من الظواهر الغريبة التي يجب الانتباه إليها في دور العرض السينمائي هي الإقبال الكبير على أفلام الرسوم المتحركة “الإنيميشن” , فغالباً ما تتصدر هذه النوعية من الأفلام قائمة العشرة أفلام الأولى في الولايات المتحدة الأمريكية (box office) من كل أسبوع ، وربما تضمن تلك القائمة أكثر من فيلم في كل مرة ، وهذا الإقبال دعا شركات الإنتاج الى عمل أجزاء من الأفلام التي تنجح تجارياً مثل سلسلة أفلام “مدغشقر” بثلاثة أجزاء، وسلسلة أفلام “شريك” بأربعة أجزاء ، وسلسلة “العصر الجليدي” بأربع أجزاء ، وأيضاً “قصة لعبة” بثلاثة أجزاء ، هذا فضلاً عن قائمة كبيرة من الأفلام الناجحة جماهيرياً مثل :فيلم “النحلة” ،وفيلم “إيبك “وفيلم “كونفو باندا ” ،وفيلم “تشغيل الدجاج” ، “البرية” ،وفيلم “الطيور الحرة” , كما إنّ هذا النجاح ،والإقبال الكبيرين على هذه الفئة من الأفلام دفع أكاديمية فنون ،وعلوم السينما إلى استحداث جائزة أوسكار لهذه الفئة عام 2002 , وهذه الظاهرة تعدّت كونها نوعية مطلوبة من الأفلام حسب, بل صارت تتصدر قائمة الأفلام ذات الإيرادات الأعلى , فتجاوزت إيرادات فيلم الرسوم المتحركة “فروزن” (مجمّد) مثلاً مليار دولار على المستوى العالمي، ليصبح بذلك أعلى أفلام الرسوم المتحركة تحقيقا للإيرادات في تأريخ السينما الأميركية محققاً 1.072 مليار دولار وأصبح هذا الفيلم “الذي فاز بأوسكار أفضل فيلم رسوم متحركة هذا العام” عاشر أكثر فيلم تحقيقاً للإيرادات في تأريخ السينما, ويدور فيلم “مجمد” المستوحى من قصة “ملكة الثلج” الخيالية حول أميرة إسكندنافية تسعى للعثور على شقيقتها الملكة التي تمتلك في يديها قوة تحويل أي شيء إلى جليد، وحولت بطريق الخطأ المملكة إلى فصل شتاء طويل , وكان فيلم الرسوم المتحركة “توي ستوري 3″، قد تصدر قائمة أعلى الإيرادات، بعد أن جمع 1.063 مليار دولار عام 2010، والفيلم ثلاثي الأبعاد من إخراج كريس باك وجنيفر لي فاز بجائزتي أوسكار، إحداهما عن أفضل فيلم رسوم متحركة والأخرى عن فئة أفضل أغنية أصلية التي حققت أسطوانتها أرقاما كبيرة في المبيعات.
فلماذا هذا الإقبال ؟ خصوصاً إنّ معظم تلك الأفلام تعتمد على قصص خيالية تحاكي عقول فئة معينة من المُشاهدين, فقد كُتبت قصصها لتناسب الأطفال بطريقة سردها ،وبأسلوبها العام , وهذا يُعدّ مؤشرا الى الفئة العمرية التي ترتاد دور السينما , فهي رغم أنها تجاوزت سن الطفولة لكن يبدو إنّها تحنّ إليها من خلال متابعة تلك الأفلام ، أو ربما يكون تطور التقنيات الحديثة هو السبب ،فكلّ تلك الأفلام تجمعها صفة مشتركة ،وهي العرض الثلاثي الأبعاد ،وأبطاله تم رسمهم ،وتشكيلهم حسب رغبة الرسام فلا حدود لخياله ,وبالإمكان تنفيذ ذلك الخيال المتوقّد بسهولة , بعيداً عن الواقع المحدود ،مهما كانت درجة مرونته ،ومطواعيته , وربما هذا سيسبب قلقا للممثلين , فقد غابت صورهم في تلك الفئة من الأفلام ،وظهر صوتهم فقط , كما أن المخرجين سيشعرون بالحرية مع أبطالهم الكارتونيين أكثر من أولئك الحقيقيين ،فلن تقلقهم مزاجيات الممثلين المتقلّبة، ولن يكون هناك الحاجة إلى بديل شجاع ينفذ المشاهد الخطرة بل سيكونون هم ،والأماكن حولهم طوع بنان رساميهم .
كل ما تنشره "أثير" يدخل ضمن حقوقها الملكية ولا يجوز الاقتباس منه أو نقله دون الإشارة إلى الموقع أو أخذ موافقة إدارة التحرير. --- Powered by: Al Sabla Digital Solutions LLC