الأولى

من جزر المحيط الهادئ إلى صلالة، إليك أهم ما يميّز فاكهة الخبز

فاكهة الخبز

رصد - أثير

إعداد - ريما الشيخ

شهدت ولاية صلالة بمحافظة ظفار إدخال محاصيل استوائية نادرة ضمن مزرعة رزات السلطانية، التي أصبحت محطة جذب لافتة بعد أن فُتح مسارها السياحي للزوار بأمر سامٍ. ومن بين هذه المحاصيل ظهرت فاكهة الخبز، التي انضمت إلى قائمة طويلة من الثمار الزراعية مثل الأفوكادو وتفاح جاوة والشمام، في خطوة تعكس توجهًا متناميًا نحو تعزيز التنوع الزراعي وربط الزراعة بالقطاع السياحي.

المسار السياحي بمزرعة رزات السلطانية

وإذا كانت هذه الثمرة قد وجدت موطئ قدم لها في الأراضي العمانية، فإن قصتها تكشف عن تاريخ طويل وقيمة غذائية عالية جعلتها محط أنظار خبراء التغذية والبيئة حول العالم، حيث تُعرف فاكهة الخبز علميًا باسم Artocarpus altilis، وهي تنتمي إلى فصيلة التوتيات، ويُرجَّح أن موطنها الأصلي يعود إلى جزر المحيط الهادئ حيث زرعها المستوطنون البولينيزيون منذ قرون طويلة، قبل أن تنتقل لاحقًا إلى الكاريبي وآسيا وإفريقيا ضمن محاولات الاستعمار الأوروبي توفير غذاء رخيص للعبيد، ومع مرور الزمن، أصبحت هذه الثمرة جزءًا من الموروث الغذائي والثقافي في العديد من المجتمعات الاستوائية.

فاكة الخبز (مصدر الصورة : عربي بوست)

وتتميز فاكهة الخبز بخصائص غذائية تجعلها غذاءً شبه متكامل، إذ تحتوي على نسبة مرتفعة من الكربوهيدرات المعقدة، كما أنها خالية من الدهون تقريبًا ولا تحتوي على الكوليسترول، إلى جانب أنها غنية بالألياف والعناصر المعدنية الأساسية مثل البوتاسيوم والمغنيسيوم.

ووفقًا لموقع Health.com، فإن الفاكهة توفر أيضًا الأحماض الأمينية الضرورية للجسم، وهو ما يجعلها غذاءً يمكن أن يسد احتياجات أساسية في المجتمعات التي تعاني من نقص الموارد. كما يصفها خبراء التغذية بأنها “سوبرفود المستقبل”، كونها تدمج بين الفائدة الصحية وسهولة الزراعة، فضلًا عن كونها محصولًا صديقًا للبيئة قادرًا على مقاومة الظروف المناخية الصعبة مثل الجفاف وارتفاع درجات الحرارة.

فاكهة الخبز (مصدر الصورة : موسوعة عريق )

من الناحية البيئية، يرى باحثون أن فاكهة الخبز قد تشكل جزءًا من الحلول المطروحة للتكيف مع التغير المناخي، فهي تنمو في التربة الفقيرة والمالحة، وتتحمل الأعاصير والرياح العاتية، ما يجعلها خيارًا استراتيجيًا للدول الجزرية الصغيرة والبلدان النامية التي تواجه تهديدات بيئية متزايدة، ففي تقرير لمجلة Wired، جرى التأكيد على أن زراعة هذه الفاكهة يمكن أن تعزز الأمن الغذائي وتوفر مصدر دخل مستدام، خصوصًا في المجتمعات الساحلية المعرضة للتغيرات المناخية، كما أن منظمات مثل Trees That Feed تعمل على توزيع شتلاتها في جزر الكاريبي وأفريقيا، ضمن برامج لإعادة التشجير ودعم التنمية المحلية.

فاكهة الخبز (مصدر الصورة : جريدة الراية)

أما على الصعيد الثقافي، فقد ارتبطت فاكهة الخبز بالهوية الغذائية لشعوب المحيط الهادئ، حيث كانت جزءًا أساسيًا من نظامهم الغذائي التقليدي، وتُستخدم في أطباق متنوعة سواء عن طريق السلق أو القلي أو التحميص وحتى الطحن لإنتاج دقيق خالٍ من الغلوتين، وفي هاواي، أعيد إحياء زراعتها بفضل مبادرات يقودها Breadfruit Institute، الذي يسعى إلى تعزيز حضورها في المطبخ المحلي وربطها بالاستدامة البيئية، وقد نقلت صحيفة Le Monde الفرنسية تقريرًا عن جهود المجتمعات الهاواية لإعادة الاعتبار لهذه الثمرة بوصفها رمزًا للغذاء المحلي والتوازن مع الطبيعة.

وفي الاستخدامات العملية، لم تقتصر فائدة شجرة الخبز على ثمارها فحسب، إذ يُستفاد من خشبها الخفيف في صناعة القوارب والأثاث والآلات الموسيقية، كما يُستخرج من لبها صمغ طبيعي يُستخدم في أعمال البناء واللصق، أما أوراقها الكبيرة فقد استُخدمت تاريخيًا في أغراض طبية وشعبية، ووفقًا لموسوعة Britannica، فإن هذه الشجرة تمثل نموذجًا مثاليًا للنباتات المتعددة الاستخدامات التي تجمع بين الغذاء والدواء والمواد الخام.

فاكهة الخبز (مصدر الصورة : The Fashiongton Post)‏

في ضوء هذه المعطيات، يذهب خبراء الزراعة والتغذية إلى اعتبار فاكهة الخبز واحدة من الثمار التي يمكن أن تلعب دورًا حاسمًا في المستقبل، ليس فقط كغذاء مغذٍ وصحي، وإنما كخيار استراتيجي يدعم جهود الأمن الغذائي العالمي في مواجهة التحديات البيئية والاقتصادية.

المصادر:

  • جريدة عمان
  • مجلة فود آند واين (Food & Wine)
  • مجلة وايرد (Wired)
  • موقع هيلث (Health.com)
  • موسوعة بريتانيكا
  • صحيفة لوموند الفرنسية
Your Page Title