في البلد على تعليم القيادة، إضافة إلى الإقبال الضعيف والمماطلة في دفع المستحقات، لكني لم أجد خياراً آخر سوى الصبر والكفاح ومعالجة ما يمكن علاجه.
منزل متهالك
المنزل الذي تقطنه “مريم” يسبب لها الكثير من المتاعب، لوجود التشققات والتصدع الكبير بداخلها، مما يجعل البيت عرضة للأمطار، ومن السهل دخول الحشرات من خلالها، وهو بحاجة إلى صيانة وترميم، عوضاً عن أن “صاحبه” يحتاج إلى استعادته، فقد طردها هي وابنها منه أكثر من مرة، لكنها تعود متوسلةً إليه خاضعة تسترضيه لأجل السماح مجددا لهما بالعيش فيه، فلا يوجد خيار آخر أمامها سواه.
الأمر الذي جعلها تُقبل على تقديم طلبٍ لمسكنٍ اجتماعي إلى وزارة الإسكان في عام 2008م، وبعد انتظارٍ وتراقبٍ ومراجعاتٍ كثيرة تم إلغاء طلبها في عام 2011م بحجة أن ملف الطلب تم فقدانه، وعليها أن تبدأ من جديدٍ في طلبها السكني منذ عام 2011م، وما يزال الإنتظار والترقب جارياً، على أمل أن يجد مباركةً في السنوات القادمة من قبل الوزارة وتمنحها سكناً يأويها حالها في ذلك حال بقية المواطنين البسطاء الذين تؤمن لهم الوزارة مسكناً اجتماعياً من خلال دائرة الإسكان الاجتماعي بالوزارة وعبر الدعم المقدم من جلالة السلطان –حفظه الله ورعاه- المقدر بــ 400 مليون ريال عماني.
80 ريال
أما عن راتب الضمان الإجتماعي، فتقول أم أنس: كنا نستلم من التنمية الإجتماعية راتباً شهرياً يقدر بــ 80 ريالاً لي ولإبني، لكوننا من فئة الضمان الاجتماعي، فأنا أرملةٌ وابني يتيم، ذلكم الملبغ البسيط لا يستطيع أن يؤمن جزءاً يسيراً من احتياجاتنا، وبعد أن بدأت في تعليم القيادة قطع الراتب مباشرة، مما زاد الأمر سوءاً واختناقاً، ما جعلني أندب حظي على الواقع الذي أعيشه، فنصيبي في الحياة متعثرٌ، ودائما ما تشيح الحياة بوجهها عني وتدير لي ظهرها، لا أود الإطالة في الحديث عن معاناة العيش، فهي أكبر من أن تقال في كلمات، ولكن كل ما يهمني هو مستقبل ابني الصحي، ولا أريد في الحياة شيئاً غيره.
10 آلاف ريال