وإني كلما هممت بالحياة تناهى إلي حفيف خطواتها الهاربة ..
وأعود لفخ السؤال الذي يشبه قشرة الموز في درب صمتي الآيل للبوح أمام كل هذا البياض الشاسع كوطن .. كحب .. او غناء ..
لماذا أكتب !
بل لماذا نكتب !!
والحبر يوما لم يقنع الموت الملثم بما ظل درويش يتهجد به حتى القصيدة الأخيرة :
“على هذه الأرض مايستحق الحياة “
استرسال يرمي بأجوبة لاتشفي غليل الأسئلة غير إنها تومض كرمح ينكأ انطفاء الذاكرة بكل تلك الندوب المحفورة بهيئة وطن ..
وأنا … أدور بهذا الوشم الأحمر فوق ملاسة البياض .. وأعرف إن البياض شاسع وأن البلاد قاب قوسين وسهمين ورصاصتين وقلب واحد ..
وأن الحكايا متاع المرتحل وهو ينوء تحت حمل ذاكرته القاسية برائحة الحنطة والشعير والمواويل ودخان التنانير التي توقظ الفجر من غفوته ..وتسوق النسوة بعبائاتهن المقدسة السواد ليفتتحن النهارات بعزف التنانير ورقص الارغفة ..
ولكم تمنيت أن أكون رغيفا ،و نايا ،و مطرا ،وغيمة تتعلق في السماء الحزينة، ولو بجسد نجمة عابرة ، أو قمر صديق يتطلع لجنوننا الذي لوّن الخرائط بالدم والنحيب دون أن يرف قلب أو يتعثّر نبض ..
هي لعنة النقائض حين يداهمك الخوف فتداهم الحياة بكلّ هذا الحبر المتدفق لوعة ورقصا ووجعا يترنح فوق النقاط والحروف .. كأنك لم تبلغ فطام الفرح بعد ..
هي هذا القنديل الشاحب الذي أدور به بين الحروف بحثا عن إجابة لا أريدها أن تكون كي لاتهتك دهشة الإنتظار ..
وهي طرائد الأسئلة التي تسعى خلفي ،وترفعني على أجنحتها الهائجة كبحر ..كغضب .. أو كقلب عاشق ،وتسألني من جديد: هل تغريك الكتابة أم تغرينها؟ هل يكتبك الوجع أم تكتبينه؟ هل تنتظرك الخرائط بمطاراتها ، أم تنتظرينها؟ هل تبتكرك اللغة أم تختلقينها؟
ومن منكما النقطة والفاصلة والنهاية ؟
ومن يلملم عن وجه الآخر كسر الزجاج والمرايا ؟
ومن منكما الكذبة والحقيقة ؟
ومن منكما البداية والنهاية ؟
للبياض أسئلة الحبر ..
ولي في الورق وشيجة رحم يبر دوما بأصابعي التي لاتكف عن الأسئلة ..
وحبري الذي لايكف عن المطر ..
وإن كان مطرا قاسيا ساحرا يغري عطشك التاريخي كلما هممت بالإرتواء ازددت عطشا فوق عطشك..
وكلما هممت بالصمت اشتعلت اللغة تحت اصابعك جنيات من ماء ونار ..
كل ما تنشره "أثير" يدخل ضمن حقوقها الملكية ولا يجوز الاقتباس منه أو نقله دون الإشارة إلى الموقع أو أخذ موافقة إدارة التحرير. --- Powered by: Al Sabla Digital Solutions LLC