لماذا نقرأ الأدب؟ لماذا نذهب إلى السينما؟ لماذا نذهب إلى المسرح؟ لماذا نستمعُ إلى الموسيقى؟ لماذا نقرأ قصيدة؟ المُبدع نفسه بالضرورة لماذا يكتُب؟
يظل الأمر في تصوري مرهونًا بحاجتين: حاجة اجتماعية و حاجة جمالية.
الحاجة الجمالية هي حاجة هذا المبدع لإشباع رغباته الذاتية وطرح أفكاره حتى وإن كانت أفكارًا استشرافية أو مستقبلية، الحاجة الثانية رغبته في التغيير، التغيير الذي يحاول أن ينتقل بالمجتمعات من مستويات الضرورة والحياة اليومية البسيطة (الأكل والشرب والعيش) إلى مستويات الفضاء ومستويات الحرية الأوسع والحلم بعالم أكبر وإلا ما كان افلاطون مهمومًا بالجمهورية، وما كان الفلاسفة مهمومين أيضا بأفكار تحاول أن تجعل من هذا العالم عالمًا يتسم بالعدل، ومع ذلك كل مبدع في كتاباته أيًا كان الإبداع سواء مكتوب أم مرئي أو تشكيلي أو حتى في المأثورات الشعبية كل مبدع في إسهامه بقدر أو بآخر يحاول أن ينتقل بالمجتمع و بالإنسان وبذاته في المقام الأول من مستويات التفصيلات اليومية المرهقة إلى أن يصبح كائنًا أرقى يستطيع أن يفكر وأن يتأمل، وسيظل هذا الثالوث هو محور الحركة الابداعية (الله، الانسان، العالم) ابدأ بأي الأطراف كما شئت حسب تصورك علمانيًا أو دينيًا، نتشاويًا أو ماركسيًا، رأسماليًا أو اشتراكيًا، لكن سيظل هذا الثالوث هو الذي يتحرك وعلينا أن نُقدم تصورات، الهدف في النهاية مثله مثل الفلسفة أو الفنون يسمو ويحاول أن يضفي على حياة الانسان المتعة ويضفي على حياة الانسان الجمال ويضفي على حياة الانسان الحرية والحب كمقولات الحق و الخير و الجمال والعدل والفضيلة إلى اخر هذه المقولات.
نحن بالفعل نملك مبدعين حقيقيين كعرب، لدينا مبدعون يستحقون نوبل منذ بداية القرن العشرين، أليس طه حسين يستحق جائزة نوبل؟ توفيق الحكيم مثلا, جبرا ابراهيم جبرا، غسان كنفاني رغم ندرة انتاجه، عبدالرحمن منيف هُناك أسماء حقيقية وهؤلاء حققوا انتاجًا أدبيًا عربيًا قويًا اكتسب شيوعًا تُرجم واخترق الثقافات المختلفة، مالعائق إذا؟ لكن يبدو في النهاية أن قدر الجوائز الكبرى دسيس العلاقات السياسية التي ترفع على الجوائز بشكل أو بأخر، لكن على كل كاتب أن يخلص لبيئته، لثقافته، لمحليته من هُنا تُصبح عالمية.
ميلان كونديرا, ماركيز، بورخيس خُذ أي كاتب اكتسب شهرة، كُتاب اليابان، كُتاب الصين، كوريا الجنوبية، كُل كاتب من هؤلاء القامات الكبرى مخلصًا اخلاصًا كبيرًا لثقافته، لجغرافيته، لبيئته، في الوقت نفسه الذي تجد هذا الكاتب أو ذاك يُراهن على أن الأدب مُنتج إنساني يتعامل مع القضايا الكبرى، العدل، الخير، الحب، القيمة، الاخلاص. هكذا هي الحياة بشكل عام.
كل ما تنشره "أثير" يدخل ضمن حقوقها الملكية ولا يجوز الاقتباس منه أو نقله دون الإشارة إلى الموقع أو أخذ موافقة إدارة التحرير. --- Powered by: Al Sabla Digital Solutions LLC