رصد-أثير
ترجمة: ريـمـا الشـيخ
تصدح أصوات غنائهن أثناء قيامهن بالعمل، ليكسبن قوتهن على الساحل العماني، ولطالما انزلقت أقدامهن بين ثنايا المياه العركة حاملةً الحربة الحديدية، مستعدةً للصيد بأي لحظة، ويكثر صيدهن للحبار لكونه ذات قيمة غذائية كبيرة فهو يحتوي على نسبة من الدهون الصحية المهمة لتكوين الجسم ولتنظيم الهرمونات، فهن يعدنه مصدر قوة لأجسادهن، ويؤكدن ذلك بقولهن ”هكذا نبقى قويات“.
إنهن نساء عمانيات اتخذن الصيد مهنة لكسب الرزق، توارثنها من أمهاتهن، لتكتب عنهن صحيفة الغارديان البريطانية مقالا رصدناه وترجمناه عبر “أثير” للقارئ الكريم.

خديجة الحكمانية، واحدة من مجموعة الصيادات العمانيات اللاتي يعشن على مهنة الصيد التي ورثنها من أمهاتهن، حيث روت قصتها مع مهنة الصيد خلال حديثها مع صحيفة الغارديان البريطانية.
وتُعد طريقة صيدهن من الطرق التي تتبعها قرابة 400 صيادة بدوية في وسط سلطنة عمان اللاتي يعشن هذا النمط منذُ القدم، وهو صيد اللافقاريات، ومن التجارات المتجذرة إلى حد كبير صيد حلزون المياه العذبة المعروفة محليًا بالرهص، وهي تجارة تديرها الصيادات وحدهن، وقد اعتادت الصيادات صيد الحبار والشفين والأخطبوط، ويمشطن الشاطئ بحثًا عن المحار والرخويات لبيعها في السوق المحلي، لكن زيادة التسويق التجاري لصناعات الأسماك العمانية، التي سيطر عليها الرجال، تدفع تجارة النساء نحو الاضمحلال.

وتستثمر سلطنة عمان في مشاريع صيد تجارية كبيرة التي تعتمد على 95% من الشباب الصيادين، وتتضمن مصنعًا لتعليب المأكولات البحرية في محافظة الوسطى بقيمة نحو 24 مليون ريال عماني، الذي سيفتح أبوابه في 2024، وشراء 3 سفن صيد كبيرة للتجميد السطحي.
تقول الصيادة خديجة: لقد تعلمتُ صيد الرهص والصيد بالرمح على يد والدتي، وارتبطت وأنا بعمر 14 عاما، واليوم أنا أم وأعيل ثمانية أطفال، وأقضي صباحي بقيادة حافلة، لكن باقي دخلي أكسبه من الصيد.

وتسير السيدات نحو المد المنخفض يحملن حرابهن كأنها جزء من أجسادهن، وترتدي كل واحدة منهن حجابًا ملونًا ويضعن واقيًا للشمس مصنوعًا من عجينة خشب الصندل، وبرقعًا أسود صلبا على وجوههن.

وذكرت الحكمانية بينما تغني وهي تتقدم نحو المياه: إن الغناء يرفع معنوياتي، فقد اعتادت النساء الغناء بينما يدخلن البحر، لقد علمتنا أمهاتنا هذه الأغاني، لكن الشابات لم يعدن يعرفنها.
ولأنها الأكثر خبرة، تقود خديجة الأخريات وسط أعشاب البحر الكثيفة التي تجعل من المستحيل على الهواة أن يعرفوا خطوتهم التالية، تمر سمكة حبار فتطعنها في عنقها بطريقة بارعة تجعل الحبر لا يخرج منها.

وبعد ساعتين، ومع ارتفاع المد، تعود السيدات إلى الشاطئ ويمزحن مع بعضهن البعض، ثم يقمن بعدّ حصيلة الصيد بعد يوم طويل.
أما الصيادة شفية الفارسية – 58 عامًا، فتبيع البرطمان الصغير من لحم الحلزون بنحو 5 ريالات، وتسوق عن عملها من خلال منصات التواصل الاجتماعي.
وتتمنى الفارسية بأن تكمل بناتها المسيرة، وتقول: كنت أتمنى لو سرن على طريقي، فنحن نرغب في أن ينتقل الأمر من جيل إلى جيل، لكننا الآن نجد القليل من النساء اللاتي يمارسن صيد الرهص.

وتمارس شفية مهنة الصيد في مجموعة مكونة من خمس صيادات يرتدين قفازات سميكة وحقائب محمولة على الكتف تحوي مطارق وسكاكين معدنية وحاويات قبل نزولهن إلى مياه الشاطئ باحثات عن اليعفور وحلوان، ورغم عدم تلقيهن أي تعليم رسمي، إلا إنهن يتميزن بسرعة البديهة مما يدخل في إطار معارفهم التقليدية معرفة أي أنواع الصدف يجمعون، وكيف يفعلون ذلك بطريقة لا تؤثر على تعدادها.

وأفادت فرحة الكندية، مؤسسة شركة سي ديلايتس للمأكولات البحرية والتي تعمل مع الصيادات لبيع منتجاتهن، خلال حديثها مع الغارديان البريطانية: التوسع في مجال الصيد يوفر الفرص للصيادين المحليين والعمال، إلا إنه قد جرى إغفال الصيادات العمانيات بنحو كامل في المشاريع التي تُبنى بالقرب منهم.
وأضافت: نحن منعزلات تمامًا، فهناك العديد من الفرص المتاحة للصيادات لنكن جزءًا من هذه الصناعة، لكننا ما زلنا غير قادرين على الاشتراك في هذه الصناعة.
وذكرت: لا نريد لهذه الحرفة أن تموت، بل نريد أن نُبرز طريقتنا التقليدية في الصيد، ولكن نرغب بتحديثها كذلك، فنحن نريد توفير بيئة أفضل لنقل هذه التجارة إلى بناتنا.
