رصد - أثير
إعداد - ريما الشيخ
وافقت السلطات الصحية في المملكة المتحدة رسميًا على استخدام حقنة علاجية فائقة السرعة تُعد الأولى من نوعها في أوروبا، تُستخدم لعلاج أكثر من 15 نوعًا من السرطان خلال مدة لا تتجاوز خمس دقائق، وتمثل هذه الخطوة نقلة نوعية في علاج مرضى السرطان، عبر اختصار وقت الجلسات العلاجية التي كانت تتطلب سابقًا من 30 إلى 60 دقيقة باستخدام التسريب الوريدي التقليدي.
آلية عمل الحقنة
تعتمد هذه التقنية على عقار نيفولوماب (Nivolumab)، أحد العلاجات المناعية التي تُستخدم لمساعدة الجهاز المناعي على التعرف على الخلايا السرطانية ومهاجمتها. ويعمل الدواء عن طريق تثبيط بروتين PD-1 الذي تستخدمه الخلايا السرطانية لتعطيل الجهاز المناعي.
الجديد في هذه الصيغة هو طريقة الإعطاء؛ إذ أصبحت تُحقن تحت الجلد في البطن أو الفخذ، بدلاً من الوريد، باستخدام تركيبة خاصة تتيح امتصاص الدواء بسرعة دون التأثير على فعاليته.
أنواع السرطان المشمولة
تشمل قائمة الأمراض التي تُعالج بهذه الحقنة: سرطان الرئة، والكلى، والمثانة، والقولون، والمريء، والجلد (الميلانوما)، والرأس والعنق، إضافة إلى أنواع أخرى من الأورام الصلبة.
وتعادل هذه القائمة ما كان يُعالج سابقًا باستخدام نيفولوماب الوريدي، مما يوفر خيارًا أسرع وأكثر راحة للمريض.
دوافع التطوير
جاء تطوير هذا الابتكار الطبي استجابة للحاجة المتزايدة إلى تقليص وقت العلاج وتخفيف الأعباء عن مرافق الرعاية الصحية، كما أن هذه الخطوة تساعد المرضى على تجنب الجلوس لفترات طويلة في وحدات العلاج الكيميائي، مما يرفع من جودة تجربتهم العلاجية. وتُعد أيضًا مساهمة مهمة في تقليل قوائم الانتظار وزيادة كفاءة استخدام الوقت لدى الفرق الطبية.
تاريخ التطوير والموافقة
بدأ العمل على تطوير هذه الصيغة في عام 2021 من قبل شركة الأدوية الأمريكية Bristol Myers Squibb، وبعد نتائج إيجابية من تجارب سريرية متعددة، حصلت الشركة على موافقة هيئة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية البريطانية (MHRA) في أبريل 2025.
تلت ذلك موافقة هيئة NHS على تقديم العلاج للمرضى في مرافقها، لتصبح بريطانيا أول دولة أوروبية تُوفر هذه الحقنة بشكل رسمي ضمن خدماتها الصحية.
موقف السلطات الصحية
أشادت هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) بهذا التطور، مؤكدة أن المرضى المؤهلين سيتلقون الحقنة مجانًا، دون أي تكلفة إضافية، ضمن اتفاقية مبرمة مع الشركة المصنعة.
وصرّح البروفيسور بيتر جونسون، المدير الوطني السريري للسرطان، أن هذا التقدم سيُقلص أوقات العلاج بشكل كبير، ويتيح تقديم الرعاية لعدد أكبر من المرضى.
من جانبها، أكدت هيئة NICE أن التحول إلى الحقن تحت الجلد لا يُقلل من فعالية الدواء ولا يرفع تكلفته مقارنة بالصيغة الوريدية، وبالتالي فإنه لا توجد موانع لاعتماده سريريًا ضمن البروتوكولات العلاجية الحالية.
نتائج التجارب السريرية
أظهرت نتائج الدراسات السريرية، مثل تجربة CheckMate-67T، أن الحقنة تحت الجلد تؤدي نفس نتائج التسريب الوريدي من حيث فعالية محاربة السرطان، مع معدلات مماثلة في السيطرة على المرض، كما لم تُظهر الدراسات أي زيادة في الأعراض الجانبية الخطيرة، باستثناء تفاعلات موضعية خفيفة في موقع الحقن مثل الاحمرار أو الحكة.
كما أبدى المرضى رضاهم عن التجربة العلاجية الجديدة، إذ عبر العديد منهم عن ارتياحهم لاختصار مدة العلاج والحد من الإزعاج المرتبط بتركيب المحاليل الوريدية.
الانتشار العالمي المتوقع
تُعد الولايات المتحدة الأمريكية أول من وافق على هذا العلاج في أواخر 2024، وتبعها الاتحاد الأوروبي بتوصية إيجابية من وكالة الأدوية الأوروبية، ومن المتوقع أن تبدأ دول كبرى مثل ألمانيا، وفرنسا، وكندا في اعتماد العلاج خلال الأشهر المقبلة.
الأسعار والتكلفة
رغم أن نيفولوماب يُعد من الأدوية المكلفة عالميًا، إلا أن الحكومة البريطانية ضمنت أن يكون متاحًا دون مقابل للمرضى عبر نظام NHS، وبنفس تكلفة العلاج الوريدي، أما في الدول الأخرى، فستعتمد التغطية على نظام التأمين الصحي المتبع، مع توقعات بإبرام اتفاقيات سعرية لتيسير الحصول عليه.
الأثر على المرضى والرعاية الصحية
تُعد هذه الحقنة تحولًا في طريقة تقديم علاجات السرطان، حيث تمنح المرضى وقتًا أكثر خارج المستشفى، وتُقلل من فترات الانتظار، وتُعزز كفاءة الفرق الطبية. كما أنها خطوة تواكب رؤية بريطانيا لتكون رائدة في الابتكار الصحي، خاصة في رعاية مرضى الأورام.
المصادر:
NHS
NICE
BBC
The Guardian
The Independent
Bristol Myers Squibb