طالب الرحبي
تحية صباحية أو مسائية مفعمة بروحانية رمضانية مباركة، ربنا يتقبل منا جميعا صالح الأعمال والنيات..
• كارثة برازيلية..!
نعم ان ما حدث في مباراة البرازيل ضد الألمان يعد كارثة ، قطعاً ليس في مفهوم الفوز والخسارة فتلك هي معادلة كرة القدم المتعارف عليها، ولكن مقدار الأهداف التي مزقت شباك السيليساو البرازيلي حيث اعطتنا دلالة قوية جداً على عدم واقعية كرة القدم أو بمعنى أصح أن هذه اللعبة ليست كباقي اللعبات من حيث التوقع الحقيقي المبني على علم أو معادلة ثابتة بحيث لا تحيد عن ذلك..
فما حدث في هذه المباراة بعيد كل البعد عما سبق، من كان يصدق أن يحرز الألمان سبعة أهداف (ناهيك عن الفرص الحقيقية الضائعة) في مرمى مستضيف البطولة والفريق العريق البرازيل وفي دور نصف النهائي؟!
كلها معطيات تعطينا دلالة واضحة على استحالة حدوث هذه النتيجة الكارثية وأجزم (يقيناً) أيضاً بأن للمدرب البرازيلي سكولاري دورا رئيسيا فيما حصل، ليس في اختياره التشكيلة فحسب بل في طريقة لعبه غير المنطقية أصلا..
كيف يبادر في الهجوم وهو يعلم تمام اليقين قوة الفريق الألماني؟ وكيف يفتح المساحات في الخلف وهو يعي ضعف الدفاع البرازيلي خصوصاً مع غياب تياجو سيلفا؟
إذاً كان حرياً به أن يلعب بتوازن دفاعي وينتظر الألمان في منتصف ملعبه بتكثيف منطقة الوسط والاعتماد على المرتدات وليس العكس، كذلك كان عليه التدخل مباشرة بعد تسجيل الهدف الثاني ويعطي تعليماته للاعبي المنتخب البرازيلي بأن يتمركزوا في الدفاع والاحتفاظ بالكرة في مناطقه ضماناً لعدم ولوج أهداف أخرى في ظل المساحات التي خلقها الهجوم الألماني مع هشاشة المنظومة الدفاعية البرازيلية المهلهلة، للمحافظة (على الأقل) على وقفة الجمهور البرازيلي واستمرارية مؤازرته للاعبين، ولكن وللأسف رأينا العكس تماماً حيث بقى الوضع كما هو عليه ليحدث مالم يحمد عقباه لتسجل البرازيل أرقاما قياسية (بشكل سلبي بطبيعة الحال) على مر تاريخ بطولة كأس العالم.. نقول هاردلك لأصفر البرازيل وجماهيره في الداخل البرازيلي وخارجه، على هذه النتيجة الكارثية والتي سوف تبقى في الذاكرة الكروية على مر العصور!
• رقصة التانجو.. ما أروعها!
بدايات متواضعة في هذا المونديال للمنتخب الارجنتيني وأداء غير مقنع (رغم انتصاراته الثلاثة في دور المجموعات) ، ولكن بعد ذلك ظهرت حنكة سابيلا التدريبية، وتحديداً مع بدء الأدوار الإقصائية، حيث ظهرت لمسات المدرب التكتيكية بشكل لافت جداً, سواء من حيث طريقة اللعب أو حتى التغييرات على مستوى اللاعبين.
حيث ظهر التوازن في الأداء الأرجنتيني في كافة خطوطه وكانت الصلابة الدفاعية ماثلة، وبشكل كبير جداً في مباراتي الربع والنصف النهائيين ضد بلجيكا والطواحين الهولندية التي عطلتها بالأمس رقصة التانجو الانسيابية.
فمنذ مونديال إيطاليا 1990، لم تصل الأرجنتين لهذه الأدوار النهائية، ولكن ها هو جيل ميسي يقدم لنا وجهاً مغايراً عما عاشته منذ ذلك المونديال، ليؤهل به الأرجنتين للمباراة النهائية ضد الألمان ليعيد لنا بعضا من أيام الزمن الجميل لهذه الكرة الراقية والعريقة.
تكتيك أكثر من رائع لراقصي التانجو مكنهم من إيقاف خطورة الطواحين الهولندية بشكل مميز بالفعل، تقارب للخطوط الثلاثة وعدم وجود الأخطاء والقتالية والروح العالية جداً كلها أسباب مكـّـنت البيسيليستي من تحقيق العبور للمباراة النهائية، رغم التكهنات والتوقعات التي سبقت هذه المباراة بتأهل هولندا عطفاً على مستوياتها في هذه البطولة بكرتها الشاملة رغم بعض الاختلافات عما كنا نعرفها بطبيعة الحال، ولكن كان للأرجنتين رأيٌ آخر بسابيلا (المحنّـك) والذي أظهر جانبا مختلفا تكتيكياً في مبارياته الأخيرة، تزامناً مع انضباط تكتيكي عال لرفقاء ميسي الذين أبلوا بلاءً حسنا، فهل هناك روعة أكثر من روعة المشاركة في نهائي المونديال وعلى أرض الخصم اللدود البرازيل وفي استادها التاريخي (الماراكانا)؟!
قطعاً لا، يقينيا ذلك كان احد الأسباب القوية التي جعلت من الأرجنتينيين بذلك التوهج والقوة لعبور هولندا والمشاركة مع الألمان لثالث مرة (كلاكيت) ففي 1986 فازت الأرجنتين بقيادة مارادونا 3/2 ونهائي إيطاليا 1990 خسرته الأرجنتين بضربة جزاء وهمية من وحي خيال الحكم المكسيكي آنذاك “كوديسال” لتفوز ألمانيا بذلك اللقب، وها هو النهائي الثالث بينهما، فكيف سيكون عليه الحال؟!
أستودعكم الله الى حين!