أثير - أحمد الحارثي
في توقيت ضيّق لا يحتمل الترف ولا التجريب، أعلن الاتحاد العماني لكرة القدم تعاقده مع المدرب البرتغالي كارلوس كيروش لقيادة المنتخب الاول في الملحق الآسيوي المؤهل إلى نهائيات كأس العالم 2026، خلفاً للمدرب الوطني رشيد جابر. قرار جاء في لحظة مفصلية، تتشابك فيها التطلعات مع تحديات الواقع، حيث لا متسع للمناورة ولا متّسع للخطأ.
كيروش، الذي سبق له تدريب منتخبات إيران ومصر وكولومبيا وقطر، يجد نفسه اليوم في مهمة معقدة، لا بسبب صعوبة الملحق فحسب، بل بسبب الظروف المحيطة بالمشهد الكروي المحلي. فمباريات الملحق تُقام في أكتوبر المقبل، بينما لم يُستأنف الموسم الكروي بعد، ما يحرمه فعلياً من فرصة كافية لمتابعة اللاعبين، أو يحدها بجولة أو اثنتين فقط قبيل الاستحقاق.
وفي هذا السياق، كانت جريدة عمان في ملحقها الرياضي الصادر في 29 يونيو الماضي، قد أشارت إلى مقترح بإطلاق مسابقة “كأس الاتحاد” في أغسطس كبداية إعداد للموسم الجديد، في محاولة لتوفير أرضية تنافسية مبكرة. لكن المقترح يتقاطع مع مطالبات عدد من أندية دوري النخبة بتأجيل انطلاق الدوري إلى منتصف سبتمبر، ما يضيف طبقة أخرى من التحدي أمام الجهاز الفني الجديد، في ظل غموض جدول الإعداد الفني وازدحام الرزنامة.
ورغم ضيق الوقت، قد يشكّل تعيين المدرب الوطني حمد العزاني، مدرباً لمنتخب الشباب ومساعد كيروش المؤقت في مباريات الملحق، رافعة فنية مهمة. فخبرته المحلية، ومعرفته الدقيقة باللاعبين، يمكن أن تسهم في تقليص فجوة الزمن والمعلومة، وتساعد في رسم صورة واقعية لاختيار العناصر الأنسب.
ورغم ما يحمله كيروش من سجل فني وتجارب دولية متعددة، إلا أن محطاته التدريبية لم تخلُ من التحديات، حيث لم يُكمل مهامه في أكثر من منتخب. وهي ملاحظة لا تقلّل من كفاءته، لكنها تضع المشهد في ميزان التأمل والتريّث، لا التقييم المسبق.
فالنجاح هنا لا يُبنى على الاسم وحده، بل على قدرة الطاقم الفني على التقاط نبض الفريق بسرعة، ومواءمة الواقع مع الطموح، وبناء توليفة متماسكة في ظرف استثنائي. الجمهور، بدوره، لم يعد منجذباً للأسماء الكبيرة بقدر انجذابه للمنهج، ولما يمكن ترجمته إلى أداء ومنافسة حقيقية.
وسط هذا الضغط، لا نملك سوى التمنّي بأن يكون القرار ثمرة قراءة واقعية دقيقة، لا مجرد استجابة للظرف. وأن يجد المنتخب في هذه المحطة فرصة لإعادة ضبط البوصلة، وتجاوز رهانات الوقت، من أجل حلم لم يُلغَ، لكنه بات أكثر وعياً بما يتطلبه.
فالتاريخ لا ينصف القرارات حين تُتخذ… بل حين تُختبر.