ناصر أبو عون
باحث بمركز الدراسات والبحوث
هنا في عُمان وفي جو شرقي محافظ موغل في التقاليد العريقة حصلت المرأة على كافة حقوقها بل صارت شريكة للرجل في صناعة التنمية لقد نجحت المرأة العمانية في إحداث حالة فريدة من التوازن ظهرت في وقوفها في المنطقة الوسط فتمسكت بتقاليد وطنها وعقيدة شعبها من ناحية وحصلت على كافة حقوقها ومارست دورها في بناء المجتمع.. إنها وسطية الإسلام دين الدولة ومبدأ التوازن الذي رسَّخ له المقام السامي (لا إفراط ولا تفريط)، و(ولا ضرر ولا ضرار)، وعلى المقلب الآخر في الغرب الأمريكي والأوروبي الذي نادت فيه النساء بالحرية والثورة على المجتمع الذكوري ومزاحمة الرجل في كل وظائفه الفطرية والبيولوجية والدينية وحصلت على قائمة طويلة من الحقوق تحت راية (المساواة) لكن الإحصاءات والشهادات تؤكد أن الحرية التي حصلت عليها المرأة في الغرب الأمريكي كانت مجرد وهم وسراب (يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئا) ؛ فقد انكشف الغطاء وعرفت المرأة الغربية أن تلك الحرية الزائفة قادت المجتمعات في الغرب الأمريكي والأوروبي إلى الهاوية وانتهت بكوارث في الحياة الاجتماعية إن الإحصائيات عن النسيج الاجتماعي الغربي تؤكد أن أوضاع المرأة ليست بالصورة الزاهية التي يراها البعض من الحصول على حقوق أو حرية أكثر مما يجب، وقد تكون الحرية الزائدة – في نظر البعض – إنما هي قيود.. ويطالبن بالمساواة بالمرأة الشرقية.
**امرأة أوربية: أنقذوني من الحرية**
في تقريره السنوي ذكر (معهد المرأة) في إسبانيا ـ مدريد، مجموعة من الإحصاءات المذهلة، التي تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن مشكلة (حقوق المرأة) وفق الرؤية الغربية، هي مشكلة غربية لا أكثر، وأن المرأة الغربية ليست هي المرأة النموذجية، والإحصاءات تخص دولتين هما الولايات المتحدة وإسبانيا؛ باعتبارهما يمثلان القمة والعتبة في ركب الحضارة والتطور بالمعيار المادي.
نبدأ بإسبانيا: ففي عام 1989م كان متوسط الولادات 1.36 لكل امرأة، وفي عام 1992م كان متوسط الولادات 1.02، وهي أقل نسبة ولادات في العالم، وفي عام 1990م (93 %) من النساء الإسبانيات يستعملن حبوب منع الحمل ولمدة 15 عاماً متتالية في عمر كل منهن ، وفي عام 1990م قدّم 130 ألف امرأة بلاغات بالاعتداء الجسدي والضرب المبرح من قبل الرجال الذين يعيشون معهن سواء كانوا أزواجاً أم أصدقاء ،ويقول أحد المحامين: إن الشكاوى بالاعتداء الجسدي والضرب المبرح بلغت عام (1997م) 54 ألف شكوى، وتقول الشرطة: إن الرقم الحقيقي عشرة أضعاف هذا العدد، وفي عام 1995م خضع مليون امرأة لأيدي جراحي التجميل، أي بمعدل امرأة من كل 5 نساء يعشن في مدريد وما حولها، كما أن هنالك بلاغًا يوميًّا عن قتل امرأة بأبشع الطرق على يد الرجل الذي تعيش معه.
أما في الولايات المتحدة الأمريكية ففي عام 1980م ظهرت (1.553000) حالة إجهاض، 30 % منها لدى نساء لم يتجاوزن العشرين عاماً من أعمارهن، وقالت الشرطة: إن الرقم الحقيقي ثلاثة أضعاف ذلك ، وفي عام 1982 م (80%) من المتزوجات منذ 15 عاماً أصبحن مطلقات ، وفي عام 1984م (8 ملايين) امرأة يعشن وحدهن مع أطفالهن ودون أية مساعدة خارجية ، وفي عام 1986م (27%) من المواطنين يعيشون على حساب النساء ، وفي عام 1982م (65) حالة اغتصاب لكل 10 آلاف امرأة ، وفي عام 1995م (82) ألف جريمة اغتصاب، 80% منها في محيط الأسرة والأصدقاء، بينما تقول الشرطة : إن الرقم الحقيقي 35 ضعفاً ، وفي عام 1997م بحسب قول جمعيات الدفاع عن حقوق المرأة: اغتصبت امرأة كل 3 ثوان، بينما ردت الجهات الرسمية بأن هذا الرقم مبالغ فيه في حين أن الرقم الحقيقي هو حالة اغتصاب كل 6 ثوانٍ! وفي عام 1997م (6) ملايين امرأة عانين سوء المعاملة الجسدية والنفسية بسبب الرجال، 70% من الزوجات يعانين الضرب المبرح ، و4 آلاف يقتلن كل عام ضرباً على أيدي أزواجهن أو من يعيشون معهن، و 74% من العجائز الفقراء هم من النساء، 85% من هؤلاء يعشن وحيدات دون أي معين أو مساعد ، ومن 1979 إلى 1985 م: أجريت عمليات تعقيم جنسي للنساء اللواتي قدمن إلى أمريكا من أمريكا اللاتينية، والنساء اللاتي أصولهن من الهنود الحمر، وذلك دون علمهن، ومن عام 1980 إلى عام 1990م: كان بالولايات المتحدة ما يقارب مليون امرأة يعملن في البغاء، وفي عام 1995م: بلغ دخل مؤسسات الدعارة وأجهزتها الإعلامية 2500 مليون دولار.
**نساء تطالب بالعفة والعذرية**
بعد أربعة عقود تقريباً على اندلاع الثورة الجنسية في أوروبا وأمريكا ، بدأ الغرب يشهد ثورة مضادة لها في الاتجاه؟ أو ما يسمى بحركة العفة في الغرب فقد نشرت مجلة نيوزويك الأميركية- تقريراً عن حركة العفة الأميركية – أهم ما جاء فيه مقالان حول تمسك المراهقين الأميركيين بالعذرية والعفة، وانخراط الحكومة الأميركية الحالية في ذلك، بل ودعمها المالي للاختيار الجديد. ومما جاء في التقرير أنه وفق دراسة أخيرة أجرتها مراكز السيطرة على الأمراض، ارتفع عدد طلاب المرحلة الثانوية الذين يقولون إنهم لم يمارسوا الجنس بعد بنحو 10% خلال عشر سنوات. وفي جانب آخر من التقرير أنه في الصفوف المدرسية عبر الولايات المتحدة تتزايد البرامج التي تناشد المراهقين بتأخير ممارسة الجنس. وفي سويسرا نشرت أسبوعية (الايبدو) استطلاعاً مطولاً للصحافية (سابين بيرولت) عن عودة ظاهرة العفة إلى صفوف الفتيان والفتيات، وساقت عدة شهادات لهؤلاء الفتية تحت عنوان (عفيفات وفخورات بذلك)، واختارت أسبوعية (لوكورييه انترناسيونال) بعض المقتطقات منه، ضمن ملف عالمي حول (الفتيات الشابات)، والتحولات الجارية في صفوفهن في كل من أميركا والبرازيل وبولندا والصين وسويسرا وروسيا وأسبانيا والسنغال والكونغو الديمقراطية وتركيا والعالم العربي. وذكرت (الايبدو) أن الفتيات الأوروبيات أصبحن يتوجهن إلى الطبيب للحصول على شهادة العذرية، أو إجراء عملية تجديد غشاء البكارة.
**رسالة أمريكية إلى المرأة العربية**
في لقاء مع الكتابة الفرنسية (فرانسواز) وعند سؤالها عن سبب سخريتها في كتابتها من حركة تحرير المرأة ؟ أجابت فرانسواز ساجان : من خلال نظرتي لتجارب الغالبية العظمى من النساء أقول: (إن حركة تحرير المرأة أكذوبة كبيرة اخترعها الرجل ليضحك على المرأة !! وكتبت الصحفية الأمريكية جوانا فرانسيس، رسالة إلى النساء المسلمات تبرهن فيها على تلك الحال التي وصلت إليها المرأة في المجتمعات الغربية من ابتذال واستخدامها كسلعة ، ومما قالته: (الواقع معظم النساء لسن سعداء، صدقوني, فالملايين منا يتناولن أدوية ضد الاكتئاب، ونكره أعمالنا, ونبكي ليلاً من الرجال, الذين قالوا لنا بأنهم يحبوننا، ثم استغلونا بأنانية وتركونا. إنهم يريدون تدمير عائلاتكن، ويحاولون إقناعكن بإنجاب عدد قليل من الأطفال. إنهم يفعلون ذلك بتصوير الزواج على أنه شكل من أشكال العبودية، وبأن الأمومة لعنة، وبأن الاحتشام والطهارة عفا عليهما الزمن, وهي أفكار بالية. في نظري أنتن كالجواهر الثمينة، لكن بعضنا خدعن, ويشككن في قيمة طهارتنا… إن لآلئنا لا تقدر بثمن، لكنهم يحاولون إقناعنا بأنها رخيصة, ومع ذلك صدقوني، لا بديل عن النظر إلى المرآة, ورؤية الطهارة والبراءة واحترام الذات. إن الأزياء التي تخرج من المجارير الغربية, مصممة كي تشعرن بأنها مصممة للاعتقاد بأن أفضل ما تملكه المرأة هو جاذبيتها الجنسية, لكن الفساتين الجميلة والأحجبة هي في الواقع أكثر جاذبية من أي زي غربي, لأنها تحيطكن بالغموض والاحترام والثقة. إن الجاذبية الجنسية للمرأة يجب حمايتها من الأعين التافهة، حيث يتعين أن تكون هذه الجاذبية هدية المرأة للرجل الذي يحبك ويحترمك بغرض الزواج. ونظراً لأن رجالكن مازالوا محاربين شجعان، فهم يستحقون الأفضل. إن رجالنا لا يريدون الطهارة الآن، وهم لا يدركون اللؤلؤة ذات القيمة العالية، بل يفضلون الأشياء الصارخة عوضاً عن ذلك, ثم يتخلون عنها فيما بعد. إن أكبر ما تملكه المرأة هو جمالها الداخلي، وبراءتها, وكل شيء يجعلك ما أنت عليه، ومع ذلك لاحظت أن بعض النساء المسلمات يتجاوزن الحدود, ويحاولن التشبه بالغرب قدر ما أمكن, وحتى وهن يرتدين الحجاب (مع إظهار شيء من شعورهن). لماذا يتعين تقليد النساء اللاتي ندمن على فضيلتهن المفقودة، أو التي سيفقدنها عما قريب؟ فليس ثمة تعويض عن تلك الخسارة. أنتن حجارة الألماس التي لا عيب فيها، فلا تسمحوا لهم بالاحتيال عليكن, وتحويلكن إلى حجارة لا قيمة لها، لأن كل ما ترونه في مجلات الأزياء الغربية والتلفزة الغربية عبارة عن أكاذيب. إنها مصيدة الشيطان. أو إبليس، إنه ذهب كاذب.. سوف أفشي لكنّ سراً بسيطاً، إن كان لديكن فضول ممارسة الجنس قبل الزواج، فليس شيئاً عظيماً، فقد سلمنا أجسادنا لرجال كنا نحبهم معتقدين أن تلك هي الوسيلة التي تجعلهم يحبوننا ويرغبون في الزواج منا… إن أفضل ما نقوم به هو أن نربى أسرنا, ونوفر الراحة والقوة للرجال الذين نحبهم, لكن نحن النساء الأميركيات خدعنا، حين جعلونا نعتقد بأننا سوف نكون أكثر سعادة بشغل الوظائف، وامتلاك البيوت الخاصة بنا، لنعيش فيها لوحدنا، وحرية منح الحب لأي شخص نختاره… هذه ليس حرية، كما أن ذلك ليس حباً، فجسد المرأة وقلبها يشعران بالأمان، بإسداء الحب فقط ضمن ملاذ الزوجية الآمن… إن ارتكاب الإثم لا يجدي, لأنه يخدعك دائماً، ورغم أنني استعدت شرفي، لكن لا بديل عن عدم تدنيس شرفي في المقام الأول. بالنسبة للنساء الأوروبيات فقد تعرضن لعملية غسيل دماغ كي يعتقدن أن النساء المسلمات مضطهدات. في الواقع نحن اللواتي يخضعن للاضطهاد، نحن عبيد الأزياء التي تحط من قدرنا، ويسيطر علينا هوس وزن أجسامنا، ونتوسل للرجال طلباً للحب… ونحن ندرك في أعماقنا أننا خدعنا، ولذلك نحن معجبات بكن وأنتن مثار حسدنا… رجاء لا تنظرن باحتقار لنا, أو تفكرن بأننا نحب الأشياء كما هي عليه… عندما كنا صغاراً لم يكن لنا آباء للقيام بحمايتنا؛ لأن العائلات قد جرى تدميرها. وأنتن تدركن من هو وراء هذه المؤامرة.أخواتي: لا تنخدعن، ولا تسمحن لهم بخداعكن، ولتظل النساء عفيفات وطاهرات. نحن المسيحيات يتعين علينا رؤية الحياة كما ينبغي أن تكون بالنسبة للنساء. نحن بحاجة إليكن، لتضربن مثلاً لنا، نظراً لأننا ضللنا الطريق. إذاً تمسكوا بطهارتكن، وآمل أن تتقبلن هذه النصيحة بالروح التي أقصدها، روح الصداقة والاحترام والإعجاب.
**رفض الذكورية والتمركز حول الأنثى**