بيان النادي الثقافي .. أخطر من المغردين… عادل الكلباني
( البعض يعتقدون أنهم رجال ، لمجرد أنهم ليسوا نساء ) أدولف هتلر
(1)
تذكرني حالة الكاتبة بدرية الاسماعيلي بالحادثة التي حصلت للكاتب الكبير المرحوم نجيب محفوظ في التسعينيات القرن المنصرم تحديدا في عام 1994م ، حين أقدم احد مواطنيه مع سبق الاصرار والترصد والمغرر بهم على طعنه في رقبته بهدف القتل ، وهو يمشي صباحا على ضفاف النيل ، – ليس هنالك مقارنة بالطبع بين كاتبة تتلمس طريقها في الأدب وبين قامة كنجيب محفوظ _ ولكن من ناحية الصورة فقط ، وحين تم القبض على من قام بهذا الجرم وسؤاله من قبل المحقق ، لماذا أقدمت على طعن رجل ليس بينك وبينه عداوة او ثأر أو خلاف قديم ؟ قال المغرر به : كتب رواية اولاد حارتنا وتكلم فيها عن الله ، قال له المحقق : وهل قرأت الرواية ؟ قال من ارتكب الجرم : لا ولكن يقولوا…؟!!، فأستغرب المحقق وأندهش من هذا التصرف الآحمق الذي كان سيؤدي بحياة رجل بريء لمجرد انهم قالوا ….
(2)
كثيرا من هؤلاء الذين كتبوا وغردوا ووصفوا لم يقرأوا المجموعة القصصية ملح لبدرية الاسماعيلي ، ولم يتوغلوا في النصوص بمايمكنهم من فهم واسيعاب النص ، عليك ان تحاكم النص وليس الشخص ، فأنا مثلا ان كتبت عن الكفر فلست بكافر، واذا كان هنالك من قرأ المجموعة ، وخاض مع الخائضين فهذا يعاني من عقدة نقص ويحاول تعويضها بالتهريج ، أين هؤلاء القيمين على الاخلاق وصلاح المجتمع من وطن ينهب نهارا جهارا وماقضايا الفساد عنك ببعيد ، فلماذا لم يتحفنا هؤلاء الشجعان بمقال او تغريدة يخص الوضع العام ، والاشارة بالاسم لمفسد كبير وتوجيه الشتيمه او الاستهزاء به ، والمتورط اكثرهم في قضايا فساد تنخر البلد منذ اكثر من اربعين عاما ، أنهم يصمتون وكأن الامر لا يعنيهم في شيء ، لأنهم يعلمون جيدا بأن هنالك عين حمراء ترقبهم ستجرهم عنوة الى غير مايشتهون ، بينما يستقوون على امرأة كتبت مقطع او مشهد جنسي في كتاب ، فقامت قيامتهم واصبحت هذه المرأة في غمضة عين هي الفساد الأكبر هاتكة عرض المجتمع واخلاقه ، والمتسببة في فضائح وإنتهاكات جسيمة لا تقبلها الشرائع والانسانية ، بينما يحدث امام اعينهم ماهو العن من ذلك ويغضون البصر خوفا وجبنا وذلة ومهانة ، لنظرهم القاصر تحت صرتهم .
(3)
المفروض على هؤلاء الشجعان ومن شاكلهم في نفس الجرم ان يقروأ الادب العماني جيدا ، قبل ان يتصيدوا في الماء العكر، ويطلقون حماقاتهم ورذائلهم وفتنهم ، التي تسبب الكثير منها في التعريض بشرف امرأة لا يعلمون عنها شيئا ، الادب العماني مليء بكثير من هذه الصور الجنسية في روايات الكتاب العمانيون ، فلماذا لم يتم الاشارة الى كتب احدهم ، ام ان هؤلاء شجعان فقط لمجرد ان امرأة كتبت مثل هذا ، علينا قبل اطلاق الاشاعات والتعريض بالآخرين أن نتأكد نتحقق نبحث نستقصي الحقائق ، ولكن ماذا تنتظر من الجهلة إلا عكس ذلك ؟.
4)
المصيبة والكارثة ليس في المغردين او من كتبوا جهلا وتهريج ، ولكن الكارثة جاءت من هذا النادي الذي ينعت نفسه بالثقافي ، إذ اصدر بيانا في غير اوانه خطيرا وخطأ فادحا ، سيظل يذكره القادمون بعدنا زمنا طويلا ، يقول النادي الثقافي في بيانه المترع بالتناقضات ( أن النادي حريص على المجتمع وعاداته واخلاقه ، وان كتاب الملح لن يتم بيعه في المكتبات – بمامعناه مصادرة الكتاب – وأنه يجب تقبل الآخر وإستيعاب النصوص الادبيه التي يفسرها الآخرون في غير سياقها ) ، هذا القص واللصق والخبط العشوائي الحابل بالنابل هو الذي سيجعل كثيرا من الناس تصدق ماكتبه الآخرون من استثناء معيب عن الكتاب ، انظروا الى التناقض المخجل والمريب والمضحك المبكي في آن ، فالنادي الثقافي حريص على اخلاق وعادات المجتمع ثم يقحم نفسه مباشرة في مصادرة الكتاب وانه لن يباع في الاسواق او مكتبات البلد ، ممايصور للمجتمع بأن هذا الكتاب غير اخلاقي واخطأنا في طباعته ونشره وتوزيعه ، فهل يستحق هذا النادي بعد اليوم ان ينظراليه أي مثقف يحترم نفسه بنظرة جديرة بالتقدير والاحترام ، لقد تخلى في لمح البصر عن كتاب قدمه ونشره ثم صادره بأسم اخلاق وعادات المجتمع .
كيف اثق في نادي كهذا يتخلى عن كتابي ويصادره اذا حدث سوء فهم من بعض الجهلة والذين في قلوبهم مرض ولم يرضهم ماكتبت فيه ، المفروض ان يقدم رئيس هذا النادي وادارته استقالاتهم على هذا التردي والقلق والارتباك الغير المبرر منهم ابدا ، لقد غسلت يدي بالماء والصابون من هذا النادي منذ زمن بعيد .
(5)
كأنه لا يوجد في هذا الوطن – المشرق بالفضيلة والمثالية – خطيئة غير ماكتبته بدرية الإسماعيلي .
كل ما تنشره "أثير" يدخل ضمن حقوقها الملكية ولا يجوز الاقتباس منه أو نقله دون الإشارة إلى الموقع أو أخذ موافقة إدارة التحرير. --- Powered by: Al Sabla Digital Solutions LLC