فضاءات

د.راشد النظيري يكتب: التصرف في المبيع قبل قبضه (1)

Atheer - أثير
Atheer - أثير Atheer - أثير

مسقط-أثير
إعداد: د. راشد بن حمود بن أحمد النظيري، كلية الحقوق، جامعة السلطان قابوس


تنقل ملكية المبيع إلى المشتري بمجرد انعقاد العقد بجميع أركانه وشروطه كافة()، ثم يتبعه قبض البائع للثمن وتسليمه المُثمن؛ امتثالا لقوله تعالى “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ….” المائدة 1
يقول الإمام السالمي- رحمه الله:
ويلزم البائــــــــــــع أن يســــــــــــــــــلما ذلك للشاري لكي يستلما
فالقبض بعد البيع من تمامه ومن تمام مجتبى أحكامه()



والأصل قانونا انتقال ملكية المبيع إلى المشتري فور تمام عقد البيع الصحيح() ما لم ينص القانون أو يقع الاتفاق بين المتعاقدين على خلاف ذلك، جاء في المادة 155 من قانون المعاملات المدنية العُماني: ((يثبت حكم العقد الصحيح النافذ في المعقود عليه وبدله بمجرد انعقاده دون توقف على القبض أو غيره ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، وعلى كل متعاقد الوفاء بما أوجبه العقد عليه من التزامات))، وحكم العقد نقل الملكية، فيحصل بمجرد انعقاد العقد إن كان المعقود عليه منقولا معينا بالذات أو بيع جزافا؛ إذ ما بيع جزافا لا يخرج عن كونه مبيعا معينا بذاته من جهة مكانه()، نصت المادة 375 على أنَّ: ((تنتقل ملكية المبيع إذا كان معينا بالذات أو كان جزافا بمجرد إتمام البيع ما لم ينص القانون أو الاتفاق بغير ذلك)).
ومعنى ذلك أن انتقال الملكية غير متعلق بقبض المبيع أو تسلم الثمن؛ إذ التسليم والتسلم من حقوق العقد، فهما من الالتزامات المترتبة على العقد الصحيح().
وممَّا نصَّ القانون على عدم انتقال ملكيته بمجرد العقد المبيع المعين بالنوع، فقد نصَّت المادة 376: ((إذا لم يُعين المبيع إلا بنوعه فلا تنتقل الملكية إلا بإفرازه))؛ لكونه بعد الفرز غدا معينًا بالذات()، كما أن ملكية العقار لا تنتقل في القانون العُماني إلا بالتسجيل في السجل العقاري، ورد في المادة 899: ((تنتقل الملكية وغيرها من الحقوق العينية في المنقول والعقار بالعقد متى استوفى أركانه وشروطه طبقا لأحكام القانون))، وفي المادة 901: ((لا تنتقل الملكية ولا الحقوق العينية الأخرى في العقار سواء بين المتعاقدين أو في حق الغير إلا بالتسجيل وفقا لأحكام القوانين الخاصة به))، وهاتان المادتان مصدرهما المباشر القانون المدني الأردني رقم 43 لسنة 1976، وقد علَّقت المذكرة الإيضاحية للقانون المدني الأردني على المادتين()، فقالت: (( الملكية في العقار والمنقول على السواء تنتقل بالعقد وإن كانت الملكية في العقار لا تنتقل إلا بالتسجيل إلا أن ذلك لا يمنع من انتقالها بالعقد طبقا للرأي الراجح، ولكن أثره يتراخى إلى وقت التسجيل… ومتى تم التسجيل تعتبر الملكية منتقلة من وقت العقد لا من وقت التسجيل؛ لأن سبب نقل الملكية هو العقد))()، وهو ما قررته المحكمة العليا العُمانية، جاء في أحد مبادئها: ((عدم تسجيل عقد البيع في السجل العقاري لا يبطل البيع، علة ذلك أن قانون المعاملات المدنية اعتبر ثبوت البيع بمجرد الصفقة))()، وفي مبدأ آخر، قالت: ((إن تطابق الإيجاب والقبول من طرفي عقد البيع ينتج أثره، ويصبح العقد مبرمًا بينهما وإن تمَّ خارج دائرة السجل العقاري؛ إذ إن قانون السجل العقاري لم يغير من الطبيعة الرضائية لعقد البيع، وعليه فالعقد ينتج جميع آثاره بمجرد تمام انعقاده فيما عدا نقل الملكية الذي قد يتراخى فيه لحين إتمام التسجيل))().


وبناء على كون العقد الصحيح ينشئ آثاره فور انعقاده فإن الباحث يرى أن المقنن العُماني لم يحالفه الصواب في نص المادة 902 التي نقلها من القانون المدني الأردني، وجاء فيها: ((التعهد بنقل ملكية عقار يقتصر على الالتزام بالتعويض إذا أخل أحد الطرفين بتعهده سواء أكان التعويض قد اشترط في التعهد أم لم يشترط))؛ إذ هذا معقول لو كان العقد لا ينعقد إلا بالتسجيل كما هو الحال في القانون الأردني()، أما وأنَّ العقد ينعقد في القانون العماني وقت نشوئه ولم لو يتم التسجيل فإنه لا بد أن يُرتِّب التزامًا على عاتق البائع وهو نقل ملكية العقار إلى المشتري، ولا يُقتصر على الضمان في حال إخلال البائع بتعهده بنقل الملكية إلى المشتري بل تطبق القواعد العامة في طرق التنفيذ مع الضمان إن كان له مقتضى.
الهوامش:


2

Your Page Title