في تجربته الإخراجية الأولى يقدم الفنان هشام عبد الحميد عملاً أقل ما يوصف به بالجريء ، فهذا الفنان الذي عرفناه ممثلاً دقيقاً في اختياراته يناقش في فيلمه “لا” مواضيع كثيرة جدا تخص البشرية بشكل عام طرحت على شكل مشاهد منفصلة ،تم تقديمها على شكل لوحات مُعنونة مثل “الآلة” , “تجارة الأعضاء-تجارة الأطفال”, “الصراع العربي – الاسرائيلي”, الدكتاتور” , “الولادة” , “الحدود” ….وهكذا , وفي داخل تلك المشاهد حاول “عبد الحميد” التعبير عن كل موضوع بشكل سريالي تجريدي فهو يقدم الفكرة بشكل لايخلو من الفنطازية بطريقة التمثيل الصامت “البانتومايم” يقترب كثيرا من كونه عملا مسرحيا أكثر منه سينمائياً , في حضوره مهرجان مسقط السينمائي للمشاركة في فيلمه هذا, أجابنا الفنان على بعض الأسئلة التي تخص فيلمه , بعد أن شارك في مهرجانات كثيرة ،ونال حظه من الجوائز منها جائزة الإمتياز بمهرجان “أندى” للسينما المستقلة في لوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأميركية،وجائزة أفضل فيلم تسجيلي بمهرجان “مالمو” للسينما العربية بالسويد.وكان لنا هذا اللقاء معه.
– عملت فيلمك بحس مسرحي واضح , هل تحاول تذويب الفوارق بين الفنين ؟
في الحقيقة ،أنا كتبت النص للمسرح أصلاً ،وكنت أنوي تقديمه على الخشبة وتم التهيئة لهذا الامر, لكنني بعد ذلك قررت أن أعمله للسينما لضمان وصوله الى أبعد مكان ممكن في العالم فالأفكار التي طرحتها عالمية ،وتهتم بالهم الإنساني بشكل عام ،وتقديم هذا العمل في المسرح سيفقده هذا الانتشار, فالمسرح يحتاج الى حضور الممثل بشحمه ودمه ،ولا يشاهده الا من يحضر قاعة المسرح , أما السينما ،فهي متاحة للجميع ويستطيع أي شخص مشاهدتها في أي وقت ومكان , هذا سيحقق الانتشار أكثر , لذلك قررت أن أصور هذا العمل وأقدمه للسينما .
– هل يعني هذا إنك من مناصري السينما على حساب المسرح ؟
لكل فن من الفنون نكهته الخاصة ،وأنا درست المسرح ،وتخرجت من المعهد العالي للفنون المسرحية ،وعملت معيدا في قسم التمثيل فيه لفترة, لكنني في الحقيقة أميل الى السينما لحجم انتشارها الكبير , خصوصا مع عمل مثل “لا” فهو يمثل صرخة انسان ضد كل مايحصل حوله من أحداث ويجب لهذه الصرخة أن تصل الى أبعد مكان في العالم .
– السينما صناعة كما هو معروف ،والصناعة يتطلب استمرارها وديمومتها ايرادات , في فيلمك هذا هل تتوقع أن يحصل فيلم نخبوي مثله على تلك الايرادات ،والحضور الجماهيري؟
في رأيي الموضوع لايتعلق بالجمهور ،فالجمهور صار مثقفا سينمائياً وأعتقد انه يحب أن يشاهد مثل هذه التجارب , لكن الموضوع يتعلق بدور العرض فلم يظهر للآن شركات دور عرض تملك الجرأة على عرض هذا اللون من الأفلام , والأمر يشمل أيضا الافلام الوثائقية ،والقصيرة ،فهم لا يتوقعون ايرادات على أعمال مثل هذه الأعمال.
-هل يعني هذا انك عملت “لا ” للمشاركة في المهرجانات فقط, خصوصا انك انتجت فيلمك بنفسك ؟
-كلا ،طبعا أنا عملت الفيلم ليصل الى الناس ،وليس الى النخبة التي تحضر المهرجانات , أنا أحاول التأسيس لسينما من هذا النوع , لاأقصد التأسيس باكتشاف نوع جديد في السينما ،فهذه المدرسة موجودة لكنني أقصد التاسيس لثقافة المشاهدة لهذا النوع من الأفلام , أنا عملته ،ووضعت نصب عيني انه لن يدرّ الأرباح ،لكن من الممكن أن يفتح هذا العمل الطريق نحو أفلام مشابهة اخرى وهذا بالنهاية سيفرض لوناً أتمنى أن يمد جذوره في الساحة السينمائية.
* هل يعني هذا انك ستعمل على عرض الفيلم تجارياً؟
نعم سأحاول قدر استطاعتي على ذلك ، ولن أفقد اللأمل فالامر يشكل بالنسبة لي تحدٍ راهنت عليه.
– استخدمت قناة الجزيرة في أكثر من مشهد من مشاهدك الخمسة عشر حتى انك “احتميت بمظلتها ” في أحد المشاهد هل حاولت أن تقدمها كرمز للإعلام ؟ أم إنك قصدت الجزيرة بعنوانها المتعارف
في الحقيقة ،ركزت على الجزيرة لأن لايمكن لنا اغفال دورها الكبير في دعم الثورة في مصر ، فهي خلال أول اسبوعين من ثورة يناير كرست كل امكاناتها لرصد تلك الثورة بأدق تفاصيلها ، وكانت السباقة في هذا الأمر , ولا أبالغ لوقلت ،أن لولاها لكان سقوط نظام مبارك أصعب بكثير , وهذه حقيقة أردت تثبيها من باب إحقاق الحق.
*ألا ترى إنك طرحت الموضوعة المصرية بإسهاب أكثر , فقد كنت أتمنى أن يتجه الطرح الى الهم الانساني بشكل عام خصوصاً إنك طرحت الكثير من المواضيع العامة ،والتي تخص كل البشر كالتمييز العنصري ،والعنف الطائفي ،والاستبداد ،والدكتاتورية ،والقهر ،والحروب ؟
-نعم لكن هذا لا يمنع من التركيز على قضية بلدي فأنا مصري قبل كل عنوان آخر وكان علي أن اقول كلمتي فيما يخص بلدي , كما إن التجارب تتشابه ،فحاولت أن أتناول موضوع الثورة المصرية كنموذج متميز.
* هل أنت مستعد لدخول التحدي مرة أخرى بتكرار التجربة ؟
– نعم بالتاكيد أنا هشام عبد الحميد وأريد أن أقول مايريد أن يقوله هذا الاسم بغض النظر عن كل ما يحصل ويقال , هذه بالنسبة لي مسألة وجود .
·سأختم أسئلتي بمشاركتك في مهرجان مسقط السينمائي ورأيك في تلك المشاركة ؟
-هذه مشاركتي الثانية في هذا المهرجان ،وأنا أرى إن المهرجان يتطور بشكل كبير ،فهو برأيي وثب وثبات كبيرة جدا على مدار السنوات الماضية وأهم مايميزه هو الاختيار الدقيق لنوعية الأفلام المشاركة ،فهي على مستوى عال من الجودة , كما إن وجودنا في هذا العرس الثقافي يكرس ثقافة التواصل والاحتكاك والتفاعل لان مهرجان السينما مثل كل المهرجانات تمثل تظاهرة مهمة يحقق لنا التواصل مع الآخر وتبادل الخبرات ،لذلك أحرص على حضور المهرجانات .
كل ما تنشره "أثير" يدخل ضمن حقوقها الملكية ولا يجوز الاقتباس منه أو نقله دون الإشارة إلى الموقع أو أخذ موافقة إدارة التحرير. --- Powered by: Al Sabla Digital Solutions LLC