الشاعرة والتشكيلية ميسون صقر
-
الخروج ليلا يعني رؤية النفس في نور أكثر عتمة
-
أورط ذاتي دائما ,, وأعيش النص اللوحة .. بأكملها وبأكملي
حاورها في القاهرة: ناصر أبو عون
منذ عشرين عاما كلفني مكتب جريدة البلاد السعودية بالقاهرة بإجراء حوال مع الشاعرة والتشكيلية ميسون صقر على هامش معرضها الفني بقاعة مسرح الهناجر للفنون التشكيلية بدار الأوبرا المصرية وننشر هنا بقية من الحوار الذي كان مطولا فاقتصر محرر الصفحة الثقافية على نشر أغلبه ونخص هنا صحيفة أثير الإلكترونية بما تبقى منه وهو المقطع الذي تطرق إلى الحديث عن العلاقة المزدوجة بين الكتابة الشعرية والفن التشكيلي فكان الحوار مسكونا بالشاعرية والفن وفي هذا الملتقى تحدثت عن رؤاها الأكثر نضجا وانطلاقا .. إنها تجيد التعبير بالكلمة المنطوقة والفكرة المرسومة وقد ظهرت هذه طلاقة الشعر تشكيلية في ديوانها [ هكذا أسمي الأشياء 1982] الريهقان 1992] بعده بعشر سنوات تقريبا والتي كانت بمثابة استراحة لالتقاط الأنفاس ثم أخرجت لنا [ البيت 1992]و [ المجريان ] و [ مكان آخر ] 1994
-
……………………………؟
** من هنا أنطلق .. من المعرفة الحسية ومن الحدس؛ فالشعر ضد التأسيس ومع الاكتشاف حتى وإن نقص ومع ملامسة السطوح .. هكذا أستفيد من كل الرؤى والثيمات والأساطير والفنون ومن الموسيقى والسينما والصور الفوتوغرافية إلى الأحلام والتقاط اليومي والفردي والجزئي والعرض لمحاولة اختلاق ألفة بيني وبينها بنفس انشغالي بالبنية الخاصة والداخلية والملامس والمساحات .
-
………………………….؟
-
** اللغة وحدها التي تأسرني وتخطط لي وتجذبني وتدهشني .. اللغة في الكتابة والتشكيل لأطرح نفسي بكاملها شعرا وفنا حيث تشدني إلى تفاصيل الحياة ويومياتها وهي تعاود تهجئة هذا الواقع على الورق في النص واللوحة ويصبح مشروع الإبداع بالأساس همي الأول ، ومن ثم يحوي مجموعة من التراكيب والإحالات والاستيحاء ويحمل هموما بقدر تمسكه بأقل الأشياء وأبسطها عبر الالتفاف إلى ما لم يلتفت إليه وخلق علاقة لصيقه بيني وبينه .
-
…………………………؟
** الإبداع بدءا من توسيع الرؤية خلال توالد اللوحات من بعضها بعضا وتوالد النصوص من بعضها بعضا وتوالدهما من بعضهما معا واختلاق حالة مكثفة تجاه الكتابة والتشكيل ليعرف كل منهما من الآخر دون الوقوع فريسة الإيحاء المباشر والانتقال من حالة إلى حالة لاكتشاف المبهر والحر وخلق علاقة دون الوقوع في لغة ضد أخرى ، الاكتشاف الحر الذي يؤسس الدهشة والإدراك .. مع الارتكاز على ادوات كل منهما مفصولا عن الآخر .
-
………………………….؟
** الاستفادة من الشعر في التشكيل والتشكيل في فضاء النص الشعري .. أعلم ان العملية الإبداعية تتحكم في الكتابة والتشكيل في فضاء النص الشعري لكن التشكيل يعطي إحساسا آخر لرؤية العين والالتقاط والإحساس بالفراغات والظل والضوء باللون والقتامة والكتل في النص الشعري مثلما يكون الشعري في اللوحة من حيث اختيارك لمادة اللون .. وللون في انسيابيته أو جموده وفي الحالة ، وفي الخط ، وفي موضوع اللوحة والملامس .
-
………………………؟
** إذن كيف أعيش في الحالة التي تسكنني أنا أعي منطق الذهاب إلى الأشياء والبحث عن تشكيل الكلام والصور الواقعة بين العادية والشعرية ومثلما هناك ثنائية مفصولة وملتصقة في ادواتي الشعرية والتشكيلية ـ فهي ملتصقة في الحالة ومنفصلة في التعبير عنها ـ إنها ثنائية تشبهني وتشبه تاريخي لهذا أجد فيها سحرا ومع ذلك لا أبحث عن خلاص في الفن ـ وهو خلاصي ـ الوحيد .
-
…………………………؟
** دائما أطرح تساؤلات على ذاتي .. هل أرسم لأنني لم أكتف بالشعر أم أن هناك حالة من طرح الذات بكاملها في الإبداع .. وأراني أحاول استمرارية التشكيل والشعر بشكل يحفظ وجودهما من الغياب وهناك قناعة أولى بان لدي ما يمكن قوله وما يمكن تشكيله .
وأن الحالة افبداعية تتشكل لديّ بأشكال عدة وعليّ ان أظهرها بالشكل الذي يمكن تعاطيه وعلى العمل الذي أقوم به أن أستكشف إضاءاته كلا على حدة .. دون الانتقاص من أحدهما أو التركيز على عمل ضد آخر والدأب في البحث لاكتشاف أماكن مظلمة داخل النفس .
-
………………………………؟
** كان الإبداع هو الكتابة ـ العالم الذي أحبه وأدخله بتباطئ تماما ولم أر سوى ذلك الضوء الخافت الذي يشدني إلى سردابه وعندما دخلته كان مختلفا تماما .. لم تعد الكتابة وحدها منغلقة على تصور وحيد .. لكنها فتحت عوالم محاذية بجانبها عوالم تفيد وتستفيد من فعل الكتابة وخلق قنوات للتعبير مختلفة في الطرح متشابهة في الحالة ومتماثلة في الروح .. بدءا من التركيز على الوجود الذي له إشاراته الأولى في التقاطه الشعري في اللحظة ذاتها الذي يمكن أن يمثل هذا الشعر في تصور مخالف للكتابة.
-
………………………… ؟
** كتابة أخرى بأدوات أخرى لكنها تغرف من الثيمة نفسها ومن الحس الشعري نفسه .. كانت الألوان ذات طبيعة تجذبني تماما وبداية حاولت الدخول إلى تجربة التشكيل كمادة تعينني على الكتابة وكنت ألوذ بها من تعدد حالات الفوضى تجاه كتابتي لكنها سرعان ما اصبحت خطا أساسيا في اختياراتي الحياتية والإبداعية .. خطا بدأ يشكل ذاته بأدواته منعزلا عن الشعر وأن التصق به وأصبح مرادفا لا تابعا .. متوازيا لا متقاطعا بنفس السقف ومن ذات المعين الذي يغترفان منه.
-
………………………….. ؟
** هكذا أورط ذاتي دائما .. حيث لم تعرف تلك الطفلة ـ أنا ـ أن الخروج ليلا يعني رؤية النفس في نور أكثر عتمة وان معنى الخوف لم يعد مختلفا كثيرا عما يؤرقها الآن .. ما يؤرقني أنا بشكل خاص هو إنتاج عمل [ شعري أو فني ] ذي وعي داخلي ينتج من خلاله نص او لوحة أو عمل إبداعي يكون فاتحة لعمل آخر .
-
………………………….. ؟
** هذا المشروع بقدر ما يضيف لي أنا بشكل خاص في بادية اتجاهي للفن كان حالة شعرية بالكامل كان ذلك الإحساس أوليا.. ينتابني إحساس بعدم اكتمال العمل الكتابي في ذاته من ناحيتين :
الأولى : بسبب عدم اكتمالي أنا بالكامل .
الثانية : عدم اكتمال العمل بدون رائحة ولو أن فراغات خاصة بالكتابة لكن بلغة الفن التشكيلي .
-
…………………………… ؟
** الفن يؤرقني في ألوانه بشكل غير محدد .. لكنه بشكل شعري حيث كنت مأخوذة بانسيابية اللون وانسيابية الحركة وشعرية الحالة.
-
…………………………….. ؟
** في فترة لاحقة كان الشعر منفصلا عن الفن قليلا من حيث أدواته التي بدأت تتطور منفصلة قليلا عن أدوات الآخر وإن استفادت كليةً بحالته.
-
…………………………….. ؟
** تداخل الفن والشعر أعطى للشعر مدى أوسع وإمكانيات أكبر مما كانت عليه.. دخول اللون والانسيابية والمساحات والفراغ والضوء فأصبحت أعمل بشكل أكثر دراسة للمحسوس اللوني والسطحي ولحسابات الفراغ في القصيدة ـ بشكل يعطي قدرة على شحن كل قدراتي الفنية لصالح الشعر وأكثر تجريدية وبحس مختلف ـ هناك عوالم أخرى فتحها التشكيل في لغتي الشعرية اللغة التشكيلية ذات الأدوات المخالفة لأدوات الشعر تعطي مساحة أخرى للشعر أن يذهب بعيدا وامتزجت مع الشعر وكونت خليطا أو تجانسا وغير مكتمل كدائرة مستحكمة الغلق بل تجعل هناك مساحات للإبداع من الفن والرسم والسينما واللقطات واللحظات الحياتية أيضا جزء من هذا الإبداع .
-
…………………………….. ؟