كانت هناك قرية صغيرة فيها صفات عجيبة وغريبة، ومن هذه الصفات، أن الناس يشترون مشاعرهم وأحاسيسهم، مثلما يشترون أي سلعة استهلاكية في الأسواق، فمن يريد أن يشعر بالسعادة لأي غرض، عليه أن يتوجه إلى تاجر السعادة ويشتري منه بقدر المال الذي لديه (سعادة) بحجم ما يرغب أن يعيش من السعادة للحظات، أو أيام، أو أسابيع ..ألخ، وكذلك بالنسبة للحزن والانبساط، والكآبة.
وكان هناك تُجار معروفين في هذه القرية، لا أحد يبيع المشاعر غيرهم، ولا يسمح لأي فرد من آهالي القرية أن يبيع المشاعر، فقط الذي يبيعها (تجار معروفين ومعدودين على أصابع اليد).
استغل (تجار المشاعر) أهالي القرية باحتكارهم لهذه السلعة المهمة في حياة الإنسان، فلا يوجد إنسان بلا مشاعر، ومن منا يستطيع أن يستغني عنها، سواء كانت تلك الحزينة أو السعيدة… فكسب التجار الذهب، وأصبح ثرائهم فاحش، حتى بلغ بهم الأمر أن يرفعوا أسعار المشاعر على الناس.
ضاق الحال بأهالي القرية،فحياتهم أصبحت بلا طعم، فمن أراد منهم الشعور بالفرح وليس لديه المال ليشتري فرحا، فلن يفرح، ومن أراد الحُزن على فقيد فقدهُ، أو شيِ خسره، وليس لديه المال لشراء الحُزن، فلن يحزن، وهكذا أصبح الأهالي يعيشون حياتهم كالألواح، بلا مشاعر ولا أحاسيس.
يرزق الأب بمولود جديد، فلا يبتسم ولا يفرح، لأنه لا يملك ثمن الفرح الذي بالغ التُجار في ثمنه، كما أن الأم تفقد طفلها فتريد أن تحزن عليه، فلا تملك ثمن الحزن، فلا تذرف دمعًا، ولا تعيش أرقًا، بل تعيش كلوح خشبي مرميُ وسط الطريق.
أصبحت المشاعر في هذه القرية حكرا على فئة معينة من الناس، فالأغنياء وحدهم من يستطيعون الشعور بمشاعرهم، بل أنهم كانوا يتبجحون بهذه الصفات، ويجوبون الشوارع والأسواق، تارة يقهقهون فرحًا، وتارة أخرى يعتصرون ألمًا، وكان أبنائهم يذهبون إلى مدارسهم بمشاعر سعيدة، وعندما يصابون بمكروه يتألمون بمشاعر حزينة، فقد كانوا يملكون المال لشراء المشاعر، وكيف لا يملكونها وهم من يبيعونها ويتاجرون بها في الأسواق.
للقصة بقية ،،،
الدكتور/ فاطمة بنت عبدالله