فضاءات

الحلقة التاسعة – وقفة (2): الولاء والكفاءة في الزواج

الحلقة التاسعة – وقفة (2): الولاء والكفاءة في الزواج
الحلقة التاسعة – وقفة (2): الولاء والكفاءة في الزواج الحلقة التاسعة – وقفة (2): الولاء والكفاءة في الزواج

يكتبها: بدر العبري

هناك سؤال وجيه طالما راودني كثيرا عندما أنظر مثلا في بلدي واليمن والجزيرة العربية وغيرها ممن يتهمون بالعبيد أجد غالبهم سودا!!!

ومن المعلوم أنّ السود بطبيعتهم أكثر ألفة من البيض، فما هي الحروب التأريخية مع السود والتي كثرت عددهم مقارنة بالحروب التأريخية مع البيض؟!!! هذا على اعتبار  استرقاق البشر بهذه الطريقة!!

لقد سكن العمانيون واليمنيون والهنود في القارة السوداء، واختلطوا بأهلها، وتزاوجوا، وتكونت لغة جديدة هي اللغة السواحيلة المختلطة من أكثر من مفردات لغوية!!!

فكيف أجيز بيع هؤلاء في سوق النخاسة ويوردون إلى الجزيرة العربية وسائر أنحاء العالم، ونجد الفقهاء والعلماء والساسة والقساوسة يملكون عشرات العبيد، ويبيعونهم ويشترونهم، ألم يسأل هؤلاء أنفسهم: من أين أتى هؤلاء؟ وما الحرب التي وقعت لاستعبادهم؟!!!

وعليه ندرك الآن الخلل الذي استعبد فيه بلال وزيد وياسر وسمية وعمار وسلمان الفارسي، فلقوا الحرية عندما كان الخط القرآني غالبا فحررهم وصاروا قادة في المجتمع، وبين الخط الفقهي عندما ابتعد عن القرآن فكثر العبيد ظلما، وكان الضحية السود والله المستعان.

وعليه النظرة الاستعبادية للسود سببها النظرة الاستعلائية للبيض التي لم تخلو منها حتى المجتمعات المتقدمة إلى اليوم كما في أمريكا مثلا!!!

ثمّ لولا القانون المدني الصارم لعاد الوضع كما كان، لأن العديد مستفيد من ذلك ماليا وجنسيا، حتى جعلوا العبد مالا يباع ويشترى ويورث، فضاعت قيمة الإنسان الذاتية!!!

وقضية الولاء لا علاقة لها بقضية الاستعباد، فهي قضية تنظيمية يقابلها اليوم نظام الجنسية، وعليه استخدام هذه العبارات اليوم لا قيمة لها، لأن القبيلة فقدت صلاحيتها، وأصبحت القيادة والهيمنة للقانون والدولة تحت ظل المواطنة ونظام الجنسية المتبع عرفا ونظاما.

والقضية الأخرى قضية الكفاءة، والكفاءة من حيث المجموع الناس سواسية في أصل الخلق، وما جاء من روايات كقولهم الناس أكفاء إلا أربعة: المولى، والحجام، والنساج، والبقال، فهذه المرويات لا قيمة لها وكرامة الإنسان الذاتية.

وهذا ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم عندما أمر بتزويج زيد من قرشية وأكده القرآن الكريم ليبطل ما اعتاد عليه الناس، ومع هذا يمكن أن نقسّم الكفاءة في التأريخ والواقع إلى:

-كفاءة دينية، فلكل دين نظامه، فالمسلمون مثلا لا يجيزون الزواج من وثنية وهكذا عند الملل الأخرى، وقد دخل في هذا تأريخيا الكفاءة المذهبية في الدين الواحد.

-كفاءة عرفية تعود إلى أعراف الناس وبلدانهم، وهذا أكثر وجودها وتفريعاتها في الفقه الإسلامي.

-كفاءة شخصية ويدخل فيها المنصب والمال واللون.

-كفاءة قانونية كما يقنن اليوم في منع الزواج من الخارج إلا لسبب.

الحاصل أنّ الكفاءة في القرآن ذاتية بالإنسان إلا ما استثني بالزواج من المشركات على الأشهر منعا لرابطة التوحيد وما عدا ذلك ترجع إلى الناس وأعرافهم ولم يتدخل فيها، ولا تنسب إلى الله تعالى.

وعليه قضايا الزواج قضايا مجتمعية وعرفية، وأخيرا قضية شخصية وأسرية، ولا علاقة لها بلون الإنسان أو صنعته، ولا ينسب ذلك إلى الله، بل يعود إلى الرضا الشخصي والمجتمعي.

وإنما الله تعالى جاء لبيان كرامة الإنسان، فالرجل الأبيض والأسود سواء، ولا أحد يعلو على الآخر بسبب لون أو منصب أو جنس أو مال، فالكل سواسية، هكذا خلقهم الله، والله أنزل كتبه وأرسل رسله لتحرير العباد من الاستعباد إلى عبادة رب العباد وحده سبحانه، وما جاء بعد ذلك إنما صنعته أيدي البشر، ولا علاقة لله ورسله بذلك، ولا ينسب إلى دينهم ومنهجهم.

Your Page Title