(توذي ال….. مالها تكتب كلام ماصخ…!)، هكذا كتب أحدهم في رسالة بعثها لي وهو غاضب لما (قرأه) من مقتطفات نُسبت (عمداً) للمجموعة القصصية (مِلح) للكاتبة بدرية الإسماعيلي، واستغرب تماماً أنه لم يقرأ الكتاب بأكمله وجاء يحكم عليه بناءاً على قصاصات (أبدع) مفبرك الزوبعة في لملمتها وتحويرها لغاية ستُكتشف ذات يوم…!
ولا يزال مجتمعنا يمارس (النفاق الاجتماعي) وكأنه نص مقدس لا تشوبه شائبة ولا تزال (ثقافة العيب) هي السكين التي تقطع في الأوردة والشرايين الاجتماعية، وتستباح الحرمات ويسكت عنها بسبب الخوف من الفضيحة أو من أن (الأنثى) لا يحق لها أن تقول، فصوتها وصورتها وكتابتها (عورة) يجب سترها…!
منذ أسابيع قليلة، أدرجت الأخت العزيزة (حبيبة الهنائي) صورة تجمعها بدبلوماسية ألمانية ويتوسطهما شاب يافع أعرفه منذ نعومة أظافره، يسمى (حافظ) على اسم خاله شقيق والدته والتي بالمناسبة كانت نفسها حبيبة..! وأذكر أن بعض (منغلقي العقول) من (ربعنا المطاوعة) أفتوا بحرمة وقوفها مع الشاب، قبل أن يسألوا عنه، وبالغ بعضهم بالقذف والشتم والتخويف من النار، ولم يكلّف نفسه عناء التقصّي، ولم يتشجع للاعتذار عن (جهالته) وكأن الله لم يأمر بالتبيّن من النبأ كي لا نصيب الناس بجهالة ونصبح (نادمين)…!
ولا أعلم لماذا يظهر (أرباب الشتم) شاهرين سيوفهم في وجوه المعارك الفكرية، ولا نراهم ينبسون ببنت شفة عندما نتحدث عن الفساد الأخلاقي الذي صار مطيته (الوطنية) ومركبه حب الوطن، بل لم نجد من يستنكر قيام (مراهقينا اليافعين) بالتحرش بوافدٍ وزوجته في وسط الطريق العام، بحجة أنها مناسبة وطنية، يُسمح بها ويجوز ما لا يجوز في غيرها…!
معظم من ينتقد المجموعة القصصية لم يكلف نفسه عناء القراءة، بل اكتفى بما يتناقله (الواتساب) من مقاطع أقرب ما تكون (هلوسة) قصد الكاتب بها أن يشطح بعيداً عن المضمون لأغراض خاصة. تماماً مثل رسائل (واتسابية) معنونة باسم مجهول رداً على مدونات (عائشة السيفية) وكأن الكاتب يقول: ” لا استطيع الرد على أنثى ولذلك أختفي وراء الاسم المستعار…!”
هذا الحراك الثقافي، يدل على أننا نقرأ بمزاجنا، وقتما نشاء، وحسب الموجة. والدليل أن الكتاب نزل منذ أشهر وتم تقديمه في أحد الملاحق الثقافية المحلية ومر على المطبوعات والنشر وأيضاً الرقابة على المصنفات الأدبية ولم يجد اعتراضاً، فلماذا الآن؟!
سؤال نوجهه لمشايخ العلم الذين أفتوا، وأعضاء مجلس الشورى الذين صدحوا، والقلة من (التابعين) الذين تصدوا للترويج كذباً وبهتانا وزوراً لأشياء لم أجدها في المجموعة ولن تجدوها، لأنها أوهامٌ تعشعش في عقول المرضى النفسيين فقط لا غير.
كفّوا ألسنتكم، وتحلّوا بالأدب عندما تدافعون عن الفضيلة الزائفة التي تسقط وراء الأبواب وخلف الجدران، وكفاكم توضيحاً للناس بأنكم تقرؤون بشهواتكم لا بعقولكم.
لا أتفق مع الكاتبة في بعض الأسطر، ولكن ما قرأته في مجموعتها شاهدته وسمعته وتمت روايته من قبل، فهل لأنها (أنثى) تسلون سيوف التهجم؟!
(إمراة من ظفار) للكاتب الزبيدي رواية تستحق القراءة وبها نصوص أكثر تصريحا بالجنس، لكن لم ينطق (الرجال) عندنا ضدها بشيء، ولم يهمسوا بشيء تجاه (الخشت) لسيف الرحبي، ببساطة لأنهم (ذكور) ويباح لهم (في الأعراف) ما لا يباح للنساء…!
وسيظل هذا المجتمع يمارس النفاق الاجتماعي، حتى تستفحل الكارثة، وساعتها سيتم (كسر) حاجز الصمت، لكن… سيكون ساعتها السرطان قد انتشر في الجسد كانتشار النار في الهشيم، فهل تعتبرون؟!
البعض أنهى صداقته معي بسبب اختلاف الفكر، والبعض الآخر وصل به الأمر بأن يفقد مصداقيته، ورُبّ ضارة نافعة، فمعادن البشر تُعرف بالصهر في نار الاختبارات، وليس هناك اختبار للمصداقية مثل هذه الظروف.
أقدّر تماماً هذا الحراك الاجتماعي، وأعلم تمام العلم بأن المجتمع يعوّض نهمه وعطشه للجنس بسلوكيات تحرم الحديث عنه، رغم أن إعلانات (المقويات الجنسية) تملأ الصحف اليومية، وتشعرنا بأننا شعب (ضعيف جنسياً) فهل خدشت (قصة) الحياء؟! وماذا عن تلك الإعلانات؟! وعلى هذا القياس لا استغرب أن يأتي أحد ويطالب بحظر كتب (فقه النكاح) لأن بها ما يخدش (الحياء) ويجرح العفة…!
يخشون من جرح الحياء، وهم يخدشونه في كل وقتٍ وحين، بل أن من يخدش الحياء محمي بقوة (القانون) وإسألوا عن قضية من تحرش بطفل عمره ١٢ سنة، وكيف خرج المتهم من القضية بأقل الأضرار، وهو يتناسى أن هذا الطفل سيكبر وهو ناقم على مجتمع سلب حقه بسبب (الحياء) وثقافة (عيب) هذا (مايجوز)…!
هل سيتحلى الناقمون والشاتمون بشجاعة الاعتذار عندما يقرؤون النصوص الحقيقية والأصلية للمجموعة القصصية؟! أتمنى ذلك، رغم أنه من المستحيلات