أقلُّ من احتضارٍ.. أدنى من شاهقٍ أعمى
محمد المهدّي – اليمن
قال, والكائناتُ على قلبهِ عدمٌ شاعريُّ النُّهى:
لي هدأةُ النَّجوى في الأغاني الممطرة, وجبالٌ من ثلوج الغربة,
ولي امرأةٌ هربت إليَّ, وامتلأت بي أربعين ليلة..
أنا من بلادٍ بعيدةٍ ومن حزنٍ قريب..
المسافة بيني وبين الحياة: أقلُّ من احتضارٍ, وأدنى من شاهقٍ أعمى..
أحداقي: صفحاتٌ من الأرق, ومدامعي: مسبحةٌ من الليالي..
****
لم يعد أيُّ شيءٍ على بالهِ, هزمَ الأرضَ بالموتِ, والحُلمَ باليأسِ. قلتُ له: ما تزال الحياة تجيد الحياة, وتنهى عن البعُدِ. قال: ابتعدْ.. لا علاقةَ ليْ بالمسافةِ, إني خلقتُ؛ لكي أتعثَّر, لا عمرَ لي, “طزّ” في كل ذلك. قلتُ: لعُمْرِك أنْ يستفيقَ, ويصحو, ويسعى إلى مبتغاه المؤجَّل. قال: جنازةُ عمريْ تُشيِّعُها امرأةٌ, وبلادٌ تجرُّعُها للخيانة أبسط من شربةِ الماء. قلتُ: ولكنها…. قال: لكنني…. قلتُ: ماذا؟؟؟؟. بكى… ثم قال: أنا…. وبكى.قلتُ: ما بكَ؟. قال: كثيرُ السُّؤالِ, كثيرُ السُّؤالِ!! فلا تسأل النَّار عن نورها, والسَّحابة عن مائها. ظلَّ يبكي, وما زال يبكي إلى الآن.
*****
وسحابة الإنســان تشربُ ماءَهُ
يُسقي الحياةَ غبـــــارَهُ وهواءَهُ
يُحييــه نهدٌ من ذهـــولِ عشيَّةٍ
وتُميتُهُ أرضٌ تُحبُّ سمـــــــاءَهُ
في مُقلَتَيْ عيســـاهُ أدمُعُ مريمٍ
تنتـــــــــابُ مريمُ آهتيهِ, نداءَهُ
ويهزُّ جُـــــذعَ صهيلــهِ مُتفرِّداً
نِعْمَ التَّوحُّدُ يرتــــــدي أرجاءَهُ
ومسافةُ المعنى بلا خبرٍ, كما
لو أنَّه يُخفي الصَّــــدى أنباءَهُ
خبرٌ على خبرٍ كـلامـــاً مُخبراً
منهُ براءتُهُ تحــــلّ دمـــــــاءَهُ
أناْ ما قتلتُ الحُـــــزنَ إلاَّ مرَّةً
حينَ استفزَّ دمُ الرِّحالِ حذاءَهُ
ســافرتُ أكثرَ من مُخيِّلتيْ إلى
قلبيْ, ولامستُ الإلـهَ, وهاءَهُ
ناديتُ أكثر من توجُّســـــهِ له
ولأهلهِ.. شاركتُهُ أسمــــــــاءَهُ