الدكتور سيف الهادي
في موقع أثير الاكتروني نشر الكاتب سعود الزدجالي مقالا مطولا عن كتابات المستشرق البولندي “تادايوش ليفتسكي” مركزا كما يقول على أجزائه الثلاثة الأولى، كونها كتابات تستحق العناية والدراسة، ويمكن الرجوع إلى المقال كاملا في مظانه.
وما يشغلني فيه هو الفقرة الأخيرة منه، رغم أن المقدمة التي شغلت معظم المقال، والدراسة التي تقدم بها الأخ سعود تحمل جملة من الصدوع الظاهرة إلا أن الفقرة الأخيرة مثلت لحظة الهدم، وهي بطبيعة الحال نتيجة حتمية لتلك الصدوع المتكاثرة، فالكلام وحده وإن بدا منمقا بطريقة أكاديمية لكنه عندما يكون خاليا من المنهج العلمي والحجة والدليل فلن تكون له قيمة معتبره، غير أن المشكلة هو أن يصبح لاحقا مادة علمية ومرجعا معتمدا لاتهام الأبرياء.
نحن أمة تلقت من ربها منهجا عظيما في إنصاف الخصوم ورفض كل البلاغات والأخبار التي تأتي دون حجة أو دليل، وليس من منهجنا قبول الخبر قبل البيان، فالمبدأ الذي أنقذ أمة مسلمة من خبر كاذب في قوله تعالى ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ” هو نفسه الذي أنقذ يهوديا من خبر مماثل “وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا “، وفي كلا الحالين يطالب القرآن الكريم المسلمين باتباع أقصى درجات العدل في التعامل مع البشر دون تمييز بين أجناسهم وأعراقهم وطوائفهم، ولا أجدني مضطرا لسؤال الكاتب في أي خانة يضع الإباضية الأمازيغ، ولكنه مطالب بإنصافهم على أي حال.