مثل الأمواج التي تحدث عند القاء حجر في بحيرة ساكنة تنتشر المحبة ، والمودة في كلّ ركن من أركان حياتنا وتتخلل كل شيء ، وكل شخص ، ثم تعود الينا محملة لنا بمكافآت ، وفوائد لم نكن نتوقعها .
هناك من يشتكي من كثرة تعرّضه للخداع ، والصدمات في علاقاته ، بسبب طيبته مع الجميع ، والكل يستغله لأنه محب وودود !
نراه يصرخ من قمة رأسه إن صح التعبير ليعلن عن غبائه المستفحل ،وإنه يستحق ماحدث ،ومايحدث له، لأنه لم يفتح عينيه جيدا ، ولم يتعلم كيف يكون قاسيا كالآخرين ، فلو كان كذلك لما تعرض لمثل هذه المواقف التي تجعله أحيانا يغرق في دموعه من شدة التأثر ،والألم ، ويعلن بحزم وجد إنه سيبدأ من الآن ، فصاعدا ، صفحة جديدة ويترك الطيبة الزائدة جانبا لأنه ، وعلى حسب قوله : لم ير من ورائها أي خير يذكر .
وله نقول : عزيزي يؤسفننا ماحصل لك ،ومع احترامي لكل ماصرحت به ،أهمس في أذنيك ،وأقول : للأسف الشديد أنت لم تتعلم المعنى الصحيح للمودّة .. فالمودة غير الضعف ،فليس معنى ، لكي يكون الإنسان ودوددا عليه أن يكون ضعيفا …ولايعني إزالة جميع الحدود …ولايعني الفشل في التفرقة بين الصواب ،والخطأ ،أو السماح للآخرين باستغلاله ،فهذه لا تسمى طيبة ،ومودة ، إنما سذاجة ،بل سذاجة بأقتدار .
علينا أن نتعلم كيف نكون ايجابيين ،منفتحين على العالم ،مهما حدث لنا، وألّا نتخذ ردود أفعال عدوانية حتى عندما نواجه بها ،والأهم من ذلك كله الّا نردّ على الوضاعة ، بمثلها فنحن أرقى من أن نكون كذلك .
بالتأكيد الكثير منكم لاحظ حين يبدأ أحدهم العراك مع شخص ما ،ولا يرد عليه ذاك الشخص الّا بالمودة كيف أن هذا السلوك ،والتصرف الراقي قادر على امتصاص موقفه الدفاعي ،وقد يصل في بعض الأحيان الى درجة المقدرة على تهدئة الموقف نهائيا ..
والعكس صحيح اذا تصرفنا معه بعنجهية ،وعدوانية ،فإنه سيصبح من المستحيل علينا أن نحقّق أيّة نتيجة ايجابية تذكر .
هناك شيء مهم علينا استيعابه وفهمه ، وهو إن ملء القلب بالحقد ليس الطريقة المثلى كي تقيك من طعون الآخرين لك لأنك إن فعلت ذلك ستجرح نفسك ،و الآخرين ، في الوقت نفسه ، وبالتالي ستزيد من تعاسة نفسك ،وكل المحيطين بك .
إننا حين ننشر المحبة والمودة في المكان الذي نتواجد فيه سوف نرى نتائج تبهرنا ، لأن الجميع سيتأثرون بما سنقدمه من عطف ،ومحبة ،واللمسة الحنونة ، ستكون بمثابة علاج للروح .
صحيح إن كل واحد منا يحمل في قلبه جراحا سبّبتها قسوة الآخرين ، لكننا في الوقت نفسه نحمل في داخلنا العرفان والسعادة ،وذلك الشعور الجميل الذي أحدثته مودة بعض الأشخاص المميزين في حياتنا الذين شجعونا ،وأمدّونا بالقوة ، وغيروا من حياتنا لكونهم ودودين ،ومحبين لنا حيث اننا نعرف جيدا التأثير الذي تحدثه القسوة والمحبة على البشر .
والان وبعد كل ماوضحته لك عزيزي القارئ ترى أي طريق ستختار ؟ طريق القسوة والفظاظة؟ أم المودة والمحبة ؟
لكن قبل أن تجيبني أريدك أن تعلم إن طريق القسوة سهل للغاية لكن نهايته ستؤدي إلى افساد جميع علاقاتك المهمة التي تحتاج اليها في حياتك ، فما الذي يجبرك على سلوك طريق يمنع عنك الراحة ، ويقف حائلا أمامك من أن تكون انسانا ناجحا في حياتك ، فهل ترى ذلك صحيحا ؟
لكنني سأرجع لأول جملة ذكرتها في مقالي هذا ، وهي إن المودة كالموج المتتالي إن عملت على نشرها في كل مكان من حياتك ، فستدهش من كمّ المتأثرين بهذا المقدار القليل من الود ، ومن المواقف الصعبة التي سوف تحل بفعل هذه الكلمة السحرية .
أعتقد إن عليك الآن أن تقرّر ، وتمضي قدما في طريق الحب، والمودة ، فهو الأمثل لك لتحقيق حياة رائعة للغاية فما عليك سوى أن تتوكل وليوفقك الله في ذلك .
كل ما تنشره "أثير" يدخل ضمن حقوقها الملكية ولا يجوز الاقتباس منه أو نقله دون الإشارة إلى الموقع أو أخذ موافقة إدارة التحرير. --- Powered by: Al Sabla Digital Solutions LLC