فنانات عربيات يناشدن السينمائيين العرب بطرح قضايا المرأة عبر لغة جمالية بشكل راق
محمد جبار الربيعي
هل لامست السينما العربيّة قضايا المرأة وواقعها ؟
سؤال يحتاج إلى وقفة ،وتأمل ، والمقصود هنا بقضايا المرأة كل مايتصل بوجودها ، بخاصة إن جسد المرأة أستغلّ تجاريّا ، ولم تقترب السينما من قضاياها إلا في استثناءات قليلة كفيلم “أريد حلا” للفنانة فاتن حمامة وتجارب أخرى قليلة.
ومن هنا أضمّ صوتي إلى صوت الدكتورة آسية البوعلي في ندوة المرأة العربية والسينما التي أقيمت ضمن فعاليات الدورة الثامنة لمهرجان مسقط السينمائي الدولي ، حيث ناشدت الجمعية العمانية للسينما وكافة المعنيين بطرح قضايا المرأة عبر لغة جمالية فنية يتم التعامل معها بشكل راق حتى تستطيع أن تجذب أكبر عدد من الجمهور، وحتى تصل الرسالة من حيث إن القالب الفني أقوى القوالب وصولا إلى الآخر
وصوت الفنانة الفلسطينية نسرين فاعور التي قالت”نستطيع بشكل قاطع أن نقول إن لنا كيانا على المستوى النسائي وعلى المستوى العام. وثمة هاهنا مفارقة بين ما نتمناه وبين ما هو موجود على أرض الواقع.. أنا قادمة من مكان يؤمن بإنسانية المرأة قبل أي قضية. و هناك العديد من المخرجات الفلسطينيات طرحن قضاياهن من وجهة نظر نسوية. وأحاول أن أستثمر هذا الملتقى كي نعلي صوتنا في مكان ما ونكسر الحدود”في تلك الندوة تحدثت الدكتورة منية حجيج أستاذة الأدب الأنجليزي بجامعة السلطان قابوس عن إشكالية الجسد في السينما التونسية، وقد حملت ورقتها عنوان “يُسرى أو إشكالية الجسد في السينما التونسية ” ويُسرى اسم ملكة قرطاج وهي التي تتقمص جسد المرأة في فيلم “يسرى” الذي أنتج في السبعينات من القرن الماضي وقالت “القراءة الأولى في الأفلام التونسية تعطي انطباعا يبدو متسرعا بأننا إزاء سينما تبحث عن عناصر الإثارة والاغراء بغرض التسويق التجاري، هذه القراءة المتسرعة تستند الى مشهد عام في أماكن تدخل في صلب الثقافة التونسية ويظهر بعض تضاريس جسد المرأة في لغة جريئة أحيانا ويستند هذا الانطباع على حس تونسي مشترك. إن الجسد في الممارسة الفنية يمثل تعبيرة احتجاجية مناهضة لهيمنة بطركية تحتكر الجسد الأنثوي وتعتبره ملكية ذكورية. لطالما فوض الرجل نفسه ليكون ناطقا رسميا باسم جسد المرأة. الجسد المكشوف في السينما التونسية مقاومة للهيمنة وكشف لما يحدث خلف الأبواب حيث يسود الصمت ويسود المسكوت عنه. جسد المرأة أهم العناصر التعبيرية في هذه الأعمال الفنية والأدبية والسينمائية. الجسد الثائر في السينما التونسية عنوان متمرد على كل أنواع السلطة ويعود الفضل فيه إلى قوة حضور المرأة المبدعة في مجال السينما من أمثال مفيدة التلاتلي ورجاء العمري وكلثوم برناز وغيرهن. مضيفة: السينما التونسية سينما المشهد نراها أكثر مما نسمعها، والجسد هو الأقدر على إحداث صخب الصمت”
وتطرقت الى نشأة السينما التونسية حيث وصفتها بالبائسة، والقلقة والمقلقة للسلطة التقليدية بأنواعها منذ بدايتها فهي كانت جريئة في مواجهة كل أنواع السلطة ،والتركيز فيها كان على الشرخ الذي يصيب الأجساد والأفكار والعلاقات الإنسانية بفعل مختلف أشكال الهيمنة والذي تبدو فيه المرأة بعنفوان جسدها الثائر حاملة لمشروع الحداثة بما فيه من حرية وفردية وما فيه من عقلنة لمجتمع يقع بين الأصالة والحداثة، ويخطىء من يتصور أن موضوع جسد المرأة في السينما التونسية يوظف لأغراض إغرائية واستعراضية إنما هو مدخل لرج الطابوهات أي رج الإكراهات الكابتة للمجتمع، فالسينما التونسية بصفة عامة والسينما النسوية بصفة خاصة جعلت من اختراق المحرم رهانا بالقصد أو بدونه فاستهدفت تعرية الكامن والكشف عن المسكوت عنه وحاولت بلوغ لاوعي الانسان التونسي في فترة مبكرة من السبعينات مع أن العرب كما يقول مصطفى حجازي لم يعرفوا اللاوعي لخوفهم منه. هكذا تنكشف فكرة تشق السينما التونسية منذ ارهاصاتها الأولى في الستينات من القرن الماضي الى أخر أعمالها وتجعل من سيرورة السينما التونسية سيرورة صراع مع المحرم وتطاول عليه وأعني بالمحرم ما أسنده فرويد لهذا المفهوم حين منحه معنى الإكراه المحدد للذة والذي ينظمه قانون البطرك.وقالت آسيا الريان “مرت المرأة العربية في السينما بثلاث مراحل، المرحلة الأولى من 1900م إلى منتصف الأربعينات وقد حاولت فيها المرأة العربية بكل جهدها أن تدخل مجال السينما فكان الوضع سيئا جدا لم يساعدها على أن تدخل مجال التمثيل أو الإخراج أو الغناء، فكانت السينما مقصورة على بعض الأفلام البسيطة مثل “الجريمة والعقاب” أو أفلام الرومانسية. وفي فترة الأربعينات بدأت السينما تزداد جرأة وأصبح هناك مخرجون يثقون في المرأة وفي قدراتها الفنية والإبداعية. وبدأت المرأة تخطو خطواتها في هذا المجال. وبدأت تمارس حقها وشجّعها على ذلك مجتمعها الضيق الذي بدأ في الانفتاح. وبين الخمسينات والستينات والسبعينات المرأة العربية تحررت وأصبح لها حضور طاغ في السينما العربية. وفي السنوات الأخيرة أصبحت المرأة هي الأولى فنا وإخراجا حيث إن أكثر السيناريست في مجال السينما من النساء والمرأة عندما تقدم فيلما تعبر عن قضيتها أكثر من الرجل. والمرأة العربية لم تعد تابعة للرجل بل منافسة له وتقف جنبا إلى جنب معه. وبوصفي مديرة مهرجان سينما المرأة في هولندا قمنا بهذا المهرجان كي نعرف المرأة الأوروبية على المرأة العربية. وتطرقنا الى مواضيع كثيرة تتعلق بها والأفلام التي نعرضها ليست أفلاما تجارية بل هي نموذج راق جدا لإبداعات المرأة العربية ولدينا العديد من النماذج في الوطن العربية”
أما الفنانة الفلسطينية نسرين فاعور فقالت: نستطيع بشكل قاطع أن نقول إن لنا كيانا على المستوى النسائي وعلى المستوى العام. وثمة هاهنا مفارقة بين ما نتمناه وبين ما هو موجود على أرض الواقع.. أنا قادمة من مكان يؤمن بإنسانية المرأة قبل أي قضية. و هناك العديد من المخرجات الفلسطينيات طرحن قضاياهن من وجهة نظر نسوية. وأحاول أن أستثمر هذا الملتقى كي نعلي صوتنا في مكان ما ونكسر الحدود. نحن عانينا من الشتات والتجزئة إضافة إلى كوننا كفلسطينيين فرضت علينا الحدود عدم التواصل العربي. مضيفة: هناك العديد من الطاقات في مجالات عدة، وهناك رائدات في مجالات فنية مختلفة نعاني من عدم التواصل ودائما ما أقول شكرا لوسائل الاتصال الحديثة التي مكنتنا من التواصل مع أهلنا وأصدقائنا في المخيمات والشتات. كل هذه الظروف أثرت في وجودنا وكياننا في كل المجالات الفنية والأدبية والثقافية. مضيفة: المرأة الفلسطينية الواقعة في خانة التأطير (المرأة التي تعاني وتبكي) ليس لديها طموح وأحلام وجسد.. دائما أواجه إشكالية أنني الفلسطينية التي تعاني الاحتلال فقط لا غير. طيب أنا لا يمكنني في كل الأحوال أن أنسلخ عن الاحتلال حتى لو كانت فكرة العمل حلم أمّ تريد أن تشتري كعكة لابنتها. النهضة التي حدثت في السينما الفلسطينية تتمثل في هذا التحول ربما من خلال تجربتي في فيلم “أمريكا” والذي حصدت من خلالها العديد من الجوائز في العالم كانت هناك قفزة نوعية في السينما الفلسطينية “
أما الفنانة لطيفة التونسية فقد قالت: للأسف المرأة يتم استغلالها اليوم تجاريا. أنا تربيت على تجارب كان لها تأثير كبير على شخصيتي، خصوصا وأن ثقافتنا التونسية تختلف عن الثقافات الأخرى. أعتقد أن من يحاول في يومنا هذا أن يقدم دور المرأة بشكل فيه الكثير من الاحترام لها يعاني. لدينا نساء مبدعات في مجال السينما ،والمسرح والموسيقى، وتشرفت مؤخرا بالحضور في عيد الفن في مصر حيث تكريم نادية لطفي وفاتن حمامة وماجدة الصباحي وسميحة أيوب وهن قدوة بالنسبة لي.و تحدثت عن تجربتها مع المخرج الرحل يوسف شاهين في فيلم “سكوت هنصور” التي تعتبرها من التجارب الثرية في حياتها .
كل ما تنشره "أثير" يدخل ضمن حقوقها الملكية ولا يجوز الاقتباس منه أو نقله دون الإشارة إلى الموقع أو أخذ موافقة إدارة التحرير. --- Powered by: Al Sabla Digital Solutions LLC