أثير – ريما الشيخ
بين أحضان الطموح الكبير وآمال الأهل التي زُرعت في قلبه منذ الصغر، بدأ شاب عماني رحلته نحو مستقبل واعد، متسلحًا بدعوات والدته وصبر والده الذي ضحّى بالكثير ليمنحه فرصة تحقيق أحلامه.
لكنّ الحياة التي بدت كمستقبل مشرق انقلبت فجأة إلى كابوس مظلم، نتيجة لحظة طيش عابرة قادته إلى الانجراف خلف مغريات زائفة، ليجد نفسه عالقًا في دوامة من الندم والحزن. فمجرد ضعف في لحظة قد يكفي لتدمير مستقبل مليء بالأحلام.
يحكي أسعد -وهو شاب عماني طلب عدم ذكر قبيلته- لـ”أثير” قصته التي تحولت من حلم واعد إلى مأساة، بعد أن قاده الطيش والانجراف خلف ملذات زائلة إلى مصير لم يكن في الحسبان.
البداية: رحلة الأمل في الغربة
وصل أسعد إلى العاصمة التايلاندية بانكوك محملًا بالطموحات الكبيرة لتحقيق أحلامه في الدراسة الجامعية. بدعم كبير من أسرته وتضحيات والده، تمكّن من الالتحاق بإحدى الجامعات المرموقة.
بدأ أسعد حياته الدراسية بحماس واجتهاد، وشكّل مجموعة من الأصدقاء العمانيين الذين كانوا بمثابة عائلته في الغربة. استأجروا شقة سويًا، وكانوا يتشاركون الأوقات والهموم، مستندين إلى بعضهم في مواجهة تحديات الغربة.
الانحراف: لحظة طيش غيّرت كل شيء
مع مرور الوقت، تغيّرت أجواء المجموعة. بدأت السهرات المحرّمة والممارسات الخاطئة تشق طريقها إلى حياتهم، بدءًا بالتدخين وشرب الخمر، وصولًا إلى الانغماس في الرذيلة.
وفي ليلة فارقة، أصرّ أصدقاؤه على إقناعه بمرافقة شابة غريبة، وصفوها بـ”الصيد الثمين”، مشجّعين إياه بكلمات مثل “الحياة تجارب” و”الفرصة لا تُعوّض”. لم يدرك أسعد حينها أن تلك اللحظة العابرة ستصبح نقطة تحول مأساوية في حياته.
الاكتشاف الصادم: الحقيقة المؤلمة
بعد أشهر قليلة، عاد أسعد إلى عُمان لقضاء إجازة قصيرة مع عائلته. وخلال تبرعه بالدم لأحد أقاربه، جاءت الصدمة الكبرى: اكتشف الأطباء إصابته بفيروس نقص المناعة المكتسب (الإيدز).
وقع الخبر كالصاعقة عليه، وبدأ شريط حياته يمر أمام عينيه، مستعيدًا كل لحظة قادته إلى هذا المصير. تذكّر تضحيات والده، ودعوات والدته، والآمال التي عُلّقت عليه، وكيف انتهى به المطاف محطمًا في مواجهة هذه الحقيقة المريرة.
الندم والعواقب: ثمن الطيش
يعيش أسعد اليوم معزولًا عن الجميع، محاصرًا بالندم والخوف من مواجهة والده وأسرته. يتهرب من سؤال والده المتكرر عن دراسته وموعد تخرجه، مدركًا أن الحقيقة التي يخفيها ستكون صدمة لا تحتمل.
أيامه تمضي في صراع داخلي بين الرغبة في التكفير عن خطاياه والخوف من مواجهة العواقب. يطارده الشعور بالخزي، ولا يعرف كيف سيتحمل أهله عبء هذه المصيبة التي ألقاها طيشه على عاتقهم.
الدروس المستفادة: رسالة تحذير للشباب
في ختام حديثه لـ”أثير”، وجّه أسعد رسالة مؤثرة للشباب والشابات: “لا تجعلوا لحظة طيش تدمر حياتكم ومستقبلكم. تمسكوا بالقيم والمبادئ والدين الإسلامي، فهي الحصن الذي يحميكم من السقوط في الهاوية. واحذروا الصحبة السيئة التي قد تقودكم إلى الهلاك.”
العبرة: الالتزام بالقيم سبيل النجاة
تأتي قصة أسعد كدرس تحذيري لكل من تُغريه الحياة بملذات عابرة على حساب مستقبله. التمسك بالمبادئ والقيم الإسلامية ليس فقط واجبًا دينيًا وأخلاقيًا، بل هو أيضًا السبيل لضمان حياة مليئة بالسلامة النفسية والجسدية، وتحقيق الأحلام في مسارها الصحيح.