أثير-جميلة العبرية
قصص الكفاح والتميز العلمية لأبناء الوطن مستمرة، وتبهرنا تفاصيلها، وهذه المرة نسرد قصة دكتورة عمانية في مجال جراحة القلب من كندا، هي الدكتورة رشا الندابية.
بدأت الدكتورة مشوارها العلمي بتفوقها في مرحلة الدبلوم بعد تخرجها من مدرسة عائشة أم المؤمنين بسمائل، ولم تخطط حينها للالتحاق بالعلوم الطبية فقد كان شغفها يتركز في علوم الرياضيات والفيزياء فلاحقت هذا الشغف بالتحاقها بكلية الهندسة بجامعة السلطان قابوس حيث اجتازت جميع الاختبارات التمهيدية وأنهت السنة الأولى لمواد الهندسة الأساسية بتقدير امتياز.
أشارت الندابية في حديث لها مع “أثير” إلى أنها خططت البدء بشكل مبكر مقارنة بزملائها في تخصص هندسة البترول، حين تم قبولها بحكم المعدل قبل نهاية السنه الأولى، لكن شاءت الأقدار أن تنظم كلية الهندسة حينها ما يشبه الورشة العلمية لأحدث ما توصل إليه العلم في المجالات الهندسية والتقنية، فكان وقتها الفضول والرغبة لدى الندابية لاكتشاف كل ما هو جديـد، فذهبت إلى المعرض وأعجبت بكل ما تم عرضه لكن قبل خروجها منه استوقفتها زاوية أخيرة كان اسمها الهندسة الطبية، فماذا حصل بعدها؟
تخبرنا الندابية: صاحب هذي الزاوية مهندس وبرفسور ألماني عرض فيها مجسما مصغرا لروبوت العمليات (دافينشي ) يمتاز بدقة عالية وأذرع قابلة للحركة بمنتهى السلاسة لتنفيذ العملية ومن ضمن المعروضات كان جهاز القلب الصناعي الذي يحاكي عمل القلب، قلت له بأن هذه الأجهزة لم يتم استخدامها بعد في الطب، وهي من المستقبل، لكن كان رده صادما لي وقتها، إذ كنت أعتقد بأن الطب علم غير قابل للتجديد كثيرا وأنه صعب في التطوير. ولاحقا قرأت أكثر عن مضخة القلب الصناعي ومن اخترعها وكيف تطورت من السبعينات إلى الألفية فوجدت أن من اخترعها كان طبيبًا جراحًا وليس مهندسًا، فشعرت حينها برغبة وفضول قوي لاستكشاف المجال الطبي وركزت على طب القلب الذي أبهرني، وغيرت مجال الدراسة إلى الطب.
عن تخصصها تخبرنا الدكتورة: يعد تخصصي جراحة القلب وجراحة الأعصاب بالمعايير العالمية من نخبة التخصصات الطبية، حيث تتطلب الدقة العالية والمهارة والتركيز المطلق وفوق هذا كله العمل المجهد والساعات الطويلة في العمليات مقارنة بالتخصصات الجراحية الأخرى، كما يتطلب أيضا شخصيه قيادية حتى ينجح الفريق بقيادة الجراح في أخذ المريض إلى بر الأمان، لذلك تجد في أمريكا وكندا معايير القبول لهذين التخصصين صارمة جدا ففي النهاية إذا حدث خطأ بسيط أو فقد التركيز فيعني ذلك “الفشل”.
وأضافت: يتطلب القبول اجتياز العديد من الاختبارات المعيارية في كندا وأمريكا وكذلك الحصول على تزكية من عدة جراحين كانوا شاهدين على مهارة المتقدم وكفاءته، بالإضافة إلى مقابلات مطولة لاستنتاج شخصية ومدى تحمل المتقدم للضغط .
وعن تخرجها قالت الندابية: بتوفيق من الله تخرجت بعد إتمامي 6 سنوات في تخصص جراحة القلب بنجاح في أعرق جامعة بكندا “جامعة مجيل” التي تخرج منها العديد من الجراحين الكبار وأسماء بارزه لها بصمة تاريخية في مجال جراحة القلب .
وأضافت: برنامج التخصص في جراحة القلب في مجيل يعد من أكثر البرامج صعوبة، إضافة إلى الضغط التدريبي العالي الذي دفع بعض زملائنا في البرنامج نفسه إلى الانسحاب، إلا أنه في النهاية تجني ثمرة الجهد والصبر عندما تنظر للكم الهائل من الخبرة والثقة المكتسبة.
واختتمت الندابية حديثها لـ “أثير ” قائلة بأن القطاع الصحي في سلطنة عمان في أمسّ الحاجة لأطباء ذوي مهارات في التخصصات الدقيقة، فحتى الآن أصحاب التخصصات (القلب والدماغ) في السلطنة نادرون ويعدون على أصابع اليد، وعملية القلب الواحدة في الخارج قد تكلف الدولة آلاف الريالات، وتأخر العمليات يعني معاناة المرضى أو الوفاة في حالات القلب.