ما يترجم من شعرنا العربي إلى اللغات الحية قليلٌ جداً، بل؛ وكارثي، قياساً إلى آداب الشعوب الأخرى. وينطبق هذا أيضاً على ما يترجم من تلك اللغات – أي لغات العالم – إلى لغتنا العربية، لتدرك حجم المأساة أو الكارثة معاً.
والكثير من الترجمة في وطننا العربي: مؤسسات أو أشخاصاً، تتحكم بها المزاجية والمصالح والمحسوبية. فقد تجد شاعراً “نفطياً” تترجم أعماله الكامله بينما شاعر بوزن حسب الشيخ جعفر تكاد لا ترى له شيئاً يُذكر أو يناسب حجم انجازه.
يكفي أن أذكر لك بعض الاحصائيات التي ذكرتها بالتفصيل في كتابي: “القراءة والتوماهوك، ويليه، المثقف والاغتيال” الذي صدر في بيروت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، العام 2010:
“ينتج العالم العربي كله أقل من كتاب واحد مترجم في السنة لكل مليون من السكان، بينما تنتج إسبانيا وحدها ما يقرب من 920 كتاباً لكل مليون من السكان. كما أن الإجمال التراكمي للكتب المترجمة منذ عصر المأمون حتى الآن يصل إلى نحو 10 آلاف كتاب وهو رقم يوازي ما تترجمه اسبانيا في عام واحد.
وأن معدلات الترجمة إلى العربية تقرب من 330 كتاباً في السنة، لحوالي 300 مليون نسمة. وهو رقم لا يتجاوز خُمس ما يترجمه بلد مثل اليونان وحده يسكنه 12 مليون نسمة!. وأن إسرائيل لوحدها تترجم 10000 كتاب سنوياً لـ 6 ملايين نسمة”!..
وأن عدد الكتب المترجمة إلى العربية في ثلاثة عقود من عام 1970 إلى عام 2000 يعادل 6881 كتابا وهذا يعادل ما نقل في عام واحد إلى اللغة الليتوانية التي يبلغ عدد الناطقين بها أربعة ملايين شخص فقط.
وقد كانت الترجمة العربية عام 1970 تصل إلى 11 في الألف بالنسبة لما أنتج في سائر أنحاء العالم، أما في عام 1986 أي بعد ستة عشر عاماً فقد تراجع ما ترجم في الوطن العربي إلى 6 في الألف لتحتل بذلك المركز الأخير”.. والخ..
إذن ينقصنا الكثير الكثير: مؤسسات ثقافية رصينة وجادة وفاعلة، واختصاصيون وجهد حقيقي وفعّال ومبدع. وتشجيع حركة الترجمة: جامعات وعاملين.. ومد جسور التواصل مع العالم. والمشاركة والمساهمة في المهرجات والمؤتمرات العالمية. ودعوة أدباء العالم إلى بلداننا واطلاعهم على ثقافتنا ومنجزنا. وتشجيع الكتاب العربي والمترجم طبعاً ونشراً داخل الوطن وخارجه. واستيراد الكتب الأجنبية والمجلات بمختلف اتجاهاتها ورفع القيود والحجب البالية والرقابات البليدة.
كل ما تنشره "أثير" يدخل ضمن حقوقها الملكية ولا يجوز الاقتباس منه أو نقله دون الإشارة إلى الموقع أو أخذ موافقة إدارة التحرير. --- Powered by: Al Sabla Digital Solutions LLC