أثير - مازن المقبالي
حذر خبير علم النباتات سيف بن عامر الحاتمي من التهديدات البيئية التي تواجه شجرة “المزي” المعروفة علميًا باسم Prunus arabica، مشيرًا إلى أنها تُعد من الكنوز النباتية المنسية التي تنمو في أعالي جبال محافظة مسندم، وتمثل جزءًا أصيلًا من الموروث البيئي والثقافي لسكان الجبال في سلطنة عمان.

وأوضح الحاتمي في حديث مع ”أثير“ أن الشجرة، المعروفة أيضًا باسم اللوز العربي من الأنواع الخشبية المعمرة، وتنمو في المناطق الجبلية الوعرة والسفوح الصخرية على ارتفاعات تتراوح بين 850 و 1600 متر فوق سطح البحر، وتتميز بخصائص نباتية فريدة، إذ يصل ارتفاعها إلى نحو أربعة أمتار، ولها لحاء بني وساق رفيعة ملساء، وتزهر بين شهري فبراير وأبريل بأزهار بيضاء إلى وردية اللون.

وأضاف أن ثمار الشجرة، وهي نووية الشكل، تبدأ بلون رمادي مخضر وتتحول إلى بني مخضر عند النضج، بينما تنتج فروعها صمغًا طبيعيًا بلون العسل، كان يُجمع قديمًا للاستهلاك ويُعتقد أن له فوائد صحية خصوصا للمعدة.


وأشار الحاتمي إلى أن شجرة “المزي” أدت دورًا مهما في حياة سكان جبال مسندم عبر أجيال، حيث استخدمت ثمارها كمصدر غذائي تقليدي، كما استُخدم خشبها في صناعة الأدوات الزراعية والعصي التقليدية المعروفة محليًا بـ”الجرز”. بينما وفرت الظل للمساكن المؤقتة خلال مواسم الرعي، وكانت السيقان الجافة تُستخدم كوقود صديق للبيئة في أفران الخبز التقليدية.

ولفت إلى أن هذه الاستخدامات ما تزال حاضرة في بعض القرى الجبلية، حيث يفضل السكان خشب “المزي” لكونه يحترق ببطء ويصدر دخانًا قليلًا؛ ما يجعله مثاليًا للاستخدام داخل المنازل.
وبيّن الحاتمي أن شجرة “المزي” تواجه تهديدات بيئية متزايدة، أبرزها الجفاف الناتج عن التغير المناخي، والذي أدى إلى ضعف تجددها الطبيعي، حيث لم تُرصد نماذج نامية جديدة في مواقعها المعتادة؛ ما يُنذر بخطر تناقصها المستمر. كما أسهم الرعي الجائر والتوسع البشري في تدهور موائلها الطبيعية، وسط غياب برامج واضحة لإعادة الإكثار والحماية.
وشدد خبير النباتات على ضرورة التحرك العاجل لحماية هذا النوع النباتي، الذي لا يمثل فقط عنصرًا بيئيًا مهمًا، بل يُعد رمزًا للهوية الثقافية لسكان الجبال، مؤكدا بأن تراجع استخداماتها التقليدية نتيجة تغير أنماط الحياة، يُهدد أيضًا بانقراض المعارف الشعبية المرتبطة بها، داعيًا إلى توثيق هذه المعارف وإدراج الشجرة ضمن أولويات الحفاظ البيئي في سلطنة عمان.